الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«جون لينون لم يمت».. مذكرات مجنون «غوغول»!

25 فبراير 2018 23:06
عصام أبو القاسم (الشارقة) تواصلت مساء أمس على خشبة مسرح المركز الثقافي لمدينة دبا الحصن عروض الدورة الثالثة من مهرجان المسرح الثنائي، وشهد الجمهور مسرحية «جون لينون لم يمت» لفرقة زنقة آرت من المملكة المغربية، والعرض مستوحى من نص للكاتب المغربي الراحل الطيب الصديقي، هو «النقشة»، الذي كان الصديقي استلهمه بدوره، من نص قصصي للكاتب الروسي نيقولاي غوغول، بعنوان «مذكرات مجنون»، وسبق لكتّاب عرب كثيرين «مسرحة» هذا النص ولكن ليقدم في صيغة مسرح الشخص الواحد، أو المونودراما. وكما في القصة الروسية، يحكي عرض «جون لينون لم يمت»، الذي أخرجه للمهرجان عماد فجاج، وشارك في تمثيله عصام الدين محرم وفيروز عميري، عن المجنون «عبد المولى»، يقدمه العرض في مكان أشبه بحراسة، يستعيد، ولكن بوعي مهتز ووجدان مشروخ، مجموعة من المواقف التي تعرض لها بسبب شغفه بابنة مديره في الوحدة الإدارية التي يعمل بها. وفيما هو يحكي كانت الحارسة القاسية، التي ستتحول لاحقاً إلى عاشقة له، تنصت إليه وهو يسرد، وتلخص أو تترجم أو تعكس ما يذكره في تعبيرات وشعارات، جافة وفقيرة، على «سبورة» سوداء، نهضت في خلفية الخشبة. يصعب على العاشق الهش أن يصل إلى ابنة مديره وتفشل كل محاولاته في التقرب منها، ولكنه في لحظة ما يفترض أن بوسعه التواصل مع كلبها «سبتاركوس»؛ ويتوهم علاقة صداقة بينه والكلب؛ ولاحقاً يتوهم أن لهذا الكلب علاقة غرامية بكلبة ويعمل جهده حتى يصل مراسلات الكلبين، عساها تكشف له المزيد من المعلومات عن حبيبته المتأبية والنافرة منه؛ ويقع، وهو في وهمه، على رسالة تبين له أن الفتاة التي شغف بها على علاقة بشاب آخر، فتختلط في نفسه مشاعر الضآلة والاضطهاد وأوهام العظمة والمجد، فيتخيل نفسه زعيماً يحكم كامل أفريقيا مرة ومرة أخرى ينهار متداعياً وباكياً.. إلخ. ويمكن القول إن مخرج العرض عماد فجاج عمد إلى توطين النص في الذاكرة السياسية والاجتماعية المغربية، باستخدامه لبعض المواد السمعية «كالخطابات السياسية» التي بثتها الإذاعة الوطنية وخلدت في أذهان الشعب، كذلك بعض أغاني الهيب هوب التي وجد الشباب المغربي في موسيقاها وكلماتها ما يعبر عنه ويعكس رؤيته إلى المجتمع وقيمه. ومن جهة أخرى، بدا عنوان العرض الذي استدعى من خلاله فجاج سيرة المطرب وكاتب الأغاني الذي ارتبط بفرقة «البيلتز» الشهير «جون لينون»، والذي اغتيل من طرف معجب مضطرب نفسياً 1980، محملاً بدلالتين؛ فمن جهة بدا كتعبير عن انحياز العرض للقيم الثورية التي دعا إليها المغني البريطاني الذي كان يحلم بعالم يسوده السلم ولا فروقات طبقية فيه. ومن الجهة الأخرى، بدا العنوان كإيحاء رمزي بأن شخصية «عبد المولى» تمثل امتداداً، بوجه ما، لشخصية جون لينون، التي بدأت حالمة ومفعمة بالخيالات المجيدة وانتهت إلى شخصية محبطة ويائسة وغائبة عن الوعي! وأظهر فجاج قدرة واضحة في توظيف العناصر البصرية والسمعية فظهر فضاء عرضه متكاملاً ومتناغماً في مجمل عناصره: الأداء التمثيلي، الأزياء، الإضاءة، كل هذه الوحدات عملت بالتوازي أو التضاد لإيصال رسالة العرض. هذا، وكان اليوم الثالث، شهد ورشة عمل أشرفت عليها الكاتبة المصرية رشا عبد المنعم وجاءت تحت عنوان «المسرح مدرسة للتربية والتعليم».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©