الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيارات الصينيين في بورما

2 أكتوبر 2007 12:05
في وقت مبكر من صباح الرابع من يونيو عام 1989 كنت في شارع ''شانجان'' الواقع مباشرة غربي ساحة ''تيانامين'' في العاصمة بكين، وقد رأيت بأم عيني الجنود الصينيين وهم يفتحون النيران ويصرعون الكثير من زملائي المشاركين في تلك التظاهرة الاحتجاجية، وبالكاد قد نجوت من المصير نفسه، لقد ظلت وحشية ذلك اليوم عالقة في ذهني وكأنها حدثت بالأمس فقط· وخلال الأيام الأخيرة الماضية بالذات تداعت إلى ذهني ذكريات حادثة ساحة ''تيانامين'' أثناء مشاهدتي للمظاهرات الشعبية في بورما والانقضاض الوحشي عليها من قبل الديكتاتورية العسكرية الحاكمة هناك· فبعد مضي عقود على استمرار هذا النظام، خرج مئات الآلاف من البورميين، بمن فيهم عدد كبير ينتمي إلى مذاهب شتى من الرهبان البوذيين، وكذلك من ناشطي الحريات وحقوق الإنسان، فضلاً عن عدد كبير من عامة الشعب البورمي إلى الشوارع بعد أن قرروا مواجهة هذا النظام الوحشي· ونحن هنا أعضاء الحركة الديمقراطية في الصين، نقف جنباً إلى جنب الشعب البورمي في معركته المصيرية الهادفة إلى تحرير بلاده من نير سنوات من القهر والطغيان، وهي المعركة التي من المتوقع أن تترك نتيجتها تأثيرات بالغة الأهمية على كفاحنا نحن هنا في الصين· لقد اختار النظام العسكري الحاكم هناك العنف كأداة وحيدة لمواجهة الانتفاضة الشعبية عليه، لأنه بدأ يفقد قبضته وسيطرته على السلطة، إلى جانب قناعته بوقوف الصين إلى صفه في مجلس الأمن الدولي، لتحبط بذلك أي استجابة دولية لما يجري في بلاده· وهو ما ثبت صحته بعدما حالت كل من بكين وموسكو -الأسبوع الماضي- دون شجب مجلس الأمن الدولي الأعمال الوحشية التي يرتكبها النظام العسكري الحاكم بحق مواطنيه، ناهيك عن التدخل لوقفها· للحقيقة، فإن للصين علاقات طفيلية مع بورما، تمتص خلالها بكين كميات مهولة من الموارد الطبيعية لبورما -وخاصة النفط والغاز الطبيعي والأخشاب- لقاء أسعار جد زهيدة؛ كما تنفرد الصين بعلاقاتها التجارية هذه مع بورما، بسبب العزلة الدولية المفروضة على نظام الأخيرة الحاكم، جراء عجزه عن إدارة الاقتصاد الوطني، إلى جانب سوء سجله في مضمار حقوق الإنسان؛ لذلك فإن بكين تنظر إلى استمرار بقاء النظام العسكري في بورما باعتباره سيبقي على التنافس التجاري معها حول الموارد البورمية في أدنى مستوياته· وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، تعد بكين المصدر الرئيسي للأسلحة التي تستوردها بورما، حيث تمدها بنسبة 90 في المائة من السلاح، وهو ما مكنها من إنشاء -ثاني أكبر جيش في منطقة جنوب شرقي آسيا- قوامه 400 ألف جندي· ورغم هذا الدعم المبدئي القوي الذي أبدته الصين إزاء حليفها العسكري الحاكم في ''رانجون''، إلا أن المدى الذي يمكن أن يصمد فيه هذا الدعم لا يزال مجهولا، والسبب يعود إلى انه كلما تمكن المجتمع الدولي من الكشف عن أيادي الصين الملطخة بدماء البورميين، كلما ضعفت قدرة بكين على الصمود على موقفها هذا، كما يزداد احتمال تراجع الدعم الصيني لـ''رانجون'' بصفة خاصة في حال تمكن ناشطو حقوق الإنسان من فضح الدور الصيني في تسليح الحكومة السودانية المتهمة بارتكاب الفظائع بحق مواطنيها في إقليم دارفور· ولذلك فإن تلطخ أيادي بكين بدماء الدارفوريين والبورميين لن يزيد إلا تلك المساعي الرامية إلى نعت أولمبياد عام 2008 المرتقبة في الصين باسم ''أولمبياد الإبادة الجماعية''· لا يزال على المجتمع الدولي الكثير الذي يجب القيام به من أجل دعم الشعب البورمي من أجل الحرية والديمقراطية، على أنه ينبغي لمجلس الأمن الدولي ودول العالم المحبة للحرية أن تضع الصين أمام أحد الخيارين الحاسمين: إما أن تستخدم ذراعها الرافعة في بورما لتذليل عملية التحول الديمقراطي فيها، أو أن تختار الإعلان عن نفسها كدولة مسؤولة عن إخفاق بورما في تحقيق هذا التحول· رئيس مؤسسة الصين للقرن الحادي والعشرين ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©