الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نعيمة بن يعيش: ضرورة الفصل بين التعاليم الدينية والتقاليد الاجتماعية

نعيمة بن يعيش: ضرورة الفصل بين التعاليم الدينية والتقاليد الاجتماعية
4 أكتوبر 2007 23:29
عن واقع المرأة المسلمة وحقوقها وواجباتها، وعما يريده الغرب منها وما يريده الشرع لها، وحول المرأة بين مطلب التمكين السياسي والتمكين الدعوي، دار هذا الحوار الرمضاني مع الداعية نعيمة بن يعيش مديرة معهد أم المؤمنين الشرعي بمدينة طنجة في المملكة المغربية، وإحدى ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة لإحياء ليالي رمضان· ؟ كيف تنظرين إلى واقع المرأة في العالم الإسلامي؟ ؟؟ إذا تحدثنا عن واقع المرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية فعلينا أن نتذكر أنها نصف المجتمع التي تربي نصفه الآخر· وبهذا فدورها محوري وأساسي في نهضة وتنمية المجتمع، فإذا أعطيناها حقوقها ومكنّاها من استيعاب واجباتها وحولناها إلى إنسان إيجابي فإننا نحول بالتالي المجتمع كله إلى أناس إيجابيين وفاعلين، فهي التي تغرس هذه القيمة الإيجابية في الآخرين والعكس· وإذا نظرنا إلى مجتمعاتنا العربية سنجد النهضة تنتشر في بلداننا وتشمل الرجل والمرأة على حد سواء· وقد بدأت المرأة تستوعب دورها وتؤدي جزءاً لا بأس به من واجباتها· ؟ يتحدث الكثيرون عن حقوق المرأة الغائبة في العالم الإسلامى، بينما يركز آخرون على ما يفوتها من واجبات·· إلى أي الرأيين تميلين؟ ؟؟ علينا أولاً أن نتكلم عن الواجبات قبل الحقوق، وأرى أن على المرأة في أمتنا العربية أن تفهم حقيقتها وطبيعة دورها كامرأة مسلمة، ويجب أن تعي رسالتها النبيلة في الحياة وهي رسالة الحق، وتجتهد في أن تفصل في تصوراتها ومفاهيمها بين التقاليد والتعاليم، وأعتقد أن أكبر مشكلة تعوق أداء دور المرأة المسلمة في التنمية هو هذا الخلط· فكثيراً ما نبعد المرأة عن مواقع مجتمعها بسبب طغيان التقاليد الاجتماعية الموروثة على مفاهيمنا، آن الأوان أن تشتغل النساء العربيات المثقفات على موضوع الفصل بين التعاليم الدينية والتقاليد الاجتماعية، وعلى نشر التوعية في صفوف النساء بضرورة الانتقاء في التقاليد بما لا يتصادم مع النص أو مع العصر· ؟ وماذا عن الحقوق الغائبة؟ وهل صحيح أن ''العقلية الذكورية'' هي السبب في ذلك؟ ؟؟ هناك مجموعة من الحقوق لم تنلها المرأة في بعض مجتمعاتنا·· ولا أعزو السبب إلى ''العقلية الذكورية''، ولكن السبب يرجع إلى المرأة نفسها والخلط في المجتمعات بين التعاليم والتقاليد، لأن المرأة العربية في بعض الأحيان نجدها غير حريصة على تلك الحقوق، وهناك تهويل لقضايا صغيرة وفرعية وتهوين لقضايا كبيرة ورئيسية، ولو أن المثقفات والمثقفين عملوا على توعية المجتمع أو المرأة بالفصل بين التقاليد التي تعوق مثلا حق الانتخاب أو تولي الوظائف القيادية أو قيادة السيارة، وبين التعاليم الدينية التي تضمن لها كافة الحقوق والتي لو فهمت وطبقت بشكل صحيح لما عانت المرأة من أية مشكلة· ؟ نسمع أيضا عن مسألة التمكين السياسي للمرأة، أفلا ترين أن التمكين الدعوي للنساء أمر غائب؟ ؟؟ هذه فعلاً مسألة في غاية الأهمية، وهذا ما أشتغل شخصياً عليه في المغرب الآن·· وأنا أفهم أن على المرأة واجبات رئيسية، أولاً يجب أن تعي المجتمعات أن المرأة المسلمة والمثقفة خصوصا، مسئولة مسئولية كاملة مثلها مثل الرجل عن القيام بدورها الرسالي، وأقصد به فهم الإسلام واستيعابه وتطبيقه والدعوة إليه بالحال واللسان· ولا يمكن أن تعيش المرأة وهي تعتقد أن الدعوة إلى الإسلام من واجبات الرجل فقط·· هذا غير صحيح مطلقاً، والقرآن يخالف هذا المنطق، والسيرة النبوية تخالف هذا التصور؛ لذا لا بد من تصحيح هذا الوضع· ثانيا: أن المرأة جعل الله تعالى فيها سر الرحمة، فغيابها عن كثير من مواقع اتخاذ القرار في العالم غيب كثيراً من مواقع الرحمة·· إذا كان لها طاقة وقدرة على العطاء في المجالات المجتمعية سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي أو القانوني أو الاجتماعي وعلى الخصوص في الجانب التربوي· وأنا أعتبر أن تقاعسها عن أداء هذه الواجبات وغيابها عنها خيانة للأمانة الملقاة على عاتقها· ثالثا: إن محورية دور المرأة كزوجة وكأم في الأسرة تؤكد على أن استقرار أسرنا وبالتالي مجتمعاتنا رهن بمدى وعيها بهذا الدور واستعدادها للتأهيل والتثقيف المستمرين في ذلك حتى تكون قادرة على مواكبة المتغيرات السريعة في عالمنا والتي إن غفلت المرأة قليلاً عن مسايرة مجريات الواقع ستنفلت منها أسرتها الصغيرة وبالتالي تنفلت منا أسرتنا الكبيرة· ؟ يبقى مصطلح التمكين للمرأة الذي يتردد على مسامعنا بحاجة إلى توضيح؟ ؟؟ موضوع التمكين للمرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جرى بصورة تلقائية اتساقاً مع تعاليم الدين، فانتشل الإسلام المرأة من تقاليد الجاهلية التي توأد فيها وتورث وتهان وتحتقر إلى امرأة رسالية مكرمة مصونة ومشاركة في الحياة المجتمعية بكل أجزائها· وفي أقل من ربع قرن استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل من المرأة مستشارة له مشاركة في العلم والتعليم بل في الفتوى أيضاً·· فهذه هي السيدة عائشة -رضي الله عنها- بعد وفاة الرسول تصبح مرجعاً في الفتوى وهي أعلى مراتب التمكين؛ لأن المفتي في الإسلام هو الذي يرشد الحاكم، وقد روت نصف الحديث النبوي الشريف وحدها· وهي أول من أنشأ مدرسة لنقد رواية الحديث النبوي الشريف، وقد بقيت نصف قرن بعد الرسول تعلم وتربي العلماء فكانت شيخة لكثير من العلماء الكبار· لكن الذي يحصل أن المجتمعات البشرية حينما تحيد عن العدالة تظلم المرأة، وهذا ما وقع بالفعل في تاريخنا حين حاد المسلمون عن عدالة الإسلام بسيادة التقاليد الاجتماعية على التعاليم الإسلامية ظلمت المرأة وأقصيت وهمشت، وخلطت كثير من المقولات الموروثة التي تهين المرأة بالأحاديث واستعملت في تفسير كثير من الآيات القرآنية، وبالتالي سحبت عليها قدسية الدين والدين منها براء· وبالتالي مازالت عندنا كثير من مجتمعاتنا تهمش المرأة خاصة في التمكين العلمي والسياسي والقانوني· ؟ وماذا عن التمكين الدعوي؟ ؟؟ حقيقة إن الداعيات أقل عدداً من الدعاة الرجال كما هو الحال في القيادات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأقول ليس المهم العدد بل الأهم هو مدى التأثير· ووضعنا في عالمنا العربي بدأ يتحسن بحمد الله، وبدأت تبرز هنا وهناك داعيات وعالمات يساهمن في تغطية بعض الحاجة لدى المجتمع في فهم دينه فهما صحيحاً· لكن لا بد من الانتباه إلى أن أمر الدعوة خطير، ويحتاج إلى دراسة واعية وإلى إنشاء معاهد للتأهيل والتكوين الدعوي للمرأة المسلمة حتى لا تتقلد مناصب ومراتب تسيء فيها من حيث لا تدري· فالفتوى لها أسسها وقواعدها وكذلك الفقه والعلوم الشرعية، وأنا أدعو من هذا المنبر ولاة الأمور والمسئولين والعلماء إلى العناية بإقامة معاهد لتكوين وتأهيل وتخريج مزيد من الداعيات والواعظات المتمكنات من الفهم الصحيح المعتدل للإسلام، فهن صمام الأمان الروحي في مجتمعاتنا وفي أسرنا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©