الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطة بديلة

20 ابريل 2009 03:01
فتح إعلان كوريا الشمالية انسحابها من المباحثات السداسية يوم الثلاثاء الماضي، كرد على إبداء مجلس الأمن الدولي انزعاجه من التجارب الصاروخية التي أجرتها يوم الخامس من أبريل الجاري، فتح الباب على مصراعيه أمام شتى الاحتمالات المثيرة للقلق· فحتى الآن بنت الولايات المتحدة ودول شرق آسيا تحركاتها تجاه كوريا الشمالية على فرضية أن التوصل إلى حل دبلوماسي لبرنامجها النووي، أمر ممكن وقابل للتطبيق، وأنه سيفضي إلى تخلي كوريا الشمالية عن تطلعاتها النووية مقابل تنازلات غربية على الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي· لكن ماذا لو كانت هذه الفرضية مغلوطة من الأساس؟ وماذا لو أن كيم يونج إيل، كان طيلة السنوات الست الماضية يسعى فقط إلى ربح الوقت لبناء رؤوس نووية وإتقان نظام فعال لإيصال تلك الصواريخ؟ اللافت أن بيونج يانج لم تكن أبداً في حاجة إلى التصعيد وإعلان الانسحاب من المباحثات السداسية، بل كانت قادرة على الاكتفاء بتجاهل ردة فعل مجلس الأمن الدولي، لاسيما أن ما خلص إليه المجلس كان متواضعاً للغاية ولم يرقَ حتى إلى قرار ملزم ضدها· فقد اقتصر الأمر على بيان أصدره رئيس المجلس يدين فيه إطلاق الصاروخ ويحث الدول الأعضاء في المجلس على تطبيق العقوبات الضعيفة أصلا والتي فرضت عليها منذ عام ،2006 لكن مع ذلك استخدمت كوريا الشمالية ذلك البيان كذريعة للانسحاب من المفاوضات السداسية وتصعيد الموقف· ومن المفيد في ظل هذا الوضع أن تتساءل الولايات المتحدة والدول المجاورة لكوريا الشمالية عن خطتهم الجديدة في حال قررت بيونج يانج مواصلة طموحاتها النووية· وبما أن الخيار العسكري يبقى غير محمود العواقب، تبرز ثلاثة خيارات للتعامل مع كوريا الشمالية ينطوي كل منها على مخاطرة خاصة· يتمثل الخيار الأول في تبني موقف السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، ''جون بولتون''، الذي يقترح تشديد العقوبات الاقتصادية على كوريا الشمالية، لكن المشكلة مع هذا الخيار هو معارضة الصين وروسيا اللتين عبرتا أكثر من مرة عن عدم استعدادهما لتضييق الخناق على بيونج يانج، والحال أنه بدون انخراط بكين لن يكون للعقوبات أي تأثير على كوريا الشمالية· ويذهب الخيار الثاني إلى القبول بكوريا الشمالية كدولة نووية والاعتماد على الردع لمنع أي سلوك عدائي، بحيث يتم التعامل معها كالاتحاد السوفييتي سابقاً إذ استطاعت أميركا احتواءه بفضل مبدأ الردع المتبادل· لكن القدرة على ردع كوريا الشمالية لن تمنعها من الانخراط في أنشطة الانتشار النووي، لاسيما بعد التقارير التي أشارت إلى تعاون بيونج يانج مع سوريا ومدها بمواد نووية، والأخطر من ذلك احتمال وصول تلك الأسلحة إلى أيدي جماعات غير تابعة للدولة قد تلجأ إلى استخدامها ضد أهداف غربية· أما الخيار الثالث الذي يستحق التفكير فهو إشراك الصين في عملية لإزالة نظام بيونج يانج وتنصيب نظام آخر أكثر براجماتية يتعهد بالتخلي عن البرنامج النووي، وستقتضي الصفقة الصين أن تلتزم أيضاً بدعم توحيد الكوريتين خلال الجيل القادم· وإذا كان الثمن مناسباً ستقدم الصين على الإطاحة بكيم يونج إيل بانقلاب من داخل القصر، علماً أن الثمن الذي يتعين دفعه مقابل تعاون الصين لن يكون بخساً، حيث ستطالب بإنهاء الولايات المتحدة لتواجدها العسكري في شبه الجزيرة الكورية، والتقليص التدريجي لتحالفها مع كوريا الجنوبية، بل قد تطالب بتنازلات أميركية فيما يتعلق بموضوع تايوان· ورغم صعوبة هذه القضايا بالنسبة لصناع القرار في الولايات المتحدة، إلا أنه على أميركا ودول شرق آسيا التساؤل عما إذا لم تكن هذه التضحيات ضرورية للتخلص من التهديد النووي لكوريا الشمالية! وفي جميع الأحوال يتعين على المسؤولين الأميركيين والآسيويين التفكير في خطة بديلة، فليس من الحكمة في شيء اعتماد استراتيجية تقوم فقط على الأمل في نجاح المباحثات السداسية والتوصل إلى حل فعال وقابل للتطبيق لأنه بالنظر إلى سجل كوريا الشمالية قد يتحول الأمل إلى سراب· تيم جالدين كاربينتر نائب رئيس السياسة الخارجية والدفاعية في معهد كاتو الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان سيانس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©