الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حاميات التراث» يوثقن وينقلن حضارة الإمارات إلى العالم عبر إبداعاتهن

«حاميات التراث» يوثقن وينقلن حضارة الإمارات إلى العالم عبر إبداعاتهن
17 فبراير 2014 09:30
لكبيرة التونسي (أبوظبي) - جلست عتيقة علي طارش المحيربي بين زميلاتها بمشغل التلي بإدارة الصناعات التراثية والحرفية بالاتحاد النسائي العام، و«الكجوجة» بين يديها تزينها ألوان علم الإمارات، تنسج من خيوط الحرير التلي المزين بخيوط الفضة بكل مهارة، أصابعها تعمل من دون أن تنظر عيناها، وهي تتقاسم الحديث مع زميلاتها في بيئة عائلية، وينصرفن في نهاية الدوام بحصيلة إنتاجية ومعنويات عالية، حيث صمم المكان ليحتوي هؤلاء النساء ويجعلهن يقدمن أفضل ما لديهن. أثواب تقليدية عندما يلج الزائر المكان ينساب بين زقاق تتفرع عنه بيوت، تحتضنها مساحات خضراء وتزينها ورود بمختلف الألوان، وتلوح في بعض الأبواب نساء في أبهى حللهن وأثوابهن التقليدية، تغادر هذا المشغل لتعود إليه مرة أخرى، وفي جو تسوده الألفة ويعج بالحياة تعكف النساء على إنتاج مشغولات قديمة باستعمال مواد عالية الجودة، ويعملن على إحياء التراث من خلال هذه الحرف، ليظل صامداً في وجه تغيرات الزمان. وهؤلاء النساء يرجع تاريخ عمل بعضهن بالمركز إلى عشـرات السـنوات، وأُخريات التحقن بهن منذ فترة دون ذلك، يعملن ويشاركن في المعارض الوطنية والإقليمية والدولية لتوثيق التراث وإبرازه من خلال مساهماتهن، بهدف نقله إلى الأجيال الحالية وتسليط الضوء عليه من خلال وسائل الإعلام المقروءة والمرئية. خيوط التلي وتحكي عتيقة المحيربي 65 سنة قصتها مع «الكجوجة» التي تحضنها بكلتا يديها لتنسج يومياً خيوطاً من التلي، أنها تعودت على العمل في المكان، الذي تشعر من وجودها فيه بأهميتها، كونها تنتج يومياً كميات مهمة من التلي، موضحة أن طبيعة المكان تجعل من تعمل فيه تشبه من يجلســن فـي بيوتهن، حيث تتجمع النســاء ويتــناولن إفطــارهن فـي جو من الألفة، ثم يتوزّعن على آلاتهن التـقليدية الصغيرة متقابلات يتجاذبن أطراف الحديث، بينما أناملهن تعمل بكل مهارة، لتكون حصيلة نهاية النهار مهمة، وتقول إن الأداة لم تتغير منذ سابق الزمان، لكن تغيرت الخيوط. وتضيف: تعلمت هذه المهنة منذ كنت صغيرة إلى جانب حرف أخرى، عندما كانت تدخل في الصناعة خيوط الفضة الحقيقية، التي كنا نختبر جودتها من خلال لمس اليد وفركها، فإذا تركت أثراً، فذلك يعني أنها لا تصلح للعمل، بينما إذا كان لونها لا يخلف أي أثر في اليد، فهذا يعني أنها جيدة، أما اليوم فتستعمل خيوط الحرير بألوان واحدة أو ملونة، ثم تطعم باللون الفضي الصناعي وليس الأصلي. وتتقن المحيربي مجموعـة من الحرف اليدوية الأخرى، التي تطلب منها وفق المناسبات الدينية والوطنية وفعاليات المعارض، حيث ينشط العمل ويزيد خلال هذه الفترات. مهارات من جانبها، تشير روضة عيسى المنصوري 50 سنة التي تتناول بيد «المقران» آلة تتكوَّن من قرن الغزال ومقبض حديد، تعمل بمشغل السدو، وتتحدَّث عن الحرفة في سابق الزمان بقولها: قبل عشرات السنوات كُنَّا نستعمل الصوف الطبيعي في نسج السدو، أما الألوان التي كنا نستعملها، فهي الأحمر والأسود والأبيض، وإذا أردنا الحصول على ألوان مختلفة، فإننا نصبغ بمواد طبيعية. أما اليوم، فالأمر اختلف قليلاً من حيث المواد المستعملة، وأصبحنا ندخل الخيوط في صناعة السدو، أما أدوات الصناعة، فتغيرت من الخشب إلى الألمنيوم، لكن ظلَّت تقوم بالمهمة نفسها. وتوضح روضة المنصوري أن الحاجة اليوم إلى السدو أصبحت كبيرة، خاصة أنه أصبح يدخل في صناعة بعض المحافظ، التي تستعمل لحمل الآي باد والهاتف المتحرك، ومحافظ الجيب، وغيرها من الهدايا، التي يصبح الإقبال عليها كبيراً، خاصة في اليوم الوطني والمناسبات الدينية كحق الليلة، وغيرها من الفعاليات والمعارض. مشغل السدو وبدورها، تشير مزنة فريـش راشــد المنصوري 65 سنة التي تعمل بمشغل السدو، إلى أن عملها أصبح محصوراً في إنجاز مجمـوعة من الميداليات وعلاقات المفاتيح، بعد أن أصبحت تعاني ألماً في ظهرها، وذلك بما يتماشى مع صحتها ويناسب الحرفة التي كانت تتقنها وهي السدو، وتوضح أن إنتاجها بالشهر يقارب 30 وحدة. أما شيخة محمد 65 سنة التي تعمل في صناعة طرابيش الكنادير والعقم والتطريز، فأوضحت أنها تعمل بالمركز منذ تأسيسه، وتعلمت هذه الحرف من إحدى جاراتها، مشيرة إلى أن الملابس التقليدية، كانت تجهز بوساطة أيادي النساء في السابق، إلى جانب القيام بأعمال البيت والطبخ، وقت أن كانت الحياة بسيطة وسعيدة. شكر وتقدير وجهت السيدات الحرفيات في مركز الحرف والصناعات التراثية والحرفية بالاتحاد النسائي العام الشكر والتقدير للقيادة الرشيدة، على دعمها الدائم للنساء الإماراتيات، كما نوَّهن بدور الاتحاد النسائي العام في توفير البيئة الملائمة للإنتاج. وعن نظام العمل في المركز تقول سميرة العامري ضابط أول وتسويق وعلاقات عامة، إن ذلك يعتمد على نظام المكافأة الشهرية، مؤكدة أن كل السيدات اللواتي يعملن في إدارة الصناعات التراثية والحرفية مستفيدات من بدلات الشؤون الاجتماعية، لافتة إلى أنهن إما مطلقات أو أرامل أو من الأسر المتعففة، مؤكدة أن ما تتقاضاه السيدات هو عبارة عن مكافآت. وتقول: هناك من تعمل في المركز منذ 30 سنة وما يزيد، مشيدة بعطائهن في جميع المشاغل، وعن طريقة تسويق المنتجات، توضح أن هناك إقبالاً كبيراً جداً على هذه المشغولات والحرف، لافتة إلى أن هناك تنسيقاً مع بعض الجهات الحكومية والخاصة، والسفارات، والمعارض، والفعاليات التراثية، وطلبة المدارس وزيارة الضيوف، مؤكدة من جهة أخرى أن الحرفيات يشاركن في المعارض المحلية والإقليمية والدولية، بالإضافة لذلك تشير العامري إلى أن هُناك من المواطنين من يطلبون تجهيز عرس تراثي للعروس من زهبة وأكل شعبي وحناء، إلى جانب الإقبال الكبير في المناسبات الوطنية والدينية، خاصة حق الليلة. وطرحت مؤخراً فكرة إنشاء سوق شعبي يمكن الجمهور من الاطلاع على هذه الحرف والمشغولات التي تنتجها النساء، وفي هذا الصدد تقول العامري: تحقيقاً لانفتاح أكبر على المجتمع، فإننا سنبدأ في تقديم دورات في المدارس، كما أن هُناك خطوات عدة لنقل هذه الحرف إلى الجيل الحالي، رغم التحديات التي تواجه الموضوع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©