الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ابتغاء مرضاة الله

ابتغاء مرضاة الله
1 أكتوبر 2007 22:35
الإسلام الحنيف يعد العدالة بين الناس أقرب القربات الى الله سبحانه وتعالى، وإن المؤمن مطالب بأن يقيمها لله تعالى، فهي طريق الزلفى إليه، ولذلك قال الله -سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)، فالعدالة النفسية: أن يقدر كل إنسان لنفسه من الحقوق بمقدار ما يقدره لغيره، على ألا يزيد على الناس في حق· فالإسلام يسعى الى تحرير الإنسان وجدانياً ومن أعماق أعماقه، وينتزع كل بذور الخوف والتعلق والخضوع من قلبه، ويجعله يرفع رأسه باعتزاز ويرفض الانحناء والتقرب لأي سلطة في الأرض، فلا يخضع إلا لله، ولا يعبد إلا الله، حاملاً شعار ''لا إله إلا الله'' الذي يدفعه الى التحرك لمجاهدة كل القوى التي تقف في مواجهة الحق، الذي ينتمي اليه ودونما رهب· وعندئذ تكون العلاقة بين العدالة النفسية والعدالة الاجتماعية علاقة وثيقة ترشد الى أن الحياة الاجتماعية وأنماط السلوك والعلاقات والنشاطات التي يمارسها الإنسان إنما هي تعبر عن المحتوى والبناء الذاتي وان العدالة الاجتماعية صياغة حية وتعبير أمين عن الدوافع والمقاصد، لأن الإسلام شد أذر الطبيعة الاجتماعية بما يقويها ويقيها من الانحراف والانحلال، فربط بين الأفراد برباط قلبي يوحد بينهم في الاتجاه والهدف ويجعل منهم وحدة قوية متماسكة يأخذ بعضها برقاب بعض، تسودها المحبة ولحمتها الصالح العام وهدفها السعادة في الدنيا والآخرة· وهذا الرباط هو رباط الايمان والعقيدة المتصلة بمبدأ الخير والرحمة وهو الله سبحانه وتعالى· والمسؤولية في الإسلام تقع داخل نطاق الإمكان وداخل نطاق الحرية، حرية الاختيار بين هذا وذاك· والمسؤولية صفة يستمدها كل امرئ من فطرته الإنسانية قبل ان يتلقاها· وهي صفة لازمة للإنسان المؤمن بالله· عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: ''من كل معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له''، قال أبو سعيد: فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا انه لا حق لأحد منا في فضل· فالإسلام يقيم بين المؤمنين به ولاية متبادلة يدل عليها قوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم)· ويصف الرسول صلى الله عليه وسلم المجتمع الإسلامي كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، وانه كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى·· لأن حياة المسلمين سيل لا ينقطع في التعامل والتبادل للحقوق والواجبات، حركة دائبة في الأخذ والعطاء، وصورة نشطة للتعايش اليومي الذي يختلط فيه الناس وتتشابك مصالحهم في حرص على جلب المنفعة ودفع المضرة· ومن هنا كان العدل ميزان الاجتماع في الاسلام، يقوم عليه بناء المجتمع وتستقيم به الأمور وتسير في مسارها الصحيح، وبه تطمئن النفوس في نيل حقوقها، وكل تنظيم اجتماعي لا يقوم على العدل سرعان ما ينهار مهما كانت القوة المنظمة له، إذ العدل هو الدعامة القوية والأساس المتين الذي يقوم عليه الحكم والتنسيق السليم لكل بناء· فالعدالة من القيم والمثل الأساسية التي جاء الإسلام ليقررها بين بني الإنسان، فقد كان طبيعياً من الإسلام الذي يحرص على كرامة الإنسان ووصول حقه إليه أن يأتي بالعدالة· فالعدالة ضرورية لضمان العدل وإقامة الحق الذي يشيع الطمأنينة وينشر الأمن ويشد علاقات الأفراد بعضهم ببعض ويجعل الروابط بينهم قائمة على التوازن والانسجام والإخاء· وقد أمر الله -سبحانه وتعالى- بالعدل في الحكم بين الناس، لأن ذلك يعيد الحقوق لأصحابها ويقضي على اسباب العداوة والبغضاء التي قد تتولد في النفوس بسبب التنازع والتخاصم· إذا صدر الحكم بالعدل رضيت به النفوس المتقاضية، وزالت به خصومتهم· والعدل الذي ينادي به الإسلام عدل مطلق يساوي بين الناس (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)· روي عن عثمان بن مظعون في قوله: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)، انه قال: لما نزلت هذه الآية قرأتها على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فتعجب فقال: ''يا آل غالب: اتبعوه تفلحوا، فوالله إن الله أرسله ليأمركم بمكارم الأخلاق''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©