الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نـــاجي العربي : الخطاب الديني يتطور ويتجدد تلقائياً

نـــاجي العربي : الخطاب الديني يتطور ويتجدد تلقائياً
2 أكتوبر 2007 22:25
الدكتور ناجى راشد العربى أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة البحرين ،أحد أصحاب الفضيلة العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة خلال شهر رمضان المبارك، يجمع العربي في خطابه الإسلامى بين الفكرية والأكاديمية ، وبين المحلية والعالمية وكان لنا هذا اللقاء مع فضيلته ؟ قلت لمحدثنا : نسمع عن ''تجديد'' الخطاب الديني وتارة عن ''تطويره'' ، كيف تنظر إلى هذه القضية ؟ ؟؟ أقول لهؤلاء إن مضمون الدين واحد ثابت لايمكن تغييره ، بينما الذي يمكن تجديده هو بعض أحكام المعاملات حسب الزمان والمكان والسكان ، وأن الذي يمكن أن يتطور هو الأسلوب والوسائل لنقل هذا الخطاب المتصل بصحيح الرسالة الإسلامية المستندة على الفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، والخطاب الإسلامى الذي يعرف لكل مقام مقاله المتجدد بطبعه المتطور بطبيعته لأنه منزل لكل زمان ومكان· ويضيف أن المسلمين الواعين بخصوصيتهم الدينية التي تستند في شخصيتها وأحكامها إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله الكريم ، يشعرون بأنه لا يمكن أن تملي عليهم الأوامر من هنا أومن هناك خصوصاً فيما يتعلق بأمر الدين· وقد ربانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على تقوية الشخصية واستقلاليتها وعدم انجرارها خلف كل دعوة مشبوهة المصدر أو خبيثة الجوهر ولو كانت براقة المنظر، أو ذوبانها خلف كل هوية غربية أو شرقية لا إسلامية بقوله (صلى الله عليه وسلم): ''لا تكونوا إمعة ، تقولون إن أحسن الناس أحسنا ، وإن أساءوا أسأنا ، ولكن وطنوا أنفسكم على أنه إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا ''· هذه الشخصية الإسلامية لا تفعل شيئاً أو تقوله إلا بعد أن تتبين حقيقته وتعرف ما له أو عليه، ومن ثم فإن هذه المصطلحات المصدرة إلينا من غيرنا وإن تلقفها بعضنا وتبناها وصار يلهج بها من دون أن يتبين ما خلفها يتغير طرحها بحسب الزمان والمكان والسكان· وثانياً: من المسلم به أن لكل زمن خطابه، ولكل فئة مفردات مقبولة ، لكن الذي يتبين من الظروف المحيطة بهذه المصطلحات - وهذا ما أفصح عنه أصحابه - أن كل ذلك وقع تحت هذه المسميات التي تذريها في وجوهنا رمادا كي تغشي وجوهنا كلوحة من لوحات الفكر تصدمنا عند تبين حقيقتها ، حتى نفقد بوصلة رؤيتنا ووجهتنا فنتشاغل يمنة ويسرة في حين يمرر أعداؤنا على مرأى ومسمع منا ما يريدون تمريره مما يقضي على معنى خصوصية الأمة المستمدة من دينها فيما نحن مشغولون بأنفسنا أوفيما بيننا عن أعدائنا !! ؟ في سوق المصطلحات الغربية الكثير ، وهناك من يقارن بين عالمية الإسلام والعولمة بالمفهوم الغربي ، فماذا ترون؟ ؟؟لقد جرى الغرب في الآونة الأخيرة على مثل هذه السياسة، وهي أن يصدر إلى المجتمعات الإسلامية مصطلحات هدامة وتبدو مألوفة لا تنفر منها النفوس، ولكننا بحمد الله لا ننخدع بمثل هذه الأمور،لأن نبي الهدى ومعلم البشرية صلى الله عليه وسلم علمنا ونبهنا بوجود مثل هذه الأساليب فقال كما روى الحاكم عنه '' لتشربن أمتي الخمر يسمونها بغير أسمها'' فنبه (صلى الله عليه وسلم) إلى مثل هذه الأساليب بطرح مصطلحات تبدو مقبولة شكلا لكن باطنها فيه العذاب· إن العالمية غير العولمة مضمونا ، وإن تشابهتا شكلا ، وأقرب مثال استطاع الغرب به أن يصل إلى شريحة من الأمة كلمة ''العولمة'' ، التي لم يجد المسلمون صداماً معها لأنها مأخوذة من كلمة عالم ، لكنهم كانوا يقصدون من ورائها شيئاً آخر هو فرض الهيمنة على العالم بواسطة القطب الواحد فكلمة ''العولمة'' تفيد وجود طرف يفرض الرؤى يصدرها لغيره، ليتلقفها ذلك الغير من منطلق أن المصدر فاعل والمصدر له مفعول به والفاعل دائماً هو الأقوى· ثم ساعدوا بإردافها بمصطلح آخر يفقد الهوية ويذيبها فقالوا بعد العولمة، إن العالم أصبح ''قرية صغيرة'' وهي معان مقصودة ،فكأنهم بذلك يريدون أن يقولوا لنا أنتم مجتمع صغير جداً لا يمكنكم أن تكونوا فيه مستقلين فاعلين بمحض اختياركم، وإنما أنتم في مجتمع فيه طرف قوي ينظّر ويؤصل ويصدر الأفكار والنظم وأنتم تبع لها· ؟ وهل ترون أن هذه الخديعة انطلت على العالم ؟ ؟؟ من المؤسف أن هذه الحقيقة الأخيرة لم يفطن لها من أبناء الأمة إلا قلة في حين إنساقت الأكثرية وراء بهرجة تلك الدعوات الكاذبة ، وفي ظل هذه الهجمة الشرسة التي أبانت بعض أجزائها وألمحت إلى شيء من خطورتها، تأتينا الهجمة الصريحة وهي محاولة تغيير الثقافة الإسلامية تحت نفس الخطر المبطن فتطرح المصطلحات من ''علمانية '' و ''تجديد'' أو ''تطوير'' أو ''تغيير'' الخطاب الإسلامي، وعلامة هذا أيضاً الطعن الصريح في الشريعة والدين·· وقد خرجوا علينا بما زعموا أنه قرآن أسموه ''الفرقان'' وهكذا بلغت التجاوزات حدا غير مقبول ولا معقول ولا يجوز السكوت عليه من العلماء والمثقفين المسلمين · غير أنهم بذلك فضحوا هجمتهم ونواياهم التي كانوا يبطنونها في أنفسهم ويزينونها في عقولنا فأنكشف المستور وظهر ما كانت تخفيه القلوب ، وهذا الشيء نفسه هو صورة من صور حفظ الله تبارك وتعالى لأمة الإسلام· ؟ ولكن من ناحية أخرى ألا يعبر هذا القول عن نوع من الجمود ومعارضة للتطور ؟ ؟؟ إن ما نقوله لا يعني أننا في صدام مع أي حضارة أو أن بيننا وبين التطور والتجدد والتطوير والتجديد مشكلة ، ذلك لأن شريعتنا صالحة لكل زمان ومكان وقادرة على مخاطبة كل مجتمع مهما كانت خصائصه ، ومن هنا يلحظ الباحث في الشريعة الإسلامية المتتبع لمسيرتها أن الخطاب الديني وأقصد هنا أسلوب المخاطبة كان ولا يزال يتطور ويتجدد تلقائياً تبعأً لتطور المجتمعات زماناً ومكاناً وسكاناً ·بل أن القرآن قد ألمح إلى ذلك حين قال ''بلسان قومه'' ، فنحن أمة لنا خصوصيتنا وشخصيتنا التي تقبل الآخر ولسنا كمن قال، ''إما أن تكون معي أو تكون ضدي''، وإنما خاطبنا الله ''وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه'' ، فهكذا نحن نسمعه خطابنا بكل أدب وإحترام فإن قبله فذاك ما نأمله وإن رده فله نظره واختياره المسؤول عنه وعلينا واجب حفظه حتى يتركنا · وتلك هي عظمة الإسلام المتجسدة في ''لا إكراه في الدين'' وما ينتج عنها من ''لكم دينكم ولي دين''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©