المُحصــي

الله تعالى يعد علينا أعمالنا، ويحصي أقوالنا وعدد طاعتنا، وهو بالظاهر بصير وبالسرائر والباطن خبير، ومن هنا كان اسمه تعالى المحصي· ويقول د· محمد أبو ليلة -الاستاذ بجامعة الأزهر: المحصي من الإحصاء، ومعناه: الإحاطة بكل شيء والهيمنة على كل شيء خفي أو ظاهر، يسير أو جليل، قديم أو جديد؛ ولذلك فإن اسم المحصي يتعلق تعلقاً لازماً بأسماء الله تعالى العليم والحكيم والمهيمن· وقد ورد هذا الاسم بمعناه في القرآن الكريم في قوله تعالى: (وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً)، ومعناه: أحصى عدد كل شيء سواء قبل الخلق أو بعده، وأنه -جل شأنه- يعلم كل ما في الزمان والمكان وما وراء ذلك ويحصيه إحصاء على سبيل التفصيل لا الإجمال· ويقول الامام الرازي: الإحصاء راجع الى ما في علمه سبحانه بعدد أجزاء الموجودات وعدد حركاتها وسكناتها· كما أن لهذا الاسم معنى آخر وهو انه سبحانه وتعالى يعد الاعمال يوم القيامة على الخلق لأجل الحساب، فلكل عاقل كتاب أحصيت فيه اعماله، ويقرأ الانسان يوم القيامة كتابه ويحاسب نفسه بناء على هذا الإحصاء الدقيق، وقد خلق الله تعالى كل شيء بعلم ووفق نظام محكم، وخلق كل ما في الكون موزوناً ومقدراً في غاية الإتقان لا خلل في تركيبه ولا تفاوت في نسبه وتقديراته· وقال بعض العلماء: المحصي هو الذي بالظاهر بصير وبالسرائر خبير· وقيل: هو الذي يراقب أنفاسك بالباطن ويراعي حواسك· وقيل: هو الحافظ لأعداد طاعتك والعالم بجميع حالاتك، يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، فهو سبحانه الحكم العدل اللطيف الخبير البديع المحصي· ويضيف د· أبوليلة: وحظ العبد من هذا الاسم هو أن يتربى ويتهذب على خلق المراقبة ومحاسبة النفس؛ لأنه يعلم أن الله يحصي عليه أعماله كلها· ونتعلم من هذا الاسم أن نحاسب انفسنا قبل أن يحاسبنا الله، وأن نعدل سلوكنا قبل أن يختم على كتابنا، فعلينا أن نتعلم الحساب والدقة والإتقان في اعمالنا حتى لا نحيا حياة عشوائية ونقصر في اداء واجبنا غير مبالين بما نقول أو نفعل·