الولي

يعز الله -تعالى- المؤمنين ويتخذهم أولياء له وينصرهم أينما ذهبوا وعملوا، ونصرته لهم لا تتوقف عند حد فهي مطلقة ما داموا يتقونه؛ لأنه -تعالى جل شأنه- وليهم· ويقول د· أحمد محمود كريمة -أستاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الأزهر: الولي هو المحب الناصر، والمحب هو من يوادّ غيره ويخلص لمحبته، فلا يظلمه ولا يكلفه ما لا يطيق، ويعطيه ما يحبه ويجنبه ما لا يحبه، وإذا تصورنا ذلك في شأن الإنسان فإن الأمر أعظم في شأن الله تعالى الذي يتصف بكل ما هو مطلق· أما الناصر فهو من ينصر حليفه على عدوه، وهناك أيضا ناصر بمعنى بشري والذي تتوقف نصرته لحليفه عند حدود قدراته وطاقاته، وهناك ايضا ناصر بمعنى إلهي وهو من لا تتوقف نصرته لحليفه عند أي حد فهي مطلقة؛ لانه لا حدود لقدرته· ومن ثم كان الله تعالى هو المحب المطلق والناصر المطلق، والمعنيان يجمعهما اسمه -جل شأنه- الولي، فهو المحب لعباده لا يظلمهم ولا يكلفهم ما لا يطيقونه فهو وليهم وحسبهم، ومن يتوكل عليه يفز بنعيم وثواب جزيل في الدنيا والآخرة، كما أنه -جل شأنه- الناصر لعباده المؤمنين به، فهو يقمع أعداءه وينصر أولياءه، وفي هذا قال تعالى: (الله ولي الذين آمنوا)، وقال ايضا: (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) أي: لا ناصر لهم· ويضيف د· كريمة: وورد اسم الله الولي بمعنى المحب أيضا في قوله تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور) (البقرة: 257)، وبمعنى الناصر في قوله تعالى: (فنعم المولى ونعم النصير) (الحج: 78) بالإضافة الى آيات أخرى تؤكد أن الله -سبحانه وتعالى- يتولى عباده بعنايته ورحمته ورعايته، فهو قد أحصى وقدر وساق أرزاقهم الحسية والمعنوية، وتلك ولاية عامة، كما أنه -جل شأنه- تولى المؤمنين بتوحيد كلمتهم وتأليف قلوبهم، إذ يخرجهم من ظلمات الجهل والشرك وسائر المعاصي الى المعرفة والتوحيد والطاعة، ويرحمهم برحماته الواسعة التي لا تعد ولا تحد بمحبته لهم فهو (ولي المؤمنين) و(ولي المتقين)، وهذا يجعل العباد في ثقة بالله تعالى وتفويض اليه وتوكل عليه، فلا يأس ولا جزع ولا غم، فإن الولي من شأنه الرحمة بعباده يفعل بهم ما فيه صلاحهم ويهديهم الى ما فيه فلاحهم ونجاحهم، ويجعل العباد في ضراعة وذكر ودعاء له سبحانه الولي (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين)، فالله تعالى مولانا ونحن عبيده بكرمه وفضله يتولانا في دنيانا وآخرتنا بما هو له أهل· ويوضح د· كريمة أن الولي من العباد هو من يحب الله ويحب أولياءه وينصره وينصر أولياءه ويعادي أعداءه، ومن أعدائه النفس والشيطان، فمن خذلهما ونصر أمر الله تعالى ووالى أولياء الله وعادى أعداءه فهو الولي من العباد·