السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دنانير الأغالبة خالفت بني العباس

دنانير الأغالبة خالفت بني العباس
5 أكتوبر 2007 22:26
لم يقيض لخلافة العباسيين ان تحرز نجاحات طويلة في السيطرة على الاقاليم الغربية من دار الاسلام لان السياسة العباسية كانت ذات ابعاد مشرقية متنامية فأنصارها الذين ساندوا ازاحة الامويين كانوا جميعا في الشرق الاسيوي· وجاء وصول صقر قريش عبدالرحمن الداخل الى الاندلس ونجاحه في تأسيس دولة أموية هناك وتتابع تمردات الخوارج في الشمال الافريقي لتدفع الخليفة في بغداد الى الاعتماد على قادة الجيش من الاتراك فأقطع هؤلاء حكم افريقيا تحت الولاية الاسمية للعباسيين· وفي سنة 184 هـ 800 م منح هارون الرشيد افريقيا لابراهيم بن اغلب احد الضباط الخراسانيين الذين خدموا الدولة العباسية في افريقيا· وكان ابراهيم عند حسن ظن الرشيد به فعمل على اقرار الامن في البلاد وقضى على تمردات البربر· ويعتبر محمد زيادة الله الاول اعظم الاغالبة وتولى الحكم في عام 201 هـ - 817م ونجح هذا الامير في استرداد املاكه التي استولى عليها بعض القادة المتمردين بمعاونة قبائل البربر ثم ارسل الثائرين بعد القبض عليهم الى الجهاد لفتح صقلية تلك الجزيرة التي دأب قائدها البيزنطي على مهاجمة الساحل التونسي وبالفعل تم الاستيلاء في عام 212 هـ على سواحل صقلية· وينسب لهذا الحاكم عملان جليلان اولهما تشييد الاسطول في ميناء سوسة لينطلق بين جزر البحر الابيض فاتحا لها ومقاوما للاساطيل البيزنطية وثانيهما تجديد وتوسيع جامع القيروان وهو ما ساعد المدينة العريقة على ان تتحول الى مركز اشعاع علمي وديني في كل المغرب العربي· واستمرت الدولة الاغلبية من بعد زيادة الله الاول في اتباع سياسة جهادية نشطة ذات طابع هجومي ونجح ابوالغرانيق محمد الثاني في فتح جزيرة مالطا وبعد موته تولى ابواسحاق ابراهيم الثاني بالبيعة العامة وشهدت فترة حكمه 28 سنة ازدهارا كبيرا مع استمراره في العناية بعمارة القيروان وتونس وسوسة· وعين أبواسحاق ابراهيم ابنه ابا العباس عبدالله الثاني حاكما على صقلية فاكمل غزوها مفتتحا العاصمة باليرمو ثم ريجيو قبل ان يستدعى الى القيروان ليخلف والده الذي تنازل له عن الحكم تقديرا لكفاءته· هذه السيرة التاريخية تشير بوضوح الى ان نقود الاغالبة ستكون مماثلة لنقود الخلافة العباسية، وهو ما نراه بالفعل في الدنانير الذهبية التي ضربها حكام الاغالبة في افريقيا فظلت دنانير الاغالبة لا تشير بحال من الاحوال الى مكان سكها مثلما كان الحال في دنانير الامويين والعباسيين حتى نهاية عهد هارون الرشيد، كما اهمل ايضا تسجيل الهامش الخارجي الذي اضيف لكتابات الوجه بدءا من عام 207 هـ وهو اقتباس قرآني من سورة الروم اضافه الخليفة المأمون ليبرر قتله لاخيه الخليفة الامين ونصه ''لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله''· غلب! وفضلا عن ذلك فقد تميزت دنانير الاغالبة بصغر قطرها وكثرة ضرب اجزاء الدنانير ومن دنانير الاغالبة المبكرة دينار مؤرخ بعام 190 هـ ونجد على مركز الوجه فيه كلمة التوحيد في ثلاثة سطور ''لا اله إلا الله- الله وحده- لا شريك له'' وعلى الهامش ''محمد رسول الله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله'' اما في مركز الظهر فنجد في ثلاثة اسطر ''محمد- رسول- الله'' وعلى الهامش ''بسم الله ضرب هذا الدينار سنة تسعين ومئة'' وقد سجل ابراهيم بن الاغلب اسم اسرته اسفل كتابات المركز على الظهر اسوة بما كان متبعا من قبل ولاة هارون الرشيد في الامصار ولكنه سجله مع حذف الهمزة للتخفيف فجاء على هذا النحو ''غلب''· وظلت عبارة ''غلب'' تميز الاصدارات النقدية في عهد هذا الامير وأيضا في عهود من تلاه من حكام الاغالبة، وظن بعض علماء الاثار ان اكتفاء الاغالبة بتسجيل اسمائهم دون اسماء الخلفاء العباسيين يعني عدم اعترافهم بالتبعية لدولة الخلافة والحقيقة ان الاغالبة وهم بمنأى عن التأثر بالاحوال المتقلبة في بغداد لم يدركوا ما طرأ على الدينار العباسي من تغيرات بعد تولي ابراهيم بن الاغلب، حيث بدأ الخلفاء تسجيل اسمائهم على دنانير الامصار كلها بدءا من خلافة المأمون بعد ان كان ذلك قاصرا على دنانير بغداد في أيام هارون الرشيد الذي منح الحق ذاته لعماله في الامصار بمن فيهم ابراهيم بن الاغلب، ومن ثم فليس من الصحيح ان الاغالبة لم يعترفوا بالخلافة العباسية· ومن دنانير ابي عقل الاغلب الذي رفع لواء الجهاد ضد القوى البيزنطية في جنوب ايطاليا دينار مشابه لدينار ابراهيم الاغلبي ولكنه ضرب عام 225 هـ وقد سجل فوق كتابات مركز الظهر عبارة ''غلب'' كشعار للاسرة واسفل الكتابات المركزية اسمه ''الاغلب''· ونجد اسماء اخرى في دنانير اغلبية لاحقة مثل ''ددي'' في بعض دنانير ابي ابراهيم احمد ''2-249 هـ'' ومثل ''حسن'' في بعض دنانير ابي اسحاق ابراهيم الثاني وكذلك اسم ''شاكر'' ويعتقد ان كل هذه الاسماء التي سجلت بعد شهادة التوحيد في مركز الوجه كانت تشير الى اسماء عمال الاغالبة في جزائر البحر الابيض الواقعة تحت سيطرتهم وغالبا ما كانت من ضرب هذه الجزر· أبو مضر من خواتيم السكة الاغلبية دينار نادر يحمل اسم ''ابومضر زيادة الله الثالث'' اخر حكام الاغالبة وهو مؤرخ بعام 295 هـ اي قبل فراره من القيروان الى مصر بعدة اشهر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©