الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المقهى في لبنان.. منتدى اجتماعي يتحرر من الرسمية

المقهى في لبنان.. منتدى اجتماعي يتحرر من الرسمية
16 فبراير 2014 22:32
بيروت (الاتحاد) - أصبح المقهى عنواناً دائماً لبعض اللبنانيين، وقد يرتاده ويلازمه من ليس له حياة عائلية، أو من يهرب من بيته وعائلته ومسؤولياته؛ فيكون في المقهى وديعاً مع الغرباء، وشرساً مع الأقرباء. ويبرز الصوت العالي، ونبرة الأمر الحازمة للنادل كميزتين رئيستين تكشفان مزاج الزائر. وجولة على طاولات المقهى، تمكنك من أن تستمع فيها إلى أخبار وأفكار، وإلى حوارات ونقاشات مختلفة، ومطاردة بصرية للمارة والمتجولين تلخص إلى حد ما نبض المجتمع اللبناني، ونظرته إلى الأوضاع التي يعيشها الآن، إنْ كانت سياسية اقتصادية أم اجتماعية، بوجهات نظر مختلفة. ولا يتوقف الأمر عند الحوارات والنقاشات بين مرتادي المقهى، بل يمكن أن يحدث تبادلاً للخبرات والمعارف ووجهات النظر، حتى إنه يمكن تشبيه المقهى بمنتدى اجتماعي، لكن قراراته التي تصدر، تبقى في مكانها ولا تجد لها فرصة حقيقية للتنفيذ.‏ وضمن هذا النسيج الاجتماعي المتشابك في مكان واحد، لا بد أن تجد أيضاً مراهقين بدأوا التعلم على سحب دخان الأرجيلة (الشيشة)، ونفخه في الهواء، كما يفعل الكثير من رواد المقهى وكأنها الطريقة المثلى لإخراج شيء من القهر والقلق اللذين تعمل بهما القلوب. وكذلك نجد طاولات عليها مجموعات من المتخرجين الجدد، يبحثون عن فرصة عمل مناسبة، طالما أنه ملاذ المتخرجين الشباب. وعما يجري فيه، يقول? ?صاحب? ?مقهى? ?«شاتيلا?» ?إن? ?الكل? في المقهى ?يلعب? ?الورق،? ?ويطغى? ?صوت? ?حجر? ?النرد? ?في? ?النهار? ?على? ?أي? ?صوت? ?آخر،? ?مع? ?تثبيت? ?الشاشات? ?الكبيرة? ?على? ?محطات? ?رياضية? ?أو? ?التي? ?تبث? ?المسلسلات? ?المدبلجة? ?حصراً،? فيما تدور في مكان آخر من المقهى? ?الأحاديث? ?الطويلة? ?والنقاشات? ?المهمة? ?والحوارات? ?البنّاءة? ?التي يقدم ?من? ?خلالها? الرواد اقتراحاتهم? ?لمواضيع? ?حية? ?وفي? ?وقتها،? ?والكثيرون? ?كانوا? ?يخرجون? ?من? ?المقهى? ?بقناعات? ?مختلفة. ويرى? ?عدنان? ?نصري? ?أن? ?مقهى? «?الروضة?» ?وغيره? ?من? ?المقاهي? ?وأماكن? ?التجمع? ?المشابهة،? ?تسهم? ?إلى? ?حد? ?كبير? ?في? ?خلق? ?جيل? ?جديد? ?مهتم? ?جداً? ?ومتابع? ?للشؤون? ?العامة،? ?وتتناقش? ?في? ?وجهات? ?نظرها،? ?متلاقية? ?كانت? ?أو? ?مختلفة.? ?ويوضح «ربما? ?تسهم هذه? ?التجمعات? ?والنقاشات،? ?في? ?خلق? ?جيل? ?جديد،? ?يدرك? ?تماماً? ?ما? ?له? ?وما? ?عليه».? وعند عدد من اللبنانيين يصبح المقهى المنزل والمكتبة، والصديق والأخ والأب والمستشار، ويتحول إلى بيت على قارعة الشارع، ينقصه، الفراش. غير أن الحاج أبو عمر اسكندراني يستنكر ممارسات هؤلاء، ويشدد «إدمان المقهى لا يجوز، فالإدمان شلل والاستقلال حياة»، مؤكداً أن الإدمان يقتل الحرية والاتزان يحفظها. ولذا لا بد من الموازنة بين الذهاب إلى المقهى وقضاء الوقت في المنزل بين الأسرة. ويضيف اسكندراني «في عصرنا لم يعد المقهى وسيلة اتصال؛ هناك الوسائل المتطورة، حيث تستطيع أن تجري سجالاً بالهاتف، والاتصالات أصبحت عربية وعالمية بواسطة الإنترنت، والقنوات الفضائية». أما? ?خالد? ?معطي،? ف?يرى? ?أن? ?المقهى? متنفس? ?فعليّ،? ?ويقول? ?إن? ?أول? ?مكان? ?يقصده? ?بعد? ?خروجه? ?من? ?عمله? ?هو? ?المقهى، موضحاً «?فيه، أشعر? ?بأنني? ?أتنفس? ?من? ?دون? ?رقابة،? ?أستمع? ?إلى? ?آراء? ?الناس? ?من? ?دون? ?تكلف،? ?وأعبّر? ?عن? ?رأيي? ?مع? ?أصحابي? ?وأصدقائي? ?من? ?دون? ?إحساس? ?بأنني? ?سوف? ?أحاسب? ?على? ?كلامي،? ?فهنا? ?أتحرر? ?من? ?عبء? ?الواجب? ?الرسمي? ?والوظيفي?»?. ويجد فريق ثانٍ أن المقهى مكان سلبي يكثر فيه القيل والقال، ومنهم أمل الغلاييني التي ترى أن المقهى مكاناً للنميمة، فيه يجري التشريح والتقبيح، وتركيب الكلام. والويل للغائب. وهو أيضاً «مكان مثالي» للمشاتمة والمشاحنة والمناكفة. غير أنها تجد أيضاً أن للمقهى رواده من أوساط مختلفة يقضون فيه أوقاتاً حرة بعيداً عن الروتين والرتابة القاتلة. وقد يخرج المقهى في بيروت، عن مفهومه التقليدي المتعلق بكونه مؤسسة سياحية متخصصة باستقبال الزبائن، وتقديم مأكولات خفيفة وبسيطة ومشروبات. ليصل إلى تعريف أوسع بات يشمل شقاً ثقافياً، إذ يراه لبنانيون مكاناً مناسباً للقراءة والكتابة، بل ومحرضاً على الفعل الإبداعي، ومنهم الدكتور فؤاد الحركة الصحفي والكاتب الذي يعتبر أن بين الكاتب والمقهى علاقة وثيقة، تطلق عنان الخيال في انطلاقات الخلق والإبداع. ومن جهة ثانية، يرى كتابة المقهى «عجلى» بحكم المهنة في التقاط الأخبار وإجراء اللقاءات الصحفية وتقديم المواد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©