الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا وكوبا: تآكل لوبي الحظر التجاري

أميركا وكوبا: تآكل لوبي الحظر التجاري
20 ابريل 2009 02:57
لم يتلق فيديل كاسترو دعوة لحضور قمة الأميركيتين التي عقدت في ترينيداد وتوباجو هذا الأسبوع، غير أنه ربما كان قادراً مع ذلك على الهيمنة على أعمالها وإحراج الولايات المتحدة بسبب سياستها المرفوضة عالميا تجاه كوبا؛ ذلك أن العديد من رؤساء دول أميركا اللاتينية ألمحوا إلى أنهم سيحثون أوباما خلال القمة على إنهاء الحظر التجاري الأميركي المفروض على كوبا؛ ولن يكتفوا بالتغييرات التي أعلنها أوباما يوم الاثنين، وإن كانت تتجاوز ما كان قد وعد به خلال حملته الانتخابية· وهكذا، لدى هؤلاء الرؤساء رغبة في إخبار أوباما بأن سياسة واشنطن تجاه كوبا هي من بقايا الحرب الباردة، وتأتي بغير ما هو مؤمل منها من نتائج؛ وبأنها تعوق التعاون وتغذي المشاعر المناوئة للولايات المتحدة في المنطقة؛ وبأنها إذا كانت ماتزال مستمرة إلى اليوم، فلأن الساسة المتأثرين كثيراً بالنشطاء داخل الجالية الأميركية الكوبية الصغيرة والقوية في آن واحد حافظوا عليها؛ وبأن لوبي الحظر التجاري في ميامي يسعى للانتقام من كاسترو، وهو أمر لا يخدم المصلحة الأكبر لأميركا اللاتينية· والواقع أنهم على صواب إلى حد بعيد· في الماضي ''عارض'' كاسترو الاعتدال الأميركي، على غرار ما حدث في 1996 عندما أمر بإسقاط طائرتين صغيرتين تمتلكهما منظمة للمنفيين الكوبيين يوجد مقرها في ميامي فوق المياه الدولية، الأمر الذي أدى مثلما هو متوقع إلى تمرير الكونجرس الأميركي الغاضب لقانون ''هيلمز- برتون'' الذي كثف الحصار التجاري وشدده، وحظر تطبيع العلاقات مع كوبا إلى أن تتبنى العديد من الإصلاحات، وبخاصة السياسية، التي تطالب بها الولايات المتحدة· ولا يزال قانون ''هيلمز-برتون'' العمود الفقري للسياسة الأميركية· وإذا كان النشطاء الأميركيون الكوبيون يلحون على أنهم وحدهم الذين يعاقبون كاسترو ويروجون للديمقراطية والحرية في كوبا، فإن الواقع يشير إلى أنهم يخدمون قضيته على اعتبار أن الحظر يوفر له، منذ عقود، المشجب الذي يعلق عليه مسؤولية كل أعماله وكوارثه الداخلية والدولية· وعليه، فماذا سيحاول أوباما أن يفعل فوراً، مع العلم بأن التصلب التاريخي للنشطاء في ميامي وحلفائهم في واشنطن، والذين قد يعتقد بعضهم بصدق أنهم محقون في دعمهم للحظر الذي يعترف كثيرون بأنه فشل في تحقيق أهدافه المرجوة منذ سنوات؟ فقد أنفقت واشنطن ملايين كثيرة من الدولارات في سبيل الترويج للديمقراطية في كوبا، ولكن تقريراً صدر العام الماضي عن ''المؤسسة الوطنية الأميركية الكوبية''، التي تعد أهم منظمة للمنفيين الكوبيين، وجد أن أكثر من 80 في المئة من تلك الأموال أُنفقت داخل الولايات المتحدة· وعلاوة على ذلك، تفيد مصلحة البحوث التابعة للكونجرس أن أكبر جهتين مستفيدتين من هذه الأموال خضعت أو تخضع للتحقيق معها على خلفية اتهامات بسوء استعمال الأموال· بيد أن الأخبار التي تبعث على التفاؤل تتمثل في وجود مؤشرات واضحة على أن لوبي الأميركيين الكوبيين في ميامي بصدد التفكك والانهيار؛ فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة فلوريدا إنترناشيونال في أواخر 2008 أن ثمة لأول مرة أغلبية من الأميركيين الكوبيين في منطقة ميامي 55 في المئة تعارض الحظر، في حين يؤيد 65 في المئة إقامة علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وكوبا· وعلاوة على ذلك، فقد وجد استطلاع للرأي أجرته قناة ''سي· إن· إن'' التلفزيونية وأُعلن عن نتائجه الأسبوع الماضي أن 70 في المئة من الأميركيين المستجوَبين يؤيدون رفع الحظر، وأن عدداً متزايداً من أعضاء الكونجرس بدأوا يغيرون آراءهم· ومن جهة أخرى، أصدرت ''المؤسسة الوطنية الأميركية الكوبية'' الأسبوع الماضي وثيقة تقر بأن السياسات الأميركية تجاه كوبا في عهد الإدارات الأخيرة، التي أيدت في معظمها الحظر، ''لم تتجاوز وقوف مواقف تروم أهدافا انتخابية داخلية''· ويوم الاثنين، أيد رئيس ''المؤسسة الوطنية الأميركية الكوبية'' فرانشيسكو ''بيبي'' هيرنانديز إعلان أوباما، قائلا إن من شأن التغييرات المعلن عنها أن تساعد الكوبيين ''ليس من الناحية الاقتصادية فحسب، وإنما أيضاً من ناحية المعلومات والاتصالات مع العالم الخارجي''· ويذكر هنا أن ''هيرنانديز'' كان في يوم من الأيام من أشد المؤيدين لحظر السفر إلى كوبا· الواقع أن هذه الموضوعية الجديدة داخل الجالية الأميركية الكوبية والكونجرس ينبغي أن تشجع أوباما على الذهاب أبعد من التغييرات التي أعلن عنها يوم الاثنين، والتي رفعت قيود إدارة بوش على السفر وتحويل الأموال إلى كوبا من قبل الأميركيين الكوبيين، وقلصت القيود على التبرعات الإنسانية والربط الهاتفي مع الجزيرة· فمن دون الذهاب إلى حد الإنهاء الفوري للحظر، وهو مهمة لا تخلو من تعقيد، يستطيع الرئيس رفع قيود السفر على جميع الأميركيين، والعمل على تحرير العلاقات التجارية بشكل أكبر، وتشجيع النقاش حول مواضيع الهجرة والبيئة والمخدرات، والإحجام عن معارضة إعادة اندماج كوبا ضمن منظمة الدول الأميركية· هذه خطوات أساسية بعيدة عن السياسات التي تبنتها الإدارات الأميركية الأخيرة· والتي غالباً ما تميزت بالدعاية الكاذبة؛ ولا شك أنها ستساعد على النهوض بعلاقات الولايات المتحدة مع بلدان أميركا اللاتينية واختبار مدى استعداد الشقيقين كاسترو لتجاوز خمسين عاما من النزاع مع واشنطن وقمع الشعب الكوبي· ويليام راتليف زميل مؤسسة هوفر بجامعة ستانفورد ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©