السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سب الدهر

سب الدهر
5 أكتوبر 2007 22:17
سب الدهر ولعن الأيام والليالي من السلوكيات التي يرفضها الاسلام، فكثيراً ما نرى بعض الناس اذا أصابهم شيء من آلام الدنيا ومشاكلها لعنوا الزمان الذي يعيشون فيه وسخطوا على قضاء الله وقدره، وهو تصرف خاطئ وسلوك لا يتفق مع العقيدة الصحيحة التي تجعل المسلم دائما راضيا بما قسمه الله له، كما يعتقد ان الايام والليالي وجميع الأزمنة مخلوقة لله تبارك وتعالى، فليست هي الفاعلة وإنما الفاعل هو الله الذي يقول للشيء كن فيكون· ويقول الدكتور أحمد محمود كريمة -استاذ الفقه بجامعة الأزهر: إن هذا السلوك قد يصل بالانسان الى الكفر والعياذ بالله، ولذلك كان من علامات الايمان الصحيح الرضا بالقدر خيره وشره· فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن الايمان فقال: ''أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره''، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ''قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار''· أوهام الشياطين والدهر في الأصل اسم لمدة العالم من مبدأ الوجود الى انقضائه، ويعبر به عن مدة كثيرة، والاعتقاد بأن الدهر هو السبب في جلب الخير أو الشر زعم باطل ووهم من أوهام الشياطين·· وقد سجل القرآن الكريم على المشركين سوء اعتقادهم في أن الذي يهلكهم هو الدهر وأنهم لن يبعثوا بعد الموت كما جاء في قوله تعالى في سورة الجاثية: (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) وقد رد الله تعالى عليهم هذا الافتراء بأن الذي يحييهم هو الله تعالى وهو الذي يميتهم وهو الذي يبعثهم يوم القيامة للحساب والجزاء (قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون)· وقال الامام الشافعي -رضي الله عنه: ''كان العرب في الجاهلية اذا أصيبوا بشدة أو بلاء قالوا: يا خيبة الدهر، فيسندون تلك الافعال الى الدهر ويسبونه وإنما فاعلها هو الله فكأنهم انما سبوا الله عز وجل لأنه فاعل ذلك في الحقيقة، فلذا نهي عن سب الدهر لأن الله هو الدهر الذي يعنونه ويسندون اليه تلك الأفعال''· ويضيف الدكتور كريمة أن العقيدة الصحيحة تجعل المسلم دائما راضيا بقضاء الله تعالى وقدره، ومعتقدا ان لكل شيء سببا، وأن هناك صلة وثيقة بين الاسباب والمسببات، كما يعتقد أن الله تعالى هو الذي خلق هذه الأسباب وربط بينها وبين مسبباتها وإذا شاء أن يعطل هذه الاسباب فعل؛ لأنه سبحانه قادر حكيم ومدبر عليم، ولذلك نزع من النار خاصيتها في الإحراق حينما ألقي فيها سيدنا ابراهيم عليه السلام (قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم)· كما نزع خاصية الإغراق من الماء حينما ألقي فيه موسى عليه السلام، فالناس يبعدون أطفالهم عن البحار والأنهار خوف الغرق والموت إلا أن الله تعالى هنا يأمر أم موسى عليه السلام بأن تلقيه في البحر اذا خافت عليه؛ لأنه حينئذ سيكون في عناية الله ورعايته، وعقيدة أم موسى جعلتها تؤمن بذلك فانقادت لأمر الله تعالى وألقت بابنها في اليم كما قال تعالى في سورة القصص: (وأوحينا إلى أم موسى ان أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)، وقال تعالى: (فرددناه الى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون)· أسباب السعادة إذا أصاب المسلم ما يكره فعليه أن يفتش في نفسه وفي علاقته مع الله تعالى ويصلح ما بينه وبين خالقه بدلاً من أن يسب الزمان والأيام والليالي؛ لأن الخير من عند الله تعالى فضلا منه وكرما، والشر من عند انفسنا سببا ومن عند الله تعالى إيجادا وعدلا، كما جاء في سورة النساء: (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) والرضا بقضاء الله وقدره من أهم أسباب السعادة في الدنيا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©