الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زبيدة·· راعية وفود الحجيج

5 أكتوبر 2007 22:22
هي أمة العزيز بنت جعفر بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس زوجة هارون الرشيد، ولدت في الموصل عام 149 هـ، وبعد وفاة ابيها عاشت بجوار جدها الخليفة أبي جعفر المنصور، وهو الذي أطلق عليها ''زبيدة'' لأنها كانت سمينة بيضاء، ولما مات كفلها عمها المهدي ثالث خلفاء بني العباس، وعندما بلغت 16 عاما اختار ابنه هارون الرشيد ليكون زوجا لها، والذي أحبها حبا جما ومنحها مكانة رفيعة وكان يستشيرها في شؤون الحكم مما جعلها ذات نفوذ كبير في الدولة، وقد كانت ذات عقل راجح ورأي سديد وفصاحة وبلاغة، وكانت تقرض الشعر وتناظر الرجال في قضايا الثقافة والأدب اضافة الى جمالها الفريد، وتأخرت زبيدة في حملها فأشار البعض على هارون بأن يتزوج غيرها فاختار جارية له تعمل في مطبخ القصر اسمها ''مراجل'' وعقب الزواج مباشرة حملت الزوجتان معا وولد للرشيد ولدان في سنة واحدة هما محمد الأمين من زبيدة وعبدالله المأمون من مراجل، وكان الأول يميل الى اللهو والعبث بينما مال الثاني الى الجد والاستقامة فضلا عن تمتعه بالذكاء والنجابة، وكان الرشيد يميل الى إسناد أمر ولاية العهد لابنه المأمون، ولما شعرت زبيدة بذلك أخذت تضغط عليه بكل ما تستطيع وما تملك من نفوذ وبمساعدة أخيها عيسى وأخي الرشيد في الرضاعة الفضل بن يحيى البرمكي حتى استجاب الرشيد لضغطها ووافق على إسناد الأمر الى الامين ومن بعده المأمون وبعد موت الرشيد عام 193 هـ تولى الأمين الخلافة، وكانت زبيدة وقتها في الرقة -مدينة على الفرات- فجمعت كل ما لها هناك من عبيد وجوار وتحف وأموال واتجهت الى بغداد عاصمة ابنها، الذي ظل منشغلا باللهو والعبث وأهمل شؤون الدولة وسلم كل شيء للفضل بن الربيع والوزير علي بن عيسى بن ماهان، وحاولت زبيدة اصلاحه بلا جدوى، وقد دأبت على تيسير احوال الدولة واختيار رجال السلطة، ومع مرور الوقت نقض الأمين عهد والده وجعل ولاية العهد لابنه موسى وعزل أخاه المأمون الأمر الذي أدى الى حروب بين الأخوين انتهت بنصر المأمون وقتل الأمين، وبعد مقتل الامين التف حول زبيدة بعض الناس وطلبوا منها الخروج للأخذ بثأر ابنها كما فعلت عائشة -رضي الله عنها- عندما طالبت بدم عثمان -رضي الله عنه- ولكنها رفضت خوفا من حدوث فتنة اخرى في صفوف المسلمين، وقد أعاد لها المأمون كل ما سلب منها من اموال وجوار وضياع وخصص لها قصرا في بغداد وأغدق عليها الاموال، وقد وجدت فيه عوضا عن ابنها وعاشت في ظل عهده معززة مكرمة حتى توفيت عام 216 هجرية عن 71 عاما· أنشطة اجتماعية وأدبية وإذا كان لزبيدة دور سياسي فإن دورها الأكبر كان في الخدمة العامة والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والأدبية، فقد تركت آثارا في مجالات العمران تفوقت بها على الرجال ومن بينها عين زبيدة، فحين حجت عام 186هـ·· وأدركت ما يعانيه أهل مكة في الحصول على ماء الشرب قررت أن توفره لهم فدعت خازن مالها وأمرته أن يدعو المهندسين والعمال من شتى الانحاء لشق مجرى الماء وقالت له: اعمل ولو كلفت ضربة الفأس دينارا· ونجحت في شق هذا المجرى من منابع الماء في الجبال وجرى الماء تحت الصخور حتى وصل الى مكة ولا يزال الماء يتدفق من عين زبيدة حتى الآن وقد تكلف هذا العمل مليونا وسبعمائة ألف دينار، كما قامت بتجهيز الطريق بين بغداد ومكة والمدينة وتزويده بالآبار والمنازل والمصانع وأنفقت الملايين في سبيل تحقيق هذا كله، وقد شمل عطاؤها العلماء والفقهاء والشعراء والفقراء، وكانت لها مئة جارية يحفظن القرآن ولا عمل لهن الا قراءة القرآن، وكان لزبيدة ذوق خاص في زيها قلدتها فيه نساء عصرها وكانت أول من اتخذت القباب من الفضة والأبنوس وأول من اتخذت الخفاف المرصعة بالجواهر، واليها ينسب مسجد زبيدة على طريق بغداد - مكة وهو عبارة من قصر تحيط به القباب ويضم بركة وبئرين ماؤهما عذب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©