الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رغم المخاطر... الصحافة تتفوق

30 سبتمبر 2007 23:58
خلال العهد البائد لم يكن ممكناً طباعة صحيفة ''الزمان'' العراقية إلا في لندن؛ فعلى إثر فراره من قبضة الجهاز الأمني للنظام العراقي السابق خلال عقد التسعينيات، أرغم سعد البزاز -المستشار السابق للرئيس صدام حسين- ومؤسس الصحيفة على إصدارها من أوروبا على امتداد ما يقارب العقد من الزمان· لكن وعلى إثر الإطاحة بالنظام العراقي السابق في صيف عام ،2003 عاد البزاز إلى بغداد، وأنشأ له عدداً من المكاتب التي استأنف فيها نشر صحيفته التي تعد أكثر الصحف العربية مصداقية من داخل بلاده· وبمعدل توزيعها اليومي الذي يفوق الـ 75 ألف نسخة، استطاعت ''الزمان'' أن تكتب قصة نجاح صحيفة عربية، فضلاً عن إضافتها عمقاً كبيراً للحوار السياسي العام الدائر في العراق· وبين القليل جداً من الإصدارات الصحفية الإيجابية الصادرة في العراق، تتسم جريدة ''الزمان'' بتنامي استقلاليتها الصحفية؛ ففي حين أسفر الغزو الأميركي عن إحداث الكثير من الفوضى العامة في الكثير من القطاعات الأخرى في البلاد، إلا أن المؤكد أن الإطاحة بصدام حسين قد حققت قدراً معقولاً من النظام ووضوح الهدف والغاية في القطاع الصحفي العراقي، بعد أن كان يقوم على امتداد ما يقارب الثلاثة عقود من حكم صدام بتمجيد الطاغية والتطبيل له ولحاشيته، بالإضافة إلى أن إجراء التحقيقات الصحفية النقدية الجريئة يعد مخاطرة مباشرة بالروح والحياة، ولذا فقد كانت قبضة الرقابة على الإعلام محكمة بل وخانقة إلى أبعد الحدود· وكما هو معروف فقد كان عدي صدام حسين ينفرد بمسؤوليته عن قطاعي التلفزيون والإذاعة إلى جانب ملكيته لإحدى عشرة صحيفة من الصحف الصادرة وقتئذ؛ وفوق ذلك فقد كان عدي يتولى رئاسة اتحاد الصحفيين العراقيين؛ وبذهاب كليهما توفرت حرية وفرص للنشر والتعبير للصحفيين بما لا يمكن مقارنته بأية حال بما كان عليه الوضع في ظل النظام الديكتاتوري السابق؛ وهو الأمر الذي دعا منظمة ''صحفيون بلا حدود'' إلى الإعلان في عام ،2003 عن أن نسمة من الحرية قد غشيت الصحافة العراقية، ما مهد الطريق أمام التنوع الحقيقي في الرأي فضلاً عن الشفافية والانفتاح· أما من حيث الكم، فقد كان عدد الصحف العربية الصادرة في بغداد أقل من 40 صحيفة، واليوم بلغ عددها مئات الصحف، في ذات الوقت الذي اتسعت فيه دائرة القراء النهمين الذين يتعاطون مع هذه الصحف جميعاً ويقبلون عليها إقبالاً ملحوظاً· أما على صعيد حقوق الإنسان، فقد كانت منظمة ''فريدوم هاوس'' العالمية ، قد صنفت العراق في تقرير لها صادر في عام 2002 -أي قبل عام واحد من الإطاحة بنظام صدام حسين- باعتباره من أسوأ دول العالم قاطبة، في مرتبة مقاربة لكوريا الشمالية ورواندا، وذلك وفقاً للدراسة السنوية التي تجريها المنظمة حول أوضاع الحريات الإعلامية· غير أن العقبة الرئيسية التي تعترض تطور هذا الإعلام لم تعد الرقابة الحكومية المحكمة عليها، وإنما تفشي حالة الفوضى وغياب القانون الضاربة في العراق بأسره اليوم، وبحكم استشراء العنف هناك والاستهداف المباشر الذي يتعرض له الصحفيون من قبل المتمردين، فقد أصبح العراق من أشد الدول خطورة لممارسة المهنة الصحفية؛ ففي عام 2005 لقي 23 من الصحفيين مصرعهم، بينما سقط 32 آخرون في عام ·2006 وحتى لحظة كتابة هذا المقال، سقط خلال العام الحالي 19 صحفياً إلى جانب حالات الاختطاف والضرب والتعذيب التي تعرض لها عشرات آخرون، مضافة إليها حالات التهديد التي تعرض لها عدد آخر من قبل المليشيات المسلحة، لكن وعلى رغم ذلك، هاهي الصحافة العراقية تقاوم وتعود إلى الحياة من جديد· باحث في الإعلام والاتصال الجماهيري بجامعة كارولينا الشمالية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©