الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مأزق لجان التحكيم

مأزق لجان التحكيم
2 أكتوبر 2007 02:03
يتكشف مأزق التحكيم في المسابقات الجماهيرية، خاصة تلك التي تبث مباشرة عبر وسائل الإعلام المرئية، فيتحول أعضاء اللجان من حكام إلى مشاركين خاضعين للتقييم من قبل جمهور المشاهدين، إما في البيوت أو صالات المسابقات ، فيختار نجما من المشاركين الفعليين، ونجما من لجنة التحكيم، وغالبا ما يكون اختيار الجمهور مناقضا لاختيار لجنة التحكيم، ويثور الشك في أمانة إطلاق الأحكام، وفي احتساب الأصوات، والمعايير التي حكمت اختيار هذا أو ذاك، مرجحين أن تكون خريطة التصويت قد لعبت دورا رئيسا في الاختيار، مع إمكانية توجيهها نحو البلدان الأكثر تصويتا، وهكذا، يكثر اللغط، وتتحول المسابقات إلى عملية تجارية في معطف إبداعي· مأزق لجان التحكيم الآخر حين تعتقد أن كل المشاركين من الهواة، وتبدأ في توجيههم بالمزيد من القراءة وتدريب الأصوات وغيرها، الأمر الذي يفضح جهل اللجنة بسيرة المتسابقين وقدراتهم، ويلقي ظلالا قاتمة على مسار التحكيم· أما المأزق الأكثر خطورة فهو حين يقع أعضاء اللجان في التناقض بشأن مجموعة من المتسابقين، فهذا يجيز وذاك لا يجيز، وهذا يشيد وذاك يهاجم، ما يكسب الأمر مزاجية وشخصانية تتناقض مع كون أعضاء اللجنة من الاختصاصيين الذين يحتكمون إلى معايير واحدة، وهنا يظهر العبث والمجاملات، فكيف يرفض كل أعضاء اللجنة متسابقا باستثناء واحد، كأن المسألة تتحول إلى تطييب خواطر، وكيف ينفي عضو لجنة تحكيم الإبداع عن متسابق، ثم يزكيه الآخرون، ألا ينسف هذا موضوعية المسابقة وانسجام لجنة التحكيم، الذين يطلعون على الأعمال قبل الظهور على الشاشات بأيام؟ ويستطيع المشاهد الذي يتحول إلى حكم، قراءة وجوه أعضاء لجنة التحكيم، ومراقبة أقوالهم ومستوى صدقيتها، ويمكنه اقتناص جدية رأي هذا من تصنع رأي ذاك، وقوة دفاع هذا وليونة رأي ذاك، حتى يخرج بنتيجة تؤكد أن المسألة ليست سوى فبركة، وما يحدث خلف الكواليس أدهى وأمر· المأزق الأخير للجان التحكيم يتجلى حين يختار الجمهور متسابقا للمركز الأول، لا يتفق مع أعضاء اللجنة، وبذلك، يكون الرأي الشعبي قد انتصر على معايير الإبداع، وتكون الإمكانات المادية لشعب ما قد لعبت دورا في توجيه مسار الإبداع، الأمر الذي يسقط كل الجهود التي بذلت خلال جلسات الاستماع، وإن تمتعت لجان التحكيم بنسبة الـ 50% من الدرجات· منذ أن تنبهت الفضائيات إلى استثمار الرسائل النصية، وأدركت حجم الربح الصافي الضخم، أطلقت المسابقات الجماهيرية، لتوزع في النهاية ألقابا كبيرة تزلزل قيم الإبداع، ولكن، وبما أن المسابقات تحتكم إلى مبدأ الربح والخسارة، وتخطط لاستمرارية عملها، فإنها في دوراتها اللاحقة، ستدوس على نجوم الدورات السابقة، بعد أن كانوا قد استحوذوا على اهتمام منقطع النظير، جماهيريا وإعلاميا، فيعودون إلى الظل، ليمارسوا حياتهم تحت وطأة الخذلان والتهميش، وتحت وطأة لقب سيشاركهم فيه كثيرون، حتى يأتي يوم يفقد اللقب بريقه، كما تفقد ملكة الجمال بهجتها بعد تقدم العمر· إنه مبدأ تجاري بحت، استهلاك السلعة يقود إلى استبدالها بسلعة أخرى، ربما تكون نفس السلعة ولكن باسم آخر، وهكذا، يتم استخدام تكنولوجيا الاتصال، لخلخلة معايير الإبداع، دون أن ننفي إيجابيته في الإبهار وخلق النجومية، ولكن لفترة محدودة· تكنولوجيا الاتصال زلزلت أنماط التواصل الاجتماعي، فهل ستزلزل أنماط التواصل الإبداعي أيضاً ؟ akhattib@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©