حرب استقطاب الكفاءات بين البنوك

نجم عن الازدهار الذي يشهده قطاع البنوك في الاقتصادات الآسيوية ارتفاع الطلب المتزايد على الكوادر المصرفية ذات الكفاءة العالية والموهبة النادرة· وأشارت تقارير حديثة إلى أن الراتب السنوي لكبار المسؤولين في القطاع المصرفي في آسيا يصل إلى مليون دولار، ناهيك عن المكافآت المجزية التي تتفاوت من منطقة إلى أخرى· ويقول أحد المصرفيين: ''إذا نظرت إلى هونج كونج وجدت أنها تميل إلى دفع المكافآت، بينما الوضع يختلف في سنغافورة التي تحبذ دفع الرواتب''· وتوضح صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' أن التركيز على دفع مكافآت عالية ما هو إلا طريقاً مختصراً للتوظيف السريع في ظل ارتفاع الطلب وقلة العرض، مما أدى إلى اشتداد حرب الاستقطاب بين البنوك، هذه الحرب التي ولدت الابتكار في أساليب جذب العاملين من ذوي الجودة والخبرة على السواء، لدرجة ذهبت فيها البنوك خارج القطاع المصرفي للبحث عن المحترفين والموهوبين في ظل التجارب الحية الواقعية التي أظهرت أن الكثير من المسؤولين الناجحين في هذه الصناعة يأتون من تخصصات أخرى كالحقوق والمحاسبة· ويوضح أحد المسؤولين الماليين في القطاع المصرفي أن السنوات العشرين الماضية شهدت تغييرات ساخنة لا تقارن إطلاقاً بالماضي، حيث كان يعد القطاع من القطاعات الراكدة على صعيد المستقبل المهني ما لم يكن للبنك مقر في سويسرا، ومن احد الأسباب التي أدت إلى ذلك نمو عدد أصحاب الثروات الكبيرة بشكل مذهل خلال السنوات العشرين الماضية· وبالعودة إلى الكوادر المصرفية وحرب الاستقطاب بين البنوك تقول شركة ''وود هاميل'' أن البنوك تنظر إلى هيكل المنافع والعوائد لمساعدتها في الاحتفاظ بالمصرفيين المهرة، فعلى سبيل المثال تعرض عليهم ملكية بعض الأسهم وخطط للحوافز طويلة الأجل من الأسهم، بقصد أن تجعل من الصعوبة بمكان القيام بأي محاولة لاقتناص المرشحين من قبل أطراف أخرى· وترجح الدراسات المتعلقة بسوق الصناعة أن يستمر مستوى الطلب مثلما هو عليه لفترة من الزمن مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى اشتعال سلم الرواتب، وهنا تكمن مأساة البنوك والمؤسسات المالية التي لا تمتلك سياسات استثمارية سليمة والتي سيظهر عجزها عن مجاراة قوى الجذب الأخرى في السوق· ويوضح أحد مسؤولي الأقسام في بنك باركليز أن الثقافة في آسيا أساسها تقديم الحوافز على شكل رواتب ومكافآت عالية وتعيينات سريعة ترجع إلى النقص الحاد في الكوادر المصرفية في المنطقة في ظل سوق ينمو بسرعة مدهشة·