الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدنانير سجلت صراع السلطة في الهند

الدنانير سجلت صراع السلطة في الهند
29 سبتمبر 2007 22:50
ما إن توفي معز الدين محمد بن سام الغوري سلطان الهند الشهير عند نهاية القرن السادس الهجري ''12م'' حتى كان مماليكه الأتراك يؤسسون دولة مستقلة أدارت أملاك الغوريين في بلاد الهند والسند والأفغان قرابة قرن من الزمان· وقد عرفت هذه الدولة في كتابات المؤرخين باسم دولة المماليك وأحيانا أطلقت عليها تسمية الدولة الخلجية نسبة لأشهر ملوكها علاء الدين الخلجي· ويعتبر قطب الدين أيبك اول سلاطين هذه الدولة المملوكية وجلس على عرش الهند في عام 605هـ ''1206م''· وقد توالى على عرش الدولة المملوكية بالهند عدد من السلاطين كلهم من اصول تركية ومن اشهرهم ''بغراخان'' الذي جلس على عرش البلاد من بعده ابنه كيقباذ· وقد أعاد فيروز شاه وكان في السبعين من عمره تنظيم الدولة ودافع ببسالة عن حدود دولته التي تعرضت لغزو جحافل المغول وأسر منهم بضعة آلاف عند ضواحي دهلي وانزلهم هناك بعد دخولهم الاسلام حيث عرفوا بالمسلمين الجدد· ولكن الضاحية التي نزل بها هؤلاء اصبحت بؤرة للتآمر والاضطرابات واختل الأمن في الهند مما دفع الامير علاء الدين الخلجي فاتح الدكن الى قتل عمه العجوز فيروز شاه واستولى على عرش البلاد في عام 695هـ ''1295م'' وشرع علاء الدين في محاربة المغول حتى ردهم على اعقابهم في عام 705هـ وما إن حل العام التالي حتى كان سلطان علاء الدين قد امتد من البنجاب الى البنغال ومن جبال الهيملايا الى تلال الوندهايا وهي رقعة جغرافية واسعة اصطلح على تسميتها في العصور الوسطى بالهندوستان· وواصل علاء الدين جهوده السابقة لإخضاع الدكن فأرسل جيشا تحت قيادة مملوكه ''كافور'' فاستولى على ''مالوه'' و''الكجرات'' اعظم اقاليم الهند التجارية وأغناها وواصل مطاردة اكبر امراء الهندوس ''راي كران'' حتى وقع في الأسر، وبدلا من الاستمرار في الصراع قام علاء الدين بتزويج ابنه وولي عهده خضرخان بابنة الامير الهندوكي الذي عاد معززا الى اقليمه· وبفضل جهود كافور الحبشي القائد العسكري المحنك استقر سلطان الخلجيين في شبه القارة الهندية بأكملها في عام 712هـ وظل علاء الدين يحكم الهند حكما استبداديا معتمدا على شبكة قوية من الجواسيس تنقل اليه اخبار الناس كلهم عامتهم وخاصتهم على حد سواء· وعقب وفاة علاء الدين في عام 715هـ ''1316م'' قام كافور بتنصيب طفل صغير ملكا للبلاد وحكم كافور البلاد باسم السلطان الطفل شهاب الدين عمر وشرع في إبعاد الامراء الكبار بالقتل أو بسمل الأعين ولم يسلم أحد من بطشه بما في ذلك ملكة جهان زوجة علاء الدين، اذ جردها من املاكها واموالها وأودعها السجن· وكتبت النجاة من هذه المحنة للأمير مبارك خان إذ اكتفى كافور بحبسه فقط ولكن امراء علاء الدين بقيادة ''ملك شيرن'' فتكوا بكافور وعهدوا بالملك للامير الخلجي مبارك خان· وقد بدأ قطب الدين مبارك عهده في عام 716هـ بداية طيبة فأطلق سراح المعتقلين ورد الاراضي والاملاك المغتصبة الى اربابها وألغى الكثير من الضرائب وأخذ يقضي على ثورات الكجرات· بيد ان هذه البداية كانت على نقيض النهاية اذ ما لبث قطب الدين مبارك ان انغمس في الشهوات الى الدرجة التي اتخذ معها لباس النساء وخرج به في الطرقات قاصدا دور الامراء ليواصل مجونه فيها وكانت النتيجة الحتمية هي وثوب القائد خسرو الهندوكي الاصل على العرش بعد ان قتل مبارك خان· وبعدما جلس الهندوكي خسرو على العرش سمى نفسه ناصر الدين ولعله كان يقصد دين الهنادكة إذ حاول احياء الهندوكية فاعتدى هو ورجاله على المساجد وأقاموا فيها الاصنام وجعلوا من المصاحف قاعدة لها فاستنجد امراء علاء الدين بالقائد ''غازي ملك تغلق'' الذي نجح في هزيمة خسرو وقتله في عام 712هـ· أوزان ثقيلة وأسماء وسك سلاطين دولة المماليك بدهلي نقودهم من الفضة والذهب وبأوزان ثقيلة بفضل الغنائم والاسلاب الكبيرة التي غنموها من فتوحاتهم الواسعة في ارجاء شبه القارة الهندية، وعرفت نقودهم الذهبية الثقيلة باسم ''التنكة'' ويتراوح وزن التنكة الذهبية بين 10,5 و11 جراما من الذهب المرتفع العيار· ومن اقدم تنكات المماليك بالهند واحدة سكت بأمر مؤسس الدولة الخلجية جلال الدين فيروز شاه بحضرة دهلي عام 689هـ ''1290م'' وقد سجل بخط النسخ على مركز الوجه بهذه التنكة اسم السلطان في اربعة اسطر متوازية ''السلطان الأعظم/ جلال الدنيا والدين/ أبوالمظفر فيروز شاه/ السلطان''· أما ظهر التنكة ففيه كتابة هامشية نصها ''بسم الله ضرب بحضرة دهلي سنة تسع وثمانين وستمائة'' وفي المركز سجل فيروز شاه اسم الخليفة العباسي المستعصم ''الإمام المستعصم أمير المؤمنين''· ويعتبر ذلك التسجيل بمثابة اعلان عن تبعية سلطنة دهلي دينيا للخليفة العباسي في بغداد ولكن الحقيقة التاريخية ان المستعصم آخر خلفاء العباسيين ببغداد كان قد قتل تحت سنابك خيول هولاكو المغولي في عام 656هـ ''1258م'' أي قبل سك فيروز شاه التنكة بحوالي 33 عاما· خاتمة التنكات تعد تنكات قطب الدين مبارك شاه خاتمة السكة الخلجية المملوكية بالهند وقد سكها على هيئة قطع مربعة محتفظا بذات التقليد الذي يحصر كتابات الوجه في المركز بينما تتوزع كتابات الظهر بين المركز والهامش· فعلى الوجه اسم وألقاب مبارك شاه الذي يبدو انه انتحل لنفسه ألقاب الخلافة اذ نجده يسمي دهلي باسم ''دار الخلافة دهلي'' وقد سجل اسمه بمركز الوجه في اربعة اسطر متوازية نصها ''الإمام الأعظم/ خليفة رب العالمين/ قطب الدنيا والدين/ أبوالمظفر مبارك''·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©