الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مساعٍ لكبح جماح التضخم في الهند

16 فبراير 2014 22:56
خلال السنوات القليلة الماضية، تراجع الاقتصاد الهندي بشكل مستمر بسبب ارتفاع التضخم والسياسة النقدية المتشددة. فمنذ الأزمة المالية، لم ينخفض معدل التضخم، الذي يقاس بمؤشر أسعار الجملة (WPI)، لأقل من 4.5% على أساس سنوي، وبلغ متوسطه السنوي خلال السنوات الأربع الماضية 8%. وأحد أهم الأسباب المؤدية لهذه الزيادة في أسعار الجملة هو تدني مستوى البنية التحتية في الهند، مما ينتج مصاعب تواجه عرض السلع، وبالتالي انخفاض الكميات المتوافرة منها. والسبب الآخر هو مزيج من اعتماد الهند على الطاقة المستوردة من الخارج وسعر صرف عملتها العائم. فالهند تستورد أغلب ما تستهلكه من الطاقة، مما يعني أن قوة العملة عامل مهم جداً. إلا أن البيئة الاقتصادية في العالم ضعيفة، وذلك منذ الأزمة المالية العالمية مما يسبب تذبذباً في الأسواق الناشئة. ومنذ مايو 2013، انخفض سعر صرف الروبية الهندية لأكثر من 15% ليصل اليوم إلى أكثر من 60 روبية للدولار، في أعقاب الشائعات حول خفض الولايات المتحدة للسيولة التي تضخها. وتتطلب السيطرة على التضخم مناقشة وحلاً لهذين العاملين. فالحكومة تحتاج أن تزيد استثماراتها في البنية التحتية على المدى المتوسط، ولكنها بهذا تخاطر بزيادة عجزها المالي، مما يخفض من ثقة المستثمر الأجنبي ويزيد من تدفق رأس المال خارجاً. وبالتالي، سينخفض سعر صرف الروبية أو يستمر بضعفه، مسبباً المزيد من الضغوط التضخمية بسبب قطاع الطاقة. ومن إحدى الطرق التي تمكّن الهند من التعامل مع هذا المأزق، هي زيادة الإيرادات المالية، أو عن طريق تخفيض النفقات الحكومية الأخرى. إلا أن التضييق المالي أمر صعب نظراً لطبيعته التي لا تحظى بشعبية بشكل عام، وخصوصاً قبل الانتخابات. لكن الأكثر ترجيحاً هو أن تطبق الحكومة القادمة مشاريع البنية التحتية التي تهدف إلى أن يكون لها تأثير إيجابي على الاقتصاد على المدى المتوسط. وبدلاً من هذا، كان البنك المركزي الهندي يحارب التضخم لوحده. فتضخم أسعار الطاقة والمواد الغذائية عالٍ جداً، لكن البنك المركزي الهندي تمكّن من السيطرة على تضخم أسعار العقارات والمنتجات الاستهلاكية عن طريق رفع سعر الفائدة وتقييد السيولة، بالرغم من تضرر النمو الاقتصادي. ونما الإنتاج الصناعي بمتوسط 0.6% في الأشهر 24 الأخيرة. ومثل هذه المشاكل الهيكلية تتطلب حلولاً صعبة وغير شعبية مثل إلغاء الدعم المادي، وعادةً تقوم بطرح هذه الحلول بطريقة أكثر تقبلاً حكومة منتخبة حديثاً بعد فترة وجيزة من فوزها لأنها تكون مدعومة بتأييد شعبي قوي، وذلك لتجنب ضغط الانتخابات. يستخدم البنك المركزي الهندي سعر الفائدة على اتفاقات إعادة الشراء (repo) كسعر الفائدة الأساسي، وهو السعر الذي تقترض فيه البنوك الروبية الهندية من البنك المركزي. ويستخدم هذا السعر كذلك كمرجع للقروض التي تتم بين البنوك، وكمرجع لحجم الودائع المطلوبة من قبل البنوك. وعن طريق رفع سعر الفائدة، يتوجه البنك المركزي الهندي نحو جعل القروض أكثر كلفة والودائع أكثر جاذبية، مما يخفض من السيولة في السوق. ولأن الهند عانت لفترة طويلة من مشكلة التضخم، أصبح من المهم لها أن تدير مستوى السيولة، ولكن هنالك أيضاً مفاضلة بين التضخم والنمو. وخلافاً لمعظم الدول، تستخدم الهند مؤشر أسعار الجملة (WPI) كمقياس أساسي للتضخم. وبينما يشبه مؤشر أسعار الجملة (WPI) مؤشر أسعار المستهلك (CPI) في أنه يقيس الزيادة السنوية في أسعار سلة واحدة من السلع، يختلف مؤشر أسعار الجملة (WPI) في أنه يركز على السلع المتبادلة بين الشركات بدلاً من السلع التي يشتريها المستهلكون. والسبب في ذلك هو أن متابعة سلع المستهلكين في الهند أمر صعب، وبالتالي يكون غير دقيق. إلا أنه قبل أقل من سنتين، قدم المسؤولون مؤشر أسعار المستهلك (CPI)، الذي يكتسب أهميته تدريجياً كمؤشر للتضخم، والذي يخطط البنك المركزي الهندي على الاعتماد عليه في المستقبل القريب. بقلم كميل عقاد محلل اقتصادي في «آسيا للاستثمار»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©