الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عاتكة أم الخلفاء

29 سبتمبر 2007 22:46
هي عاتكة بنت الخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وزوجة الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، امرأة عاصرت جملة من الأحداث، وعكست سيرتها وقائع يختلط فيها الفساد بالعظمة، وتطغى فيها الأثرة على الإيثار، ولدت في منتصف القرن الاول الهجري في حياة جدها معاوية أول خلفاء بني أمية، وأمها هي أم كلثوم بنت عبدالله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن عبد شمس، فهي قرشية أباً وأماً، وتربت في قصر الخلافة وسط إخوتها الثمانية عشر -13 ذكراً و5 إناث- حتى وصلت لسن الزواج في الوقت الذي كانت فيه الدولة الاسلامية تموج بخلافات شديدة وخاصة بعد موت يزيد عام 64 هجرية وقد تبعه في الخلافة ابنه معاوية الثاني ولكنه لم يلبث إلا 40 يوما حتى خلع نفسه من الخلافة واضطربت احوال بني أمية، وبايع الناس لعبدالله بن الزبير في مصر والحجاز والعراق وخاف ابن الزبير من نفوذ مروان بن الحكم كبير الأمويين في ذلك الوقت فأخرجه من المدينة هو وأهله فاتجهوا الى الشام وهناك لموا شملهم وجمعوا قوتهم وأعلنوا الحرب على ابن الزبير والتي انتهت بقتله واستتب أمر الخلافة لمروان بن الحكم عام 65 هجرية وكان لمروان أحد عشر ولدا ذكرا اكبرهم عبدالملك، وقد أراد ان يؤلف قلوب بني عمه من السفيانية فتزوج هو من أم خالد أرملة يزيد، وخطب عاتكة بنت يزيد لابنه عبدالملك، وببركة هذا الزواج اجتمع شمل السفيانيين والمروانيين وكانت العروس في سن السادسة عشرة وعبدالملك في سن الاربعين فهو في سن أبيها وله أولاد من نساء أخريات، ولم تمر سنتان حتى ولدت له ولدين هما: مروان ويزيد، وقد حرص عبدالملك بعد ان تولى الخلافة خلفا لوالده على ان يجعل الخلافة في أحد ابني عاتكة نظرا لحبه الشديد لها وقد أخذ عهدا على ابنه سليمان بذلك والذي بايع لأخيه يزيد أحد ابني عاتكة· رموز النساء عاشت عاتكة في دمشق تتعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وترويه لمن حولها وتعلمه لولديها كما تعلمت كل ما أتيح لها من اخبار العرب وتاريخهم وشعرهم، وقد اهتمت كثيرا بالشعر والشعراء شأنها شأن عظيمات النساء في عصرها امثال عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين، وقد كان مجال عائشة وسكينة ما بين الحجاز والعراق، وكان مجالها هي الشام عاصمة الخلافة الاموية، وكن جميعا من رموز النساء في ذلك العصر، وكان الشعراء ينشدون فيهن ويمدحوهن في قصائد كاملة، وقد تخصص الشاعر عبيد الله بن قيس الرقيات في مدح عاتكة منذ ان كانت فتاة في ربيع عمرها، وكانت حريصة على ان تراقب كل ما يصدر عنها من قول او فعل واذا اخطأت بكلمة تكفر عنها بعتق 40 رقبة، وورثت عاتكة عن أبيها أموالا وضياعا كثيرة وكان زوجها يراقب اموالها ويخاف ان تبددها هنا وهناك فطلب منها ان تهبها في حياتها لابنيها وألح في الطلب ولكنها رفضت وفكرت في اخوتها واخواتها واولادهم وفتشت عن الفقراء منهم ووزعت عليهم اكثر اموالها ولما توفي اخوها عبدالله بن يزيد ترك بنتين فكانت هي الكفيلة لهما· مشاركة سياسة وعسكرية وشاركت عاتكة برأيها وفكرها في كثير من المواقف السياسية والعسكرية في عصرها، وعندما تولى عبد الملك بن مروان الخلافة رفض مصعب بن الزبير أمير العراق ان يبايع عبدالملك فما كان منه إلا ان اعلن الحرب ضد ابن الزبير، وتجهز للخروج ودخل على زوجاته وابنائه لتوديعهم ثم اتجه الى عاتكة وقد علمت بمقصده فوقفت ضد خروجه بنفسه حتى لا يتعرض للخطر وأشارت عليه ان يسند هذا الأمر لأحد قادته ولكنه لم يأخذ برأيها وخرج لقتال مصعب وكان النصر حليفا له وقتل مصعب وابنه، ولإعجاب عبدالملك بمصعب قال عند ما رأى رأس مصعب وقد فصلت عن جسده: متى تلد قريش مثل مصعب؟ وعندما علمت عاتكة بذلك حزنت كثيرا وقد وقفت ضد زوجها عندما علمت برغبته في ان يطاف برأس مصعب في كل مدن الشام واعتبرت ذلك ظلما بعيدا عن الانسانية فأخذت الرأس فغسلته ودفنته وقد رضخ زوجها لها هذه المرة· 12 خليفة وبعد وفاة عبد الملك عاشت عاتكة بعيدا عن مشكلات الحكم طيلة مدة حكم الوليد بن عبدالملك التي دامت 10 سنوات ثم خلافة سليمان التي دامت 3 سنوات ثم خلافة عمر بن عبدالعزيز، وعندما توفي تولى يزيد بن عاتكة الخلافة عام 110 هجرية وقد انصرف الى اللهو والتمتع بالجواري ولم يكن للأم أي أثر في توجيه الابن مع انها كانت تحاول ان يكون لها موقف في عهد زوجها فقد عزفت عن اداء هذا الدور، ومات يزيد حزنا على جارية وتولى من بعده ابنه الوليد الذي سار على نهج ابيه حتى قتل على ايدي بني امية وكانت عاتكة وقتها قد تخطت الثمانين من عمرها وقد تأهبت لرحلة النهاية فماتت في نفس العام الذي قتل فيه حفيدها الخليفة وهي بذلك تعد الوحيدة من بنات الملوك التي كان لها اثنا عشر خليفة فهي حفيدة خليفة وابنة خليفة وزوجة خليفة وأم خليفة وجدة خليفة وأخت خليفة وقد كان حماها خليفة وبنو زوجها الاربعة خلفاء·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©