الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهرمونات بريئة والدماغ هو المسؤول

الهرمونات بريئة والدماغ هو المسؤول
27 مارس 2008 03:05
نحو 188 استراتيجية توجيهية تسهم في قيادة الطلبة المراهقين الى النجاح الأكاديمي، يضعها كتاب ''أسرار تفكير المراهق'' للباحثة شيريل فينشتاين بعهدة الآباء والاختصاصيين في مجال علم النفس التعليمي، في مسيرة اكتشاف المراهق، والتواصل معه، بعيداً عن المعتقدات المقولبة والمراس الصعب· يبرز الكتاب الذي صدر بالأجنبية عن دار ''كوروين برس''، ومترجماً الى العربية عن الدار العربية للعلوم (ترجمه حسّان ثابت)، الأسباب التي تجعل من المراهق نموذجاً متقلباً، حاد الطباع، سريع الغضب ومعقود اللسان· تخمّن المؤلفة أنه قديماً كان العلماء يردون التغيير الذي يطرأ على سلوك المراهق الى الهرمونات والمجتمع والرغبة في الإبحار عكس التيار· إلا أن التطورات الحديثة في تكنولوجيا تصوير دماغ المراهق، تدحض التوقعات التي كانت تبني فرضياتها على أساس أن نمو الدماغ ينتهي مع نهاية مرحلة الطفولة، وذلك لصالح البيانات الجديدة التي تظهر بأن الدماغ يمر بتطورات كبيرة في مرحلة المراهقة· يعني ذلك بأن معلمي المرحلة الثانوية ممن كانوا يعتقدون بأن دماغ المراهق عبارة عن منزل فارغ بحاجة الى التجهيزات، بات عليهم مخاطبته بأساليب أكثر حداثة وفق رؤية تسهّل فهم دماغ المراهق على أنه منزل في حاجة الى جدران وأسلاك وسقف· الطفل والمراهق تؤكد المؤلفة في تقديم بحثها المطوّل الذي يسعى الى أنسب الطرق للتواصل مع مراهقي اليوم، أن الدماغ، وليس الهرمونات، مسؤول بالدرجة الأولى عن تصرفات المراهقين التي يتعذر تفسيرها· كما أن الذاكرة قصيرة المدى تزيد بنسبة ثلاثين بالمئة أثناء فترة المراهقة· أما الأنشطة التي تستغرق وقت وطاقة المراهقين، فتبقى هي المؤثرة على أنشطتهم في فترة البلوغ· وكذلك تسيطر المشاعر في تلك المرحلة أكثر من المنطق· يشرّح الكتاب دماغ المراهق من زاوية السؤال: ما الفرق بين المراهق عندما يصير بالغاً، وبين المراهق عندما كان طفلاً؟· تأتي الاجابة بضرورة ذهاب الآباء وأهل الاختصاص الى حيث لم يذهب الآخرون، وذلك للوقوف على تفرّد الدماغ الذي يملأ الفترة الانتقالية بين الطفولة ومرحلة البلوغ· عندها يسهل فهم المراهق في تصرفاته التي تبدو غير مسؤولة وغير منطقية مقارنة مع من هم أكبر أو أصغر سناً منهم· توضح شيريل: ''تعتبر الفصوص الجبهية في الدماغ مسؤولة عن ترويض الطبيعة المتمردة بداخلنا، وتكسبنا الصبغة الانسانية وتظهر أفضل ما فينا· وفي الوقت نفسه، تربطها صلة وثسقة بالأميجدالا (العضو المتحكم في المشاعر الهوجاء لدى الانسان)، حيث تنبع السعادة والغضب والخوف من هذه المنطقة فائقة القوة التي تقع على بعد بوصات قليلة من الأذن في المركز السفلي من الدماغ· وعند تدفق المعلومات، يستجيب دماغ المراهق على نحو مختلف تماما عن دماغ الشخص البالغ، حيث يعتمد البالغون على الفصوص الجبهية أكثر من اعتمادهم على الأميجدالا، ومن ثم، يستجيبون بعقلانية مع ما يتلقونه· أما المراهقون فيعتمدون على الأميجدالا أكثر من الفصوص الجبهية، ويحتكمون الى مشاعرهم في التعامل مع ما يتلقونه، وهذا هو سبب القرارات الخاطئة التي يتخذونها كالذهاب الى السوق بدلا من أداء واجباتهم المنزلية، واستجاباتهم العاطفية المفرطة تجاه الأمور العادية، وبعض الملاحظات مثل ''أكرهك'' أو ''لا تُملِ عليّ ما أفعله''· تسعى شيريل، في بحثها، الى إبراز الفروقات الأساسية بين المراهقين والبالغين من حيث الدماغ والسلوك، ومن ثم تطرح فرضياتها حول كيفية توجيه الفروقات بما يخدم ايجاد بيئة دراسية أفضل من الناحية الأكاديمية والشعورية· تقيّم أسئلة من مثل: لماذا يجيب المراهقون في الصف من دون تفكير؟ لماذا يغلبهم النعاس بحلول الحصة الثالثة؟ لماذا يعارضون بشدة أداء واجباتهم المنزلية أو يجادلون باستماتة عند لومهم على الدرجات التي فقدوها في امتحاناتهم؟، بالتحليل الآتي: ''هم لا يقومون بذلك عمداً· كل ما يقومون به هو أنهم يحاولون التأقلم مع جو المدرسة التي يصممها ويديرها الأشخاص البالغون من منظور أحادي وبعقلية تختلف تماماً عن عقلية المراهقين''· الذكر والأنثى بين الذكر والأنثى فروقات يفهمها العلم الحديث بأنها ناجمة عن شيء ما في الدماغ· يترجم الاختلاف بمقارنة المادة البيضاء الموجودة في دماغ الذكر بنسبة تفوق تلك الموجدودة في دماغ الأنثى، في حين أن دماغ الأخيرة يحتوي على نسبة أكبر من المادة السنجابية مقارنة مع دماغ الذكر· تشرح شيريل: ''من المفترض أن تمكّن المادة البيضاء الرجال من نقل المعلومات بسهولة الى كافة أجزاء الدماغ، الأمر الذي يزيد بدوره من قدراتهم المكانية ويمنحهم التميّز من حيث التفكير المستفيض وحل المسائل الرياضية والتركيز على الهدف· في حين أن وفرة المادة السنجابية الموجودة في دماغ الإناث تتيح لهن المزيد من الفعالية في التفكير، وقدرة أكبر على معالجة المعلومات، والتي من الممكن أن تفسّر تلك المهارات اللغوية القوية المتوافرة لدى الإناث، وقدرتهن على الانغماس في عدة أنشطة في آن· ''هل البلوغ بالفعل ظاهرة مردها الى الدماغ أكثر من الجسم؟''· تجيب شيريل بأن الهرمونات تلعب دورا مهما في عملية التحول من طفل الى بالغ، لكن الدماغ هو الذي يبدأ هذه العملية، ذلك أن هورموني التستوستيرون والاستروجين يسهمان ليس فقط في نمو شعر الجسم وتخشّن الصوت، ولكن أيضاً في التأثير على بنية الدماغ· ولا يقتصر تأثير مرحلة البلوغ على تعقيد حياة المراهقين من خلال حدوث تغيرات جسمانية كبيرة فضلا عن التغيرات التي تحدث لعقولهم فقط، بل قد يكون للتوقيت الزمني لمرحلة البلوغ آثار مستمرة على الصحة العقلية لأحد المراهقين بالاضافة الى البيئة الاجتماعية وفترة الانتباه· فبالنسبة لمن حدث له نمو بدني مبكر فغالبا ما يواجه ضغوطا تدعوه للتصرف كشخص أكبر منه في السن بأعوام كثيرة، في حين أن الذين واجهوا مرحلة بداية البلوغ متأخرا في الغالب لا يعاملهم أصدقاؤهم بجدية أو لا يعاملونهم على أنهم بالغون· ولذلك فإن ادراك مدى تأثير التوقيت الزمني لمرحلة بداية البلوغ على المراهقين سيساعد الآباء والمدرسين على التعامل معهم بمزيد من التفهم· تختم شيريل بحثها بالاشارة الى أن تدريس المراهقين مهنة صعبة، ولكنها مثمرة، في الوقت الذي أصبح فيه العالم أصغر، وأصبحت الأنشطة التي نقوم بها ذات صبغة عالمية بشكل أكبر· من هنا نجد أن المعلمين يغيرون العالم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وذلك في كل مرة يغيرون فيها مراهقاً واحداً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©