الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشيع الدهشة وتضفي الإحساس بالبهجة

تشيع الدهشة وتضفي الإحساس بالبهجة
21 ابريل 2009 02:21
لها هيئة لا تحفظها الذاكرة لكنها تروي عطش العيون للجمال، ينهمر مطرها بلا سحاب ويبلل أيامنا بالمسرة.. ينبثق الماء منها شفافاً ينشد الأعلى ويصعد إليه، يحس بالانتصار فيبرق كألماس، أو يومض كعيون. وإن أحس بالانكسار يتشظى كبلور مكسور، يغرق في ذاته، وينام في بيته إلى حين موعد الانبثاق من النوافير معلناً ثورة الماء. ولأن الناس بطبائعهم يميلون إلى إشباع حاجاتهم الفنية بما يتوافق مع حواسهم، نقلوا بعض الأمور من الضرورة إلى الكماليات، كما في النوافير التي ظلت عبر التاريخ تأسر الإنسان بما تشيعه من راحة نفسية وإحساس بالبهجة خاصة إذا احتوت على جوانب تراعي البيئة وأجواء المنطقة. وفي أبوظبي تستيقظ النوافير مبتهجة لتبلل برذاذها محاجر الأضواء الملونة التي تراقبها تارة وتغازلها تارة أخرى. وتنتشر في حدائقها ومسطحاتها كأنها قبائل نجوم.. تنام على وسائد الدوّرات الخضراء، تداعب برذاذ الماء شتلات الورد الجوري والخزامى والريحان والأولندر والكاميليا والتوليب والسوسن والليلك والأرجوان، في نحو 20 حديقة، منها «حديقة آل نهيان، حديقة مسجد هزاع بن زايد، العاصمة، المشرف للنساء، الخالدية للنساء، المطار، الشهامة، بني ياس، الوثبة، الشريعة، السلع، غياثي، مدينة زايد، المرفأ، الختم». وما تزال بلدية أبوظبي -منذ عقود- تنشر النوافير في الإمارة وتقوم بتحديثها وبإضافة نماذج جديدة أخاذة تحاكي فنيات جمالية وإبداعات هندسية بروح شرقية ومواصفات عالمية. حيث تعتمد النافورة على دفق من الماء يرتفع بشكل طبيعي أو اصطناعي نتيجة للضغط، الذي يأتي من وزن الماء المجمع في خزان أو من حرارته، أو كليهما معاً. وفي حالة النوافير الاصطناعية (كما في حدائق أبوظبي) فإن المضخات هي التي تقوم بتوليد الضغط اللازم لتتشكل هيئات ونماذج رائعة من الماء والرذاذ الذي ترافقه الأضواء الملونة في الأمسيات فتزيد المشهد روعة وإبهاراً. وحكاية النوافير قديمة تعدت آلاف السنين، فقد ورد أن أول من قام ببنائها هم قدماء اليونان، وبنيت على الينابيع، ومثلت في حياتهم فأل خير لموسم خصب، لذلك قاموا بإدخالها في تماثيل رموزهم وأبطالهم كأن ينفر الماء من أفواه وعيون أولئك الرموز. كما قلدهم الرومان في صناعة مئات النوافير في روما، جاءت معظمها تحاكي قصص الموروثات الثقافية. في حين وجدت النوافير في جرش عام 190 للميلاد، فيما برع العرب خاصة في العصر الأندلسي بالتفنن في تشكيل النوافير ووظفوا عنصر الماء في مختلف نماذج النوافير في المساجد والقصور والحدائق والميادين، فوفرت النوافير عناصر جذب في الحديقة العربية بما تضفيه من بهجة وجمال.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©