الحنونة .. توقد الذكريات في التراث الفلسطيني

يلقبونها بحارسة التراث الفلسطيني وموقدة الذكريات، تدهشنا ونحن نشاهدها وفي كل عرض تقدم حكايا متجذرة منذ عشرات الألوف من السنين وتستحضر الذكريات العتيقة بلكنة فلسطينية تشعل حنينا إلى الأرض التي تنشد الحرية وتضعه بأمانة أمام الأجيال لتقول لهم ''هذا تراث الأجداد·· حافظوا عليه من سطو الطارئين''· انها فرقة الحنونة للثقافة الشعبية التي تتحف على مدى ساعة ونصف جمهورها في المركز الثقافي الملكي وسط عمان· العرض الأول الذي سجل رقم 500 في عروض الفرقة منذ تأسيسها استهلته برائعة أبوالقاسم الشابي ''إذا الشعب يوما أراد الحياة·· فلا بد أن يستجيب القدر'' ثم بلوحات ''رمضان زمان'' التي قدمتها مجموعة من الراقصين والراقصات على أصوات مغني الفرقة ''شاب وفتاة'' وكورال ''ثلاث صبايا'' بالإضافة إلى ثلاثة ضابطي إيقاع وأربعة عازفي آلات· ولوحات رمضان تدرجت من ثبوت رمضان إلى الأهيل ''جمع تهليله'' بقدوم الشهر الفضيل إلى لوحة المسحراتي التي سردت طبيعة العلاقات بين الناس وارتباطهم بأرضهم· وقدمت الحنونة بفرقتيها ''الرئيسة'' و''براعم الحنونة'' وجبة فنية رائعة أبكت الحاضرين وخاصة كبار السن، مستذكرين ذكريات الأمكنة والحنين إلى الديار وهم يشاهدون لوحات استعراضية يشكل فيها التراث الفلسطيني حاضنا للوطن· واستحضرت الفرقة أيام الكتاتيب: أهلا يا شيخ الكتاب·· يا أبو العربي والأعراب ليرد شيخ الكتاب: افتح عقلك وأذنك يا طالب: الألف ما في سن عليها·· والباء تحتها نقطة·· والجيم رقبة الجمل·· والحاء بطة·· اسمع صوتكم يا أولاد· فيرد الطلاب: الألف شدة عليها والباء باب العلية والجيم دجاجة بتكاكي·· والحاء حا يا حمار لينتهي المشهد الضاحك بطرد الأطفال من الكتاتيب· أما مشهد ''صايم·· مفطر'' فيحمل عقوبات للمفطرين كالتعزير تلاه لوحة ''السوق'' التي تختلط فيها كل الأطعمة ملوخية·· تمر هندي·· سوس·· وفي مقدمتها القطايف· الفرقة قدمت لوحات استعراضية تعبيرية لأغنيات ''يا حلالي يا مالي'' وهي من أغاني زفة العريس ورائعة سيد درويش ''الأرض بتتكلم عربي'' التي قدمها مطربها الرئيس محمد سمير بمشاركة لينا صالح وأسيل حكمت و''ع الاوف مشعل'' و''بكتب اسمك يا بلادي'' و''لبيك يا ارض بلادي'' و''عليّ نارك عليها''· وقدمت الفرقة كذلك لوحة فنية استعراضية من التراث الشعبي الفلسطيني ''زينو الساحة'' و'' حت هودجها'' وقبل أن تُختتم عرضها بنشيد ''موطني'' حيث شاركها الجمهور الغناء واقفا أشعلت جو المسرح بحوارية مناكفة بين الرجل ''الزوج'' والمرأة ''الزوجة'' تناولت مجريات الحياة اليومية بينهما· وكان رئيس الجمعية د·موسى صالح رحب بالحضور وقال: الحنونة تمسيكم بالخير وتعود لملاقاتكم بعد غيبة قصيرة لم يغب فيها الهدف ولا الهاجس في تواصل اللقاء·· حراسة الذاكرة مهمة اخترناها بوعي تام لصعوبتها ودروبها الوعرة·· مستمرون بكم ومعكم عشاقا لهذه الأرض التي تحرض فينا بحثا عن الحياة كأول صناع لها· وقال: في هذه الأمسية ننبش جرحا·· ونغني للحياة تجديدا لمضاء الروح المثلمة أحفادا جادين لتاريخ صاخب معا سنغني للفرح رغم أجفان العيون الغائرة· يذكر أن فرقة ''الحنونة'' تتبع جمعية الحنونة للثقافة الشعبية التي تسعى لتحقيق أهداف تنطلق من مشاركة الآخرين في تنمية الحس الوطني وتعميق الانتماء للوطن والاعتزاز وتعتبر من أشهر الفرق الشعبية في الأردن التي تحمل الهم الفلسطيني في جولاتها العربية والعالمية·