الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سهر كريم: الناس يلقون أسباب فشلهم على العين والحسد

سهر كريم: الناس يلقون أسباب فشلهم على العين والحسد
21 ابريل 2009 02:21
تعترض كل إنسان كثير من المحبطات في حياته، لكن تبقى القدرة على تخطي، ذلك مختلفة من شخص لآخر، حسب التربية التي تلقاها الفرد، وحسب البيئة التي نشأ فيها، فهناك البيئة الداعمة التي تخلص الفرد من كل الشوائب السلبية والتقاعس، وتستطيع خلق إنسان قادر على الاحتراق وسط معترك الحياة. فالحياة لا تمنح شيئاً بالمجان دون كفاح، هناك من الناس من يستطيعون السير على الأشواك فتدمى أقدامهم، ولا تسمع هسيس صراخهم، وما يزيدهم ذلك إلا صبراً وجلداً، مقابل هؤلاء هناك طائفة تعيش على الدلال والغنج، وتتلقى مفردات الحياة وأبجدياتها على أيدٍ تكرس مفهوم للحياة بمنطوق مغاير لما هو متعارف عليه، وبذلك صار الفشل في الحياة يعلق على أشياء افتراضية وغير ملموسة، فعندما يسأل بعض الأشخاص عن إصابته بمرض، أو فشل أو خيبات أمل، أو طلاق أو انكسار مشاعر نتيجة ظروف متعددة ونتيجة أسباب مختلفة، يعلق كل مصائبه على العين والحسد، العين حق، لكن أن يصبح الإنسان حبيس هذا الخندق، وتلف عنقه خيوط متشابكة لا يعرف أولها من آخرها، هنا تكون الطامة الكبرى، ويصبح الشخص مريضاً، هذا ما يقوله البروفيسور السير كريم سهر، استشاري الصحة النفسية والباراسيكولوجي، رئيس المعهد الكندي لعلوم الصحة: من الملاحظات الواقعية والعيادية في مجتمعاتنا أن هناك إفراطاً في تطبيق مفاهيم العين والحسد والسحر، وتأثيرها في الحياة العامة والحياة الزوجية بشكل خاص، وأيضاً في مختلف النواحي الطبية والنفسية، والأحداث اليومية الاعتيادية، ويؤدي ذلك إلى فهم خاطئ لأسباب المشكلات المتنوعة، وبالتالي ازدياد تعقيد المشكلات وتطورها وعدم السير في طريق الحل الصحيح، والمشكلات الزوجية كمثال متنوعة ومنتشرة ولها أسبابها، والإفراط والإسراع في تشخيص العين والحسد، كلُّ ذلك يشكل ظاهرة منتشرة تحتاج لمزيد من الدارسة. إلقاء اللوم على العين والحسد عند كل فشل ويشخص سهر كريم أسباب العلل فيقول: تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى اعتبار المشكلات الزوجية سببها العين والحسد والسحر ومنها: _ الجهل العام والابتعاد عن الفهم الواقعي والعلمي للمشكلة الزوجية، مثلاً بسبب نقص المعلومات والثقافة عن العلاقات الزوجية والإنسانية. _ اختلاق الأعذار والتهرب الإرادي من المسؤولية عند الرجل والمرأة أو كليهما، وتبرير التقصير والأخطاء التي يقوم بها أحد الزوجين بأن يرمي المشكلة إلى العين والحسد، وهو يعرف أن ذلك سيخلصه من المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية، وأنه لا يد له فيه، ولا سيما أنه يعرف أن مثل هذه التبريرات مقبولة في المجتمع وواسعة الانتشار. وتتعارض هذه العقلية مع التفكير السببي العلمي ومبدأ «انَّ السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة»، و»أعقلها وتوكل»، حيث يجب التعرف إلى الأسباب والمسببات والقوانين التي وضعها الله في الأرض وفي خلقه، ومن تم العمل بمقتضاها، ولا بد من مراجعة النفس وأخطائها وسلوكياتها باستمرار والالتزام بالعبادات والذكر والمحصنات التي تجعل الإنسان قوياً في مواجهة العين والحسد، وستساهم في تحسين العلاقات الزوجية بإذن الله. الإيمان القوي بالعين أسباب دفاعية ضعيفة يؤكد سهر كريم أن من عنده خواء روحي يتأثر بشكل كبير بالعين والحسد ويقول: «هناك أسباب دفاعية يستطيع الإنسان من خلالها التخلص من مشاعر القلق ومشاعر الذنب وأيضاً من مشاعر العدوانية الغاضبة بأن يحولها إلى جهة أخرى خارجية، كالعين والحسد». مواجهة المشكلة من المؤكد أن الشخصية الناضجة تواجه المشكلات المتنوعة بصراحة وواقعية، ويمكنها تحمل درجات أكبر من القلق والتوتر، وهي يمكنها مراجعة نفسها، ويمكنها أن تتحمل المسؤولية والخطأ، وأن تقوم بإصلاحه، أما الشخصية الأقل نضجاً وتوازناً، والأكثر عقداً واضطراباً فهي ضعيفة، لا تتحمل اللوم والذنب والخطأ، وتهرب من المسؤولية، وتتملص من تبعاتها، كما أنها تقنع نفسها بالكمال الزائف، وتتألم كثيراً من كل ما يذكرها بضعفها ونقصها وقصورها. المحصنات سد في وجه كل الشرور يجزم سهر كريم ويقول إن هناك محصنات وأسباباً لو اتخذ بها الإنسان فلن يصيبه ضرر، ويقول: يجب على بعض الأفراد التخلص من الأوهام التي يضعون أنفسهم فيها، ومن ثم يصابون بالمرض واليأس والإحباط، بحيث يلقون اللوم بكل فشلهم على العين والحسد، بينما هناك أسباب تحصن الإنسان المؤمن من الوقوع في أي مكروه بإذن الله، ومن هذه الأسباب: _ التعوذ بالله من شره واللجوء إليه. _ التوكل على الله، فمن يتوكل على الله فهو حسبه، والتوكل أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم، وهو من أقوى الأسباب في ذلك، فإن الله حسبه، أي كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه، ولا يضر إلا أذى لا بد منه كالحر والبرد والجوع والعطش، «ومن يتوكل على الله فهو حسبه». الطلاق 3. الصبر وتقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه، فمن اتقى الله تولى حفظه ولم يكله إلى غيره، قال تعالى: «وأن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً» آل عمران 120. وقال صلى الله عليه وسلم (احفظ الله يحفظك الله)، ومن كان الله حافظه فمن يخاف ومن يحذر. فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن؟ ـ تجريد التوبة إلى الله من الذنوب حيث يقول تعالى «وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم». الشورى 30. ـ فراغ القلب من الاشتغال والتفكير في العين والحسد، ويقصد بذلك أن يمحوه من باله كلما خطر له فلا يلتفت إليه أو يخافه ولا يملأ قلبه بالتفكر فيه، وهذا من أنفع الأدوية وأقوى الأسباب المعينة على إبعاد الشر، فإن هذا بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه، فإذا لم يتعرض له ولا يتماسك هو وإياه، بل انعزل عنه لم يقدر عليه، فإذا تماسكاً وتعلق كل منهما بصاحبه حصل الشر، وهكذا الأرواح سواء، فإذا تعلقت كل روح بالأخرى غاب القرار، وسيطر الشر حتى يهلك أحدهما، وهذا باب عظيم النفع لا يلقاه إلا أصحاب النفوس الشريفة، ولا يصدق بهذا إلا النفوس المطمئنة الوادعة اللينة التي رضيت بوكالة الله لها، وعلمت أن نصرته لها خير من انتصارها هي لنفسها، فوثقت بالله، وسكنت إليه واطمأنت به وعلمت أن ضمانه حق، ووعده صدق وأنه لا أوفى بعهده من الله ولا أصدق منه قيلاً، وإقبال المؤمن على الله والإخلاص له وجعل محبته ورضاه في محل خواطر نفسه وأمانيه تدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئاً فشيئاً حتى يقهرها ويغمرها، ويذهبها كلية، فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محراب الرب والتقرب إليه واستعطافه ورضاه وذكره، فإذا صار كذلك فكيف يرضى لنفسه أن يجعل بيت أفكاره وقلبه عامراً بالتفكير في الانتقام من حاسده «المفترض»، أو الذي أصابه بالعين المفترض، هذا ما لا يتسع إلا إلى قلب خراب لم تسكن فيه محبة الله، وطلب مرضاته، وقال تعالى حكاية عن إبليس أنه قال (فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) وقال تعالى «إن عبادي ليس لك عليهم سلطان» الحجر 42 وقال تعالى «انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون» النحل 99 و100. وقال في حق سيدنا يوسف عليه السلام «كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين» يوسف 4، فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن؟ «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم» الجمعة 14. _ الصدقة والإحسان، فإن ذلك له تأثيراً عجيباً في دفع البلاء ودفع العين والأذى الذي قد يتسلط على محسن متصدق، وإن أصابه شيء من ذلك كان معاملاً فيه بلطف والمعونة والتأييد، وكانت له فيها العاقبة الحميدة، فالمحسن المتصدق عليه من الله حجة واقية وحصن حصين والشكر حارس النعمة من كل ما يكون سبباً لزوالها. قراءة في كتاب ما فوق الذكاء العاطفي حلاوة الإيمان أبوظبي (الاتحاد) ــ يتألف كتاب «ما فوق الذكاء العاطفي حلاوة الإيمان»، الصاد ر عن دار الفكر للكاتب الدكتور ياسر العيتي، من 84 صفحة، ويشمل 7 فصول، وهذا المؤلف يعد ثمرة لأجزاء سابقة لنفس الكاتب، ويتمحور حول المعطيات التي يحدثها الذكاء العاطفي، والتي تدفع بالإنسان للرقي ليصل إلى حياة زاخرة بالسعادة والحب والعزم والأمل وتحمل المسؤولية. ويقول عنها الكاتب إنها حياة للرجال الكبار والنساء المتألقات الذين يصنعون الحياة، ويبنون الخير لأنفسهم وللناس من حولهم ذلك لأنهم عرفوا الدنيا، وعرفوا كيف يعيشون الحياة ينتقلون من نجاح إلى نجاح ومن خير إلى خير، كما قال الكاتب إنَّ الناس عندما تعرف سر الحياة ترتقي في مداركها إلى آفاق فسيحة ليس لها آخر. الكتاب يتكون من 7 فصول الفصل الأول: حلاوة الإيمان، يتحدث فيه الكاتب عن مصطلح جديد ولد في منتصف التسعينيات في الولايات المتحدة الأميركية، اسمه الذكاء العاطفي، وعرَّفه واضعوه على أنه قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع ذاته ومع الآخرين، ليحقق بذلك أكبر قدر من السعادة لنفسه ولمن حوله، واعتمدوا في ذلك على دراسات كثيرة أظهرت أنَّ نجاح الإنسان وسعادته في هذه الحياة لا يتوقفان على ذكائه العقلي فقط، وإنما يحتاج الإنسان إلى مهارات الذكاء العاطفي، الذي يقول عنه الكاتب إنَّه يتكون من 4 مكونات أساسية فهم الذات، التعامل الإيجابي معها، فهم الآخرين، والتعامل الإيجابي معهم. وينطوي تحت هذه المكونات 17 مكوناً فرعياً، ومن بين هذه المكونات إدراك المشاعر، التفاؤل، المرونة، المبادرة وتحمل المسؤولية، التحكم بالمشاعر، الثقة بالنفس، التصميم، الانسجام الداخلي، إدراك مشاعر الآخرين، التعاطف، التواصل مع الآخرين، الاختلاف البناء، والثقة بالنفس. وإذا كان الذكاء العاطفي يمكِّن الإنسان من التعامل الإيجابي مع ذاته ومع الآخرين، حيث يحقق لنفسه ولمن حوله أكبر قدر من السعادة، فإنَّ الإيمان يمكِّن الإنسان من أن يحقق لنفسه ولمن حوله أكبر قدر من سعادة الدنيا والآخرة، وإذا كانت مكونات الذكاء العاطفي هي المهارات السبع عشرة التي ذكرها الكاتب، فإنَّ الإنسان يشعر بحلاوة الإيمان عندما يتحلى بهذه المهارات، ويربطها بربه ودينه وآخرته. أما الفصل الثاني، عندما تكون الحياة لله، فقد استهله الكاتب بآية قرآنية (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) الأنعم 6 ?\? 162 وقال إن أهم مكون من مكونات الذكاء العاطفي هو إدراك الذات، أي أن يعرف الإنسان من هو؟ ما غايته في هذا الوجود؟ وما مبادئه وقيمه؟ وقال إن الغربيين الذين كتبوا كثيراً في مواضيع النجاح وتنمية الذات، وفي موضوع إدراك الذات تحديداً، ذكروا أن أهم سبب من أسباب النجاح في هذه الحياة هو حيازة الإنسان لأهداف واضحة، يحقق ذاته من خلال السعي إليها.. الفصل الثالث، النفس المطمئنة، قال فيه الكاتب «لعل أكثر المواضيع التي شغلت أذهان الغربيين الباحثين في علوم النفس والتنمية الذاتية، هو موضوع التحكم بالمشاعر السلبية، وكيف يتجاوز الإنسان المحن والأزمات التي يمر بها، وكيف يتخلص من الشعور بالخوف والقلق والغضب وغيره من المشاعر السلبية؟ ولم أجد ديناً كالإسلام يداوي القلوب، ويمدها بأسباب الراحة والطمأنينة». الفصل الرابع بعنوان: الصديقون، وفيه يقول الكاتب: «لقد جعل الله الصديقين الذين يتحلون بأعلى درجات الصدق في مرتبة تلي مرتبة الأنبياء مباشرة، حيث قال تعالى (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً). النساء 4 ?\?69 وأكد أن من يتمتع بدرجة الصدق يرفعه الله لدرجة عالية، لأنَّ الانسجام الداخلي هو من أهم مكونات الذكاء العاطفي. الفصل الخامس، القادة اللينون، يقول من خلاله إن دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأميركية على المديرين الأكثر نجاحاً، تضمنت سؤالاً لهم عن أهم الصفات التي يجب توافرها في المدير الناجح، فكانت النتيجة قائمة من الصفات، وقد جاء التعاطف مع الموظفين في أسفل القائمة، ولكن عندما أعيدت هذه الدراسة في التسعينيات قفزت صفة التعاطف إلى رأس القائمة، وتبين أن القيادة القائمة على التعاطف مع الموظفين هي أكثر نجاحاً وديمومة من القيادة القائمة على القهر والتسلط. أما في الفصل السادس، وتحت عنوان لا تفرقوا، فقد أكد الكاتب على ضرورة التعامل بالحسنى انطلاقاً من تعاليم ديننا الحنيف، ولكون ثقافة الانغلاق وإلغاء الآخر غريبة عن روح الإسلام ومضامينه. كما شكَّل الفصل دعوة للتحاور والتفاهم والبحث المشترك عن كلمة السواء. وفي الفصل السابع والأخير المعنون «قل هو من عند أنفسكم». أكد الكاتب أنَّ من مكونات الذكاء العاطفي المبادرة وتحمل المسؤولية في إحداث التغيير، بدلاً من إلقائها على الآخرين. وقال من خلاله الكاتب إن الإسلام يعلمنا أن نتحمل مسؤولية المصائب التي تنزل بنا، وأن نبحث عن الخلل الموجود في أنفسنا والذي أدى إلى هذه المصائب حيث قال تعالى (وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) النساء 4/ 79
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©