الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الباباراتزي».. علاقة مرتبكة بين الإعلام والحياة الخاصة

«الباباراتزي».. علاقة مرتبكة بين الإعلام والحياة الخاصة
16 فبراير 2014 22:35
أبوظبي (الاتحاد) - بينما يشهد الإعلام تساؤلات متزايدة حول مشروعية نشر الصور الخاصة للشخصيات العامة والمشاهير والنجوم، تعود إلى الأذهان قضية الباباراتزي، أو المصوّرين الصحفيين «المتطفلين»، لتؤكد أن الأحكام والنهايات القضائية للفضائح، التي كان هؤلاء محورها في العقود الماضية، لم تصل إلى برّ أمان إرساء علاقة سليمة بين الإعلام والحياة الخاصة، خاصة مع تزايد وسائل النشر الإلكترونية والرقمية لأجهزة التصوير في الهواتف الذكية، في وقت تستعد فيه فرنسا لإقامة معرض لصور الباباراتزي ما يفتح النقاش مجددا حول دورهم. قضايا ومحاكم تعيد مشاكل نشر الصور الخاصة للمشاهير إلى الأذهان عشرات القضايا، التي شغلت المعنيين في القضاء والإعلام والسياسة وحتى عموم الرأي العام، ومن أبرزها تاريخياً قضية جاكي كندي أوناسيس في 1972، التي انتهت بقرار المحكمة بقاء خصمها المصور الباباراتزي بعيداً من السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة الأميركية مسافة لا تتجاوز الـ25 قدماً، ومنها كذلك الاتهامات المتعددة، التي وُجّهت للمصوّرين الصحفيين بالتسبب في مقتل الأميرة البريطانية ديانا وصديقها العربي الأصل دودي الفايد. ولا يكاد يمر عام إلا وتنشغل المحاكم وصحافة المجتمع والمشاهير بمثل هذه القضايا في هذا البلد أو ذاك. ومن أبرز هذه القضايا في الفترة الأخيرة، ما كشفته المجلة الفرنسية «كلوزر» خلال الشهر الماضي، وبالمعلومات والصور، عن علاقة الرئيس الفرنسي الحالي فرنسوا هولند مع الممثلة جولي جاييت وزياراته المتكررة لمنزلها سراً، وهي العلاقة، التي أدت إلى هجرة شريكته فاليري تريلويلر قصر الأليزيه. وبينما لا تزال أصداء ذلك تتردد في فرنسا، كان من اللافت أن يعلن مركز بومبيدو الثقافي عن تنظيم معرض في مركزه بمدينة ميتز، مخصّص لأعمال مصوري الباباراتزي، في الفترة من 26 فبراير الجاري وحتى 9 يونيو المقبل، بعنوان «باباراتزي، مصورون، نجوم وفنانون»، فاتحاً بذلك المجال مرة أخرى أمام النقاد لتحليل هذه الظاهرة التي شغلت العالم وينتظر أن تشغله أكثر فأكثر مع ازدياد ممارسات خرق الخصوصيات في العصر الرقمي الجديد. لقطات مسروقة تضيء الصور المتوقعة في المعرض خفايا وعوامل «الإغراء الغريب»، الذي تمارسه على المشاهدين صور «التقطت سراً أو سرقة»، وعادة ما يترافق نشرها مع موجات استنكار أو رفض عارم، في مشهد من النفاق، الذي يكمّله مشهد الجمهور المتعطش للتفاصيل. ومما سيحتويه المعرض، وفق ما ذكرته تقارير فرنسية، صور النجمة باريس هيلتون ودموعها بعد أن أوقفتها الشرطة بسبب السرعة الزائدة أثناء القيادة، وصورة المغني (المسن) جوني هوليداي، وهو منهك بعد حفل فني، طبعا إلى جانب لقطات لأبرز الشخصيات والنجوم العالميين الذين كانوا عرضة لملاحقة المصورين الصحفيين المتطفلين، ومنهم جاكي كندي والليدي ديانا، المغنية بريتني سبيرز والممثلة ليز تايلور. ويرى مختصون أن ميزة لقطة الباباراتزي هي «أنها مسروقة، حيث نتذوق عبرها متعة مضاعفة لأنها سرية ومحظورة»، كما يمكن أن تحمل بين طياتها أحيانا لسعة «الجنس»، وسلوك العنف، ولاسيما حين يقوم النجوم الملاحقون بتعنيف المصور أو رميه بأغراضهم الشخصية أو أي أدوات حين يفاجئهم بوجوده. واللافت أن هناك من ينتقل من ممارسة التصوير كرسالة نبيلة إلى الباباراتزي مثل «نيك أوت»، الذي كان مصور حرب ارتبط اسمه بصورة الفتاة الفيتنامية الصغيرة، التي احترقت عام 1972 بقنابل النابالم خلال حرب فيتنام، والذي كان أيضا وراء لقطة باريس هيلتون لدى اقتيادها موقوفة في سيارة الشرطة عام 2007. وفي العام الماضي عاد الباباراتزي للواجهة مع قضية مغني الراب، كيني أوماري ويست، الذي واجه عدة تهم لتهجمه على مصور صحفي قائلا: إنه «سيناضل لتغيير القانون بحيث يمكن للمشاهير الاستفادة (ماليا) من أعمال الباباراتزي»، كذلك أصدرت المحكمة في المملكة المتحدة حكما لمصلحة النجمات البريطانيات سينا ميللر وإيمي واينهوس وليلي الين، يمنع بموجبه المصوّرين من الاقتراب منهن، أو التجمع أمام منازلهن. ضجة لبنانية أما القضية الأخيرة، المتعلقة بمتسابقة التزلج الأولمبية اللبنانية، جاكي شمعون، والتي سببها نشر صورها نصف عارية الصدر على الثلج، فهي لم تأت نتيجة عمل بابارتزي، ولا كانت موضع شكوى وتظلم حقيقي من صاحبتها، كما أن الرأي العام اللبناني على الأقل انقسم حولها بحيث ناصرها بشكل واضح وجلي القسم الأكبر منه ضد محاولات النيل منها أو الدعوة لوقفها عن تمثيل لبنان في الألعاب الأولمبية أو رفضاً للتحقيق معها من قبل السلطات، كما وعد وزير الشباب والرياضة، الخارج مع الحكومة السابقة، فيصل كرامي. ويمكن القول: إن الخصوصية أخذت هنا منحى جديداً من شأنه أن يعيد التفكير حتى بدور الباباراتزي؛ فصاحبة الصور لم تعتذر عن صورها العارية، بل اعتذرت فقط لأنها نشرت في غير سياقها وأن هذه الصور لم تكن مخصصة للنشر. ومن يقرأ تصريح الوزير المعني بعد حملة التأييد لشمعون يفهم بوضوح اعتذاراً مبطناً وحرصاً على دور المتسابقة الأولمبية وسمعتها. أما المفارقة فهو قول الذين دافعوا عنها: إن صورها تعرّي المجتمع ونفاقه، ولا تعري الرياضية التي دعوا لها بكل التوفيق والفوز، ورفع اسم لبنان عاليا. وحتى هذه اللحظة لم يجرؤ أحد على معاقبة جاكي شمعون، بل إن صحيفة «الشرق» البيروتية، التي نشرت صورتها «موضوع الاحتجاج»، لم تحذفها حتى اللحظة عن موقعها على الإنترنت. ويعرف مستخدمو الإنترنت أن الشبكة باتت حبلى اليوم بصور العري الفاضحة، للنجوم والمشاهير وغيرهم، والخشية كل الخشية أن البعض يفرط من تلقاء نفسه بحق الخصوصية لدرجة قد يصبح معها الباباراتزي أقل خطرا، وأكثر قبولا بكثير من قبل. أو مجرد مصادر للإثارة لا تستقيم بدونها آليات الشهرة، ولا يجد كثير من المصورين الصحفيين المستقلين عملا مجزيا بالنسبة لهم. سابقة من نوعها انشغلت أوروبا بقضية نشر صور تظهر دوقة كامبريدج تأخذ حمامات الشمس، وهي شبه عارية في منزل الصيفي لقريب زوجها في فرنسا، وهي قضية أدت إلى الإعلان في 14 سبتمبر 2012 إلى أن الزوجين الملكيين يعتزمان البدء بالإجراءات القانونية لمقاضاة مجلة «كلوزر» نفسها، لتكون بذلك المرة الأولى، التي ترفع فيها دعوى ملكية في محكمة خارج المملكة المتحدة. وذكرت الدعوى أن الدوقة كان لها الحق بالخصوصية في حرم المنزل، في حين ادعت المجلة أن الصور التقطت من على الطريق العام السريع، وقد أمرت المحكمة المجلة بعدم نشر الصور في فرنسا وبعدم بيعها، كما أمرتها بتسليم المواد الأصلية من الصور تحت طائلة غرامة 10 آلاف يورو عن كل يوم تأخير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©