الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاروق حمادة : النهوض يتحقق بالأخلاق والأفكار السديدة

فاروق حمادة : النهوض يتحقق بالأخلاق والأفكار السديدة
5 أكتوبر 2007 22:21
كان قادماً لتوه من مجلس علم رمضاني في العين مع جمع من أصحاب الفضيلة العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة في شهر رمضان المبارك·· ويبدو أنه عاد بانطباع طيب، فكان أول ما بادرني به عند اللقاء قوله: ''العين مدينة باسمة تبتسم لك، فتبادلها الابتسامة بانشراح، هذه عين الإمارات الجميلة، أما عين الإنسان المؤمن فهي العين الباكية من خشية الله أو الحارسة في سبيل الله''· الدكتور فاروق حمادة أستاذ السنة النبوية وعلومها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس في المغرب الشقيق، أحد أصحاب الفضيلة العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة في رمضان، صدرت له مؤلفات أكاديمية وفكرية عديدة ومن بينها ما يتصل بشؤون الأمة العربية والإسلامية، مثل كتاب ''بناء الأمة·· بين الإسلام والفكر المعاصر''، لذا كان من الطبيعي ان تكون قضايا الأمة وسبل تحقيق نهضتها محور هذا الحوار· ؟ بداية سألت محدثنا: حينما تستقرأ واقع الأمة اليوم، فكيف تراها من حيث جدارتها بصفة الإسلامية؟ ؟؟ عندما نقول ''الأمة الإسلامية'' فهذا مركب إضافي، والسؤال المطروح هو عما إذا كانت فعلاً محققة لهذا الوصف·· ومن ينظر إلى واقع الحال من حيث المنطلقات والتوجهات وإدارة دواليب الحياة يرى أن هذا الوصف لا ينطبق انطباقاً صحيحاً، بل فيه خلل كبير نتيجة اختيارات وضرورات الأمة· ولأنها أمة متعددة الدول ومتنوعة التوجهات فإن مساحة الاختيارات كانت فيها واسعة، فكان فيها اختيارات اشتراكية ورأس مالية وموجهة، ولهذا سعت هذه الأمة إلى إسلامها، وبنظرة شمولية ''بانورامية'' نجد فيها تعددية ومن ثم لا نستطيع أن نقول إنها كذلك تماماً، ولكننا نستطيع أن نقول إن انتماءها للإسلام وتحقيق إسلاميتها فى الفكر والتطبيق كان ومازال مطلبا دائما للشعوب المسلمة· ؟ وما هو الطريق لكي تستعيد الأمة ذاتها الإسلامية؟ ؟؟ صحيح أن هناك توجهات فكرية تريد سلخ هذه الأمة من هويتها مثل العلمانية والحداثية ومنظمات التغريب، وإن كانت هذه الأفكار ليست جديدة ولكنها أخذت بعداً قوياً الآن واستغلت الظروف الدولية الراهنة المناهضة للعروبة والإسلام التي تنادي بالعولمة الكاملة وصياغة الإنسان والمجتمع بأفكار محددة وتبعية مطلقة، وهذا كله يعتمل في جسم هذه الأمة، فهي أشبه ما تكون بجسم مثخن بجراح بليغة تعيقه عن القيام بمتطلبات الحياة· لكن الصحيح أيضا أننا نلاحظ أن الأمة تعبر في كل المناسبات بكل ضميرها ومكنوناتها عن صدق الانتماء للإسلام، ولكن الأهم هو أن تتجه النخبة وقيادات الفكر والتوجيه وفعاليات المجتمع المؤثرة إلى تحقيق ذلك· ؟ لأي مدى يمكن الحديث عن نموذج يمكن الإشارة إليه أنه يسير في اتجاه الهدف المرغوب ليكون جديرا بصفة الإسلامية؟ ؟؟ لا شك أن الحياة دائماً في تطور وتجدد مستمرين، ولكن يجب الفصل بين المنجزات المادية وبين التطور الفكري والأخلاقي للأمة وربطه بهذه المنجزات المادية، والأمة الإسلامية في ذلك مثل غيرها، إلا أن هناك تفاوتا بين بلد اسلامي وآخر في البلوغ إلى المبدأ الإسلامي بأخلاقياته وربطه بالمنجزات المادية· والذي يبدو لي أن دولة الإمارات العربية نموذج طيب لهذا الربط بين المبدأ والانجازات المادية، وذلك لأنها تنطلق بثوابت القيم الإسلامية وهي في طليعة العالم في الإنجاز المادي والاستقرار الاجتماعي ومحاولة النهوض بالإنسان بصورة متوازنة· وهناك بلاد إسلامية أخرى تحاول أن تصل إلى الأخذ بهذه المعادلة الدقيقة والتي هي (المحافظة على الأصالة وإثبات الذات والحضور الكبير في الإنجازات المادية)، وحققت على هذا الطريق إنجازات متميزة مثل ماليزيا ودول أخرى· إن المجتمع بحاجة إلى أمرين اثنين: قيم منيرة وفكر صحيح·· ووضع المجتمع على طريق هذه القيم وهذا الفكر، وذلك بتعميمها كمبادئ والبناء عليها وتعميمها في تجليات المجتمع المادية، ولهذا فإن مراكز التخليق الاجتماعي ودورها فى ربط الناس بهذه القيم لها دور مؤثر وحاسم·· ثم من الضروري إيجاد مراكز متقدمة للبحث العلمي لرصد حركة المجتمع وترشيده وترقيته· ؟ وهل هناك قواعد عامة للبناء في هذا الاتجاه؟ ؟؟ إن أي بلد لا يعتمد أخلاقاً سليمة وافكاراً سديدة وتطبيقاً صحيحاً لا يمكن أن يكون له نهوض حضاري صحيح ومتوازن· ؟ وكيف يمكن صناعة النهضة بطريقة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، دون الوقوع في الخلط بين التحديث والتغريب؟ ؟؟ التحديث هو عملية طبيعية ومستمرة باختيار وغير اختيار، وهناك جديد مع كل صباح·· والتغريب هو اللحاق بمنطقة الغرب، والغرب ذاته يتجدد كل صباح· التحديث للأمة حاصل ومطلوب بدرجات متفاوته باختيارها وإرادتها ووعيها·· وهذا يتطلب الإحساس بالذات والهوية ومراعاة مجتمعاتنا التي لها خصوصية فكرية وعقائدية وسلوكية في تنظيماتها الاجتماعية· فإذا راعينا عملية التجدد المستمر تحت ضوء قيمنا وثوابتنا وخصوصيتنا، فإننا نأمن بذلك من هدر طاقتنا وفي طليعتها القوى الفكرية الشابة ونأمن كذلك الاضطرابات الاجتماعية وهذا يجعل النهوض مستمراً بدون عقبات· وأضاف: إن الأمة عندما تنطلق في نظرتها للحياة من ثوابتها وترى الدنيا بتجددها فتجعل الثوابت أساساً والنهوض مقصداً، وتلتف قوى الأمة على ذلك، فلا شك أنها بالغة أهدافها بأقل التكاليف وأقصر الأزمان، وهذا هو رهان المستقبل· فهل للمسلمين تفكير جاد في حجز مقعد بارز في هذا السباق وقد أتاهم الله كل ما يحتاجونه لصدارة الركب العالمي وشرفهم برسالته إلى الإنسانية وحفظ لها مقوماتها المعنوية حفظاً صحيحاً·· إن عبقرية الأمة العربية والإسلامية أصبحت الآن حاجة عالمية، فهل يتقدم عباقرتنا في ميزان الحياة؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©