الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية في عمليات التجميل

ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية في عمليات التجميل
1 أكتوبر 2007 22:36
خلق الله الإنسان في أحسن خلقة، وجعل قوامه في أحسن هيئة، وركبه في أحسن صورة، وجعل لهذا الإنسان الجسم المتناسق البديع الجميل الذي تفضل الله تعالى به عليه كما قال سبحانه وتعالى: (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم· الذي خلقك فسواك فعدلك· في أي صورة ما شاء ركبك)، وقال: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)·· هذا الإنسان بهيئته البديعة وشكله الجميل المتناسق آية من آيات الله تعالى إذا قورن بغيره من المخلوقات كما قال تعالى: (أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) ·· فلماذا يلجأ هذا المخلوق الجميل إلى إجراء عمليات تجميل؟ جمال الروح يقول الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق: لا شك أن الجمال الحقيقي للإنسان هو تقوى الله تعالى، فهو خير لباس وأفضل حلية يتحلى بها العبد -كما قال الله تعالى- لما بين الألبسة والزينة التي يتزين بها الناس يقول سبحانه وتعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) وأفضل الزينة هي تقوى الله عز وجل: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير)، وكما قال الشاعر: إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميلُ وأضاف: الإسلام دين الفطرة ودين العقل، وجميع الأحكام الشرعية لا تتعارض مع الفطرة السوية والعقل السليم، ومن أهم الغرائز التي فطر الله عليها البشر حب التجمل، هذا شيء قد فطر عليه الإنسان ذكرا كان أو أنثى، والله سبحانه وتعالى قد بين هذه الغريزة ورعاها وحث على صيانتها وحفظها ونمائها كما قال تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين· قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون)، فهذه الغريزة وتلك الفطرة·· الشارع الحكيم رعاها ونماها وحفظها، ولهذا جاء في الحديث الصحيح ''إن الله جميل يحب الجمال''· والتجمل في حق المرأة أكثر أهمية منه في حق الرجل، لأن المرأة في فطرتها وجبلتها تميل إلى التجمل لتحبب زوجها إليها، والشارع الحكيم أيضاً رعى هذا الأمر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ''تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك''· ولذلك رخص الشارع في حق المرأة من الزينة والتجمل ما لم يرخص للرجل، ولهذا أبيح لها الحلي وأبيح لها لبس الحرير·· وأمرها أن تهتم بشكلها وجمالها في حدود الضوابط الشرعية·· عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي النساء خير؟ فقال: ''التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها فيما يكره''·· وهذا من أسباب تقوية الصلة بين الزوجين، وترغيب الرجل في امرأته والمرأة في زوجها· ضوابط عمليات التجميل يقول الدكتور محمد رأفت عثمان الأستاذ بجامعة الأزهر: فضّل الله تعالى ابن آدم على غيره من المخلوقات في الشكل والهيئة، ولهذا استرعاه على هذا الجسد، وجعله أمانة عنده·· العبد لا يملك هذا الجسد لأنه مِلك لله تعالى، وهذا الجسد أمانة عند العبد ليس له مطلق التصرف فيه·· له أن يتصرف فيه وفق ما أذن له به مالكه وهو الله سبحانه وتعالى، فأمره بحفظ هذا الجسد والقيام برعايته وصيانته عن الأضرار والهلكة وأيضاً تجميله والحفاظ عليه، وإذا كنا نتحدث الآن عن أحكام التجميل والعمليات التجميلية فلا بد أن يكون ذلك منضبطا بالضوابط الشرعية، ولا بد أن يراعى فيه أن هذا الجسد أمانة عند العبد ليس له حق مطلق التصرف فيه، وليتصرف فيه وفق ما أمره الله تعالى به· فكما نقول ليس للعبد أن يلقي بجسده إلى التهلكة، فكذلك نقول: ليس له أن يجري العمليات التجميلية، وليس له أن يضيف إلى هذه الخلقة وعلى هذه الهيئة ما لم يأذن الله تعالى به·· يقول الله سبحانه وتعالى: (إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا· لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا)، الله سبحانه وتعالى يبين الحيل الشيطانية التي يريد بها أن يغري بني آدم (وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا· ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) فتغيير هذه الخلقة التي خلق عليها العبد وخلقت عليها المرأة من إغواء الشيطان·· ولذلك قال الله تعالى: (ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا)· ويذكر ابن سعدي -رحمه الله تعالى- في تفسيره: هذا التغيير المشار إليه في الآية يشمل التغيير الظاهر والتغيير الباطن·· فالظاهر يكون بتغيير الخلقة في الوشم أو الوصل أو بالتفليج أو برد الأسنان أو تكبير عضو أو تصغيره·· ونحو ذلك، والتغيير الباطن يكون بتغيير الفطرة التي فُطر العبد عليها؛ لأنه ما من مولود إلا ويولد على فطرة الإسلام· وعن النبي صلى الله عليه وسلم -في التحذير من التغيير في خلق الله تعالى- عن ابن مسعود -رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى· وعن ابن عمر -رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة· ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©