الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عن جاكي شمعون وردود الفعل

16 فبراير 2014 22:34
يثير نشر صور وأفلام العري في العصر الرقمي إشكالات متزايدة في مجتمعاتنا، من نواح متنوعة، ثقافية وقانونية وتقنية وإعلامية. وتستدعي نوعية وطبيعة الفعل وردود الفعل عدة ملاحظات، تفترض من المعنيين التنبّه لها والتفكّر بها والسعي لتدبّرها، وتفادي وقوع جولات ارتباك أخرى، يبدو فيها العري بطلاً والآخرون عجزة. ومن هذه الملاحظات: 1- مبالغة المدافعين عن العري في رفض النقد، لدرجة يتأسف معها المرء على باقي أشكال رفض الرأي الأخرى والقمع الفكري، حيث يتناسى مثل هذا البعض أننا في مجتمعات محافظة، وأنّ من المنتظر فيها ظهور مطالبات بالمحاسبة والعقاب لدرجة التطرف، مثلما سيكون من المنتظر والمنطقي، في مجتمع متنوع الثقافات على الأقل، رفض هذه المطالبات، لكن ليس لدرجة تسخيفها وتحقير أصحابها واستفزازهم والدعوة إلى مزيد من التعري، قولاً وعملاً. 2- خطورة الموقف في مثل هذه الحالات، الذي لا ينبع من كونه متردداً أو ضعيفاً، بل لأنه يبدو «انحدارياً» ومتراجعاً بشكل مفضوح، كما ظهر في حالة صور الصدر العاري لمتسابقة التزلج اللبنانية جاكي شمعون، حيث بدأت السُلطة بالحديث الجازم عن التحقيق معها، ولكنها انتهت إلى ما يشبه الاعتذار إليها وإبداء الحرص عليها. 3- قد تختلف ردود الفعل على لقطات العري من مجتمع عربي لآخر، لكن ثمة ظاهرة يسهل رصدها، وتتمثل في نوع من الاستسلام واللامبالاة تجاه ما يظهر في الكثير من المحتويات العربية، من الأفلام والفيديوهات والصور، وفيها من الإثارة والتعري والحركة والإغواء ما يستدعي، ليس فقط التساؤل عن قدرة أي سلطة أو مؤسسة دينية أو أخلاقية على الوقوف في وجهه، بل يدفعنا أيضاً لمواجهة أنفسنا والإقرار بأن إغواء الصورة قد تمكّن فعلاً، لأسباب موضوعية أو في غفلة زمنية، من اختراق أسوار المحرمات الحديدية لدرجة غير قابلة للرجوع إلى الوراء. 4- هذا الخرق يستدعي بدوره مواجهة الأسباب الكامنة وراءه، والاعتراف بأن ثمة عجزاً متعدد المصادر سمح بحدوثه وقد يسمح بما هو أكثر منه. هذا ما يحصل على سبيل المثال في التعامل مع الانتشار الواسع لظاهرة التحرش الجنسي في الأماكن العامة في العديد من مجتمعاتنا، أو حيال جرائم العنف الدامية ضد النساء، أو حتى في الخواء الروحي المنتشر بكثرة في أوساط الشباب ولاسيما المجتمعات الاستهلاكية، أو في غياب وضعف القدوة التي يمكن أن يلوذ بها في عصر الطفرة الرقمية والتكنولوجية وتحدياتها المستقبلية. هذه الظواهر المتعددة تؤكد باجتماعها معاً في ظرف تاريخي ومجتمعات متشابهة لدرجة كبيرة، أن العجز في التعامل معها لا يقتصر فقط على التشريع والقضاء أو السلطة الإجرائية والسياسات الإعلامية، بل إنه يمتد إليها كلها وإلى المشترك بينها، أي أنه يتطلب بحثاً في جذور الثقافة والفكر. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©