الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرس الثوري الإيراني... ودروس السياسة الخارجية الأميركية

الحرس الثوري الإيراني... ودروس السياسة الخارجية الأميركية
30 سبتمبر 2007 23:58
بعد إعلانها الرسمي الخاص بقوات الحرس الثوري الإيراني مؤخراً -مصحوباً بالتشريع الذي أجازه الكونجرس بشأنها- فإنه يتوقع لإدارة بوش أن تقرر قريباً ما إذا كانت ستضيفها إلى قائمة المنظمات الإرهابية أم لا؟ وفيما لو فعلت، فإن ذلك سوف يعد خطأً فادحاً من دون شك، ذلك أن تصنيف جملة الـ125 ألف جندي العاملين في صفوف هذه القوات باعتبارهم ''إرهابيين'' غير قابلين للمس، إنما يفوت على واشنطن فرصة استثمار الانقسامات داخل المنظمة نفسها، ويرجح في الوقت نفسه تراجع فرص إحراز أي تقدم في المفاوضات الدبلوماسية مع طهران· وبدلاً من أن تزيد واشنطن من احتمالات ترجيح العمــل العسكــري ضــد طهران، فإن عليها أن تعمــل على إمالـة كفـة التوازن داخل قوات الحرس الثوري لصالح العناصر البراجماتية، وليس في صالــح الراديكاليــة التي يقــوى عودهــا فــــي ظــل العزلــة المطبقـة والمواجهــة مــع الخصـم· يذكر أن مشاعر القلق الرئيسية إزاء قوات الحرس الثوري الإيراني، نابعة من اعتقاد واشنطن بسيطرة الحرس على صنع السياسات الخارجية في كل من العراق وأفغانستان ولبنان، إلى جانب اتهامها بمساعدة وتسليح وتحريض العناصر المتطرفة المعادية لجنود ومصالح الولايات المتحدة في الدول الثلاث· كما تعتقد واشنطن أن لهذه القوات علاقة وثيقة ببرامج إيران النووية، وهو ما تعزز مؤخرا عن الجنرال يحيى رحيم سفافي، الذي تولى قيادة الحرس الثوري حتى شهر أغسطس الماضي، الذي أكد أن لبلاده استراتيجية ترمي إلى اجتثاث ما وصفه بالحضارة الأنجلو-ساكسونية من جذورها· ورغم كثرة الوجوه والشخصيات غير المستلطفة بين قوات الحرس الثوري هذه، إلا أن وجه الشبه يظل بعيدا جداً بينها وتنظيم القاعدة، لكونها ليست بالكتلة الصماء المؤلفة من العناصر الإسلامية المتشددة كما هو عليه حال تنظيم القاعدة· وليس أدل على هذه الحقيقة من استطلاعات الرأي التي أجريت في ثكنات الحرس الثوري نفسه في العامين 1997 و،2001 حيث أظهرت ميلاً عاماً بين ثلاثة أرباع قواته لتأييد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي؛ وهي حقيقة تعكس أن رأي غالبية قوات الحرس الثوري ينسجم ووجهة النظر الغالبة في أوساط الشارع الإيراني، وأنها تعبر عن ذات التبرم والململة اللتين تعمان الشارع الإيراني إزاء النظام الحاكم، وهذا ما لم يكن يخطر على بال الكثير من المراقبين والمحللين الدوليين· وفوق هذا، فإن من الواجب القول بخطأ الاعتقاد السائد في واشنطن باصطفاف الحرس الثوري خلف الرئيس محمود أحمدي نجاد، فبسبب ضعف شعبيته -مقارنة إلى الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي- فقد توسل نجاد إلى الحرس الثوري بغية استمداد السلطة والنفوذ السياسي منه وليس العكس· كما يعرف عن كبار قادة الحرس أنهم صوتوا في انتخابات عام 2005 التي فاز فيها نجاد بالمنصب الرئاسي لصالح زميلهم محمد باقر غالباف، وهو محافظ براجماتي وعمــدة حالي للعاصمــة طهران· ولذا لا بد لواشنطن من تعلم درسين مهمين من تجارب سياساتها الخارجية، أولهما: أنه كثيراً ما يروق لإدارة بوش الحالية تشبيه سياساتها المتبعة إزاء طهران، بتلك السياسة السابقة التي اتبعت إبان حقبة الحرب الباردة مع دول المعسكر الشيوعي؛ غير أن هذا التشبيه يتجاهل حقيقة على قدر كبير من الأهميـة، لها صلة بعملية الإصلاحات التي شهدتها جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق وبلدان أوروبا الشرقية المرتبطة بها، فلم تؤت العملية الإصلاحية ثمارها إلا في اللحظة التي اقتنعت فيها شعوب البلدان هذه، بأن حياتها ستكون أفضل بكثير فيما لو تبنت حكوماتها نهجاً مغايراً للنهج الاشتراكي الذي سارت عليه عبر الحقب الماضية من تاريخها الحديث· أما الدرس الثاني: فيمكن تلخيصه من واقع تجربة حل ما سمي حينها بالجيش البعثي؛ فقد تم تسريح نحو 300 ألف من الجنود العاملين فيه، مع ملاحظة أن قلة لا تذكر كانت ذات صلة سياسية وثيقة بنظام حزب البعث السابق ورئيسه صدام حسين· فماذا كانت ردة فعل هؤلاء؟ لقد شعر الكثيرون منهم أنه ليس لهم موطئ قدم في صياغة حاضر ولا مستقبل بلاهم، إضافة إلى حرمانهم من مصدر رزقهم، فكان طبيعياً أن ينضم هؤلاء إلى قوات التمرد المناوئة لأميركا في بلادهم· فهل تريد واشنطن تكرار هذه التجربة نفسها، وإن كانت على نحو مغاير نسبياً مع قوات الحرس الثوري الإيراني؟! يقيناً إن لواشنطن الحق في ممارسة ما ترى من ضغوط سياسية ودبلوماسية واقتصاديــة على القوات هذه، ولكــن مــن دون أن تبلغ حد نعتها جميعاً بصفة الإرهــاب· مدير المبادرة الإيرانية بمؤسسة كارنيجي الوقفية للسلام الدولي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©