السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التشيكيون: أوقفوا المشروع الأميركي

التشيكيون: أوقفوا المشروع الأميركي
4 أكتوبر 2007 01:01
لكي ندرك بالضبط مدى الانقسامات التي تسببت فيها الخطة الرامية لنشر وحدات رادار في إطار منظومة الدفاع الصاروخي الأميركي في جمهورية التشيك، كان يجب علينا أن نتحدث لـ''جوزيف ريهاك''، أو للاثنين معا أي لـ''جوزيف'' الابن -48 عاما- و''ريهاك'' الأب -81 عاما- الذي كان عضوا في البرلمان التشيكي الذي صوت عام 2003 بالموافقة على إرسال قوات للعراق، بينما يشغل الآن منصب عمدة مدينة ''برايبرام''، ومنصب ''منسق رابطة العُمد المناهضة للرادار'' وهي مجموعة تعارض نشر منظومة الرادار الأميركية المشار إليها على الأراضي التشيكية· عندما التقيت بالسيد ''ريهاك'' في بلدة ''برايبرام''، قال لي: ''لم أصادف في حياتي موضوعا كان سببا في انقسام الشعب التشيكي مثل موضوع الرادار الأميركي، وأكبر دليل على ذلك أن ابني ''جوزيف'' الذي يجلس أمامك يؤيد ذلك الأميركي بل لعلني لا أبالغ إذا ما قلت لك أنه أكبر مؤيد لهذه المنظومة في جمهورية التشيك بأسرها''!· المثير أن الوالد وابنه يمثلان مدرستين سائدتين الآن في التشيك، الأولى المدرسة التاريخية المؤيدة للولايات المتحدة بلا حدود، أما الثانية فهي المدرسة الحديثة التي تشك في النوايا الأميركية، وخصوصا ما يتعلق بالسياسات الدفاعية في أوروبا، وهي الأكثر شعبية وسط التشيكيين· تقول الولايات المتحدة إن المنظومة الدفاعية التي تمت تجربتها بنجاح فوق المحيط الهادئ، ستوفر الحماية لجمهورية التشيك ضد أي تهديد صاروخي إيراني موجه لها، ولكن الكثير من التشيك يقولون إن تلك المنظومة سوف تجعل بلادهم مستهدفة، وإنهم لا يستطيعون أن يلتزموا الصمت حيال ذلك، خصوصا وأن روسيا كانت قد أعلنت صراحة عن معارضتها بل وهددت باستهداف دول شرق أوروبا التي ستوافق على نشر تلك المنظومة على أراضيها· يقول السيد ''ريهاك'' الذي تقع البلدة التي يعمل عمدة لها بالقرب من قاعدة ''برداي'' العسكرية المزمع نصب المنظومة الرادارية فيها عن ذلك: ''أنا لست جبانا، ولكن ماذا تفعل عندما يقول لك الروس صراحة بأنهم سيوجهون صواريخهم نحو بلدك ألا يعد ذلك داعيا للقلق؟''· في بولندا لا تحظى منظومة الصواريخ تلك بالقبول بين أفراد الشعب، بيد أنها لم تتحول إلى موضوع سياسي جدي هناك حتى الآن· أما سبب الاهتمام والانقسام الذي سببته تلك المسألة في التشيك، فيرجع إلى أن مجلس النواب منقسم في آرائه بين الأعضاء المنتمين إلى حكومة يمين الوسط الحاكمة، والمنتمين إلى أحزاب المعارضة التي تنضوي تحت تيار يسار الوسط· وهو انقسام يجعل من تمرير المقترح الخاص بالموافقة على نشر تلك المنظومة أمرا أبعد ما يكون عن اليقين، رغم امتنانهم لأميركا التي ساعدتهم في الحصول على حريتهم· على الرغم من كل ذلك الامتنان، يشير المحللون في معرض تناولهم للأسباب التي تدعو قطاعا كبيرا من الشعب التشيكي لمعارضة نشر المنظومة الرادارية، إلى التيار السلمي الذي يسود الآن في أوساط الشعب التشيكي، يجعله ينظر إلى مجرد نصب صواريخ دفاعية في أراضيه على أنه أمر غير مريح· ولكن هذا التيار هو نفسه الذي يجعل من موضوع القاعدة الرادارية أهون بالنسبة لجانب من الشعب التشيكي، بالمقارنة بالصواريخ الاعتراضية العشرة التي سيتم نصبها على الأراضي البولندية بحسب ''الكسندر فوندرا'' -نائب رئيس الوزراء التشيكي للشؤون الأوروبية-· تبذل الحكومة التشيكية قصارى جهدها حتى تستميل إليها الشعب فيما يتعلق بهذه القضية، لدرجة أنها استعانت بخدمات شركة عالمية للعلاقات العامة، لتنظيم حملة دعاية· ويقع العبء الرئيسي في التأثير على الرأي العام على عاتق ''توماس كلفانا'' الذي كان يعمل من قبل في شركة أميركية- بريطانية للدخان والذي يعرف هنا باسم ''السيد رادار''، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في نظرية الاتصال الجماهيري، ويشغل في الوقت الراهن أيضا منصب المبعوث الخاص للحكومة بشأن المنظومة الرادارية· في إطار هذا المنصب- أو المهمة في الحقيقة- يقوم ''توماس كلفانا'' بعقد اجتماعات أو جلسات يقدم فيها محاضرات لشرح المنظومة الرادارية، ومحاولة الحصول على تأييد الجمهور لها· وفي آخر تلك المحاضرات ظل الجمهور صامتا من دون أن تلوح على وجهه أي علامة اقتناع بما يقوله المحاضر، ولكن عندما انتهت المحاضرة وتقدم رجل غزير الشعر كث الشارب ليقول: إنك يا سيدي لا تفعل ذلك من أجل حمايتنا كما تدعي ولكن من أجل حماية الولايات المتحدة، فدوت القاعة بالتصفيق! لا يزال لدى الحكومة التشيكية المزيد من الوقت لكسب تأييد الشعب لنشر المنظومة الرادارية، لأن المفاوضات التي تجري حول المعاهدة مع الجانب الأميركي -والتي تركز في الوقت الراهن على تحديد الشروط التي سيتم بموجبها نشر تلك المنظومة- لا تزال تجري على قدم وساق· ويقول السياسيون إن ذلك يعني أن البرلمان لن ينظر في هذه المسألة قبل يناير العام المقبل، بل إن الاحتمال الأكبر أن يتم النظر فيها بعد ذلك التاريخ بعدة شهور· مراسل نيويورك تايمز في براج ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©