الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لباس العلماء

لباس العلماء
3 أكتوبر 2007 23:00
مما لا يختلف فيه الباحثون أن اللباس في المجتمعات قديمها وحديثها هو نتاج اجتماعي تتدخل في تكوينه عوامل عديدة منها العامل الثقافي، والعامل البيئي، والعامل الاقتصادي، والأعراف الاجتماعية، وأمور أخرى كالتطور والتلاقي بين الشعوب والحضارات، ولهذا يضعه دارسو الحضارات مقياساً على درجة الحضارة ورقيها، أو بساطتها وبدائيتها· وتحافظ الشعوب في الغالب على ما ورثته من لباس في هيئته وألوانه لتدل على هويتها وثقافتها وتعتز بتاريخها وحضارتها، فمن الطبيعي أن تكون فكرة اللباس وثقافته رابطاً اجتماعياً بين كل الفئات والطبقات، ولكن جودته ودقته وجماليته تختلف بين مستوى وآخر وبين حالة وأخرى· ومجتمع دولة الإمارات لا يخرج عن هذا السمت الحضاري، ولهذا لم يقيد القرآن الكريم أو الحديث الشريف الناس بضوابط صارمة للباس، لأن هذا يتطور مع التطور البشري، ويختلف باختلاف المناطق والبيئات وجغرافيتها، ولكن وضع للباس ضابطاً أخلاقياً ينطبق على الجميع فجاء في القرآن الكريم: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) (الأعراف:31)· وجاء في الحديث الشريف: ''كُل ما شئت، والبس ما شئت، إذا أخطأك اثنان سرف ومخيلة''، فالسرف والتبذير وتكلف المرء ما ليس عنده له نتائج نفسية واجتماعية ضارة، ولهذا منعه النبي صلى الله عليه وسلم وحرمه· والخيلاء والتكبر على الناس له كذلك نتائج ضارة، ولذلك منعه النبي صلى الله عليه وسلم وحرمه· وقد كان لكل بلد بحسب مناطقها وجغرافيتها ألبسة متعددة تناسب المناخ وغيره وتدل على ثقافة المجتمع وحضارته، إلا انه كان على الدوام للمستويات الاجتماعية المنظور اليها لباس خاص يميزها، يتسم بالهيبة والوقار، ويدل كذلك على المكانة الاجتماعية التي يحظون بها، وفي طليعة هؤلاء العلماء والوعاظ والأئمة والمؤذنون الذين ينظر إليهم بعين الاحترام والتقدير، فقد كانوا يتميزون بلباس يميزهم عن غيرهم ويعرفون به ليأتي إليهم الغريب والقريب لينهل منهم ويستهدي في أحكام الشرع بفقههم، فقد كان في القديم يسمى (بالطيلسان) و(العمامة) كلباس خاص بهم، يجمع بين الوقار والاحترام والدلالة على المعنى الاجتماعي والمكانة الاجتماعية· وفي العصور الأخيرة صارت هناك ألبسة معينة للعلماء في عدد من البلاد، ففي مصر لعلماء الأزهر لباس يميزهم، وفي بلاد الشام لهم كذلك لباس خاص بهم، وفي الجزيرة العربية، وفي بلاد المغرب، وكلها تتميز بالأناقة والكمال الذي يدل على الوقار، وقد كان الأئمة -ومنهم الإمام مالك- إذا جلسوا للحديث أو الفتيا أو القضاء، يلبسون أحسن اللباس فيزيدهم هيبة ووقارا، والعالم يتوجه اليه من يعرفه ومن لا يعرفه، وهذا العمل الذي خص به العلماء عبر العصور مقتبس من الهدي النبوي الشريف، فقد جاء عن جابر بن سمرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة اصحبان -أي منيرة مقمرة- فجعلت أنظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر وعليه حلة حمراء فإذا هو عندي أحسن من القمر· وصح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اتخذ حلة -أي لباساً متميزاً- وهو ما كان له ظهارة وبطانة، للجمعة يخطب فيها، وللوفود يستقبلها بها كذلك، ومن هنا كان العلماء الذين يتصدرون للإمامة والفتوى وخطبة الجمعة وغيرها من المناصب الدينية، عبر العصور يتميزون بلباس يليق بهم شكلاً ونظافة وجمالاً، وإن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة قد عملت على جعل الأئمة والخطباء والوعاظ والمؤذنين في المساجد على هذا المسلك فاقترحت عليهم ثلاثة أنواع من الألبسة التي تنبع من عمق الثقافة الإسلامية وحضارتها ليكونوا محط أنظار الناس تقديراً واحتراماً واستفادة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©