الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دول الشرق الأوسط تتسابق على بناء محطات الطاقة النووية

دول الشرق الأوسط تتسابق على بناء محطات الطاقة النووية
29 مارس 2008 00:03
بعد انتهاء زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لمنطقة الخليج في منتصف يناير المنصرم مباشرة اتضح بجلاء ان فرنسا تمكنت من ترسيخ أقدامها كأكبر مزود للطاقة والخبرة والنووية في المنطقة· ولكن الوعود النووية التي أطلقتها حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لا يجب ان تعتبر مفاجأة إذ ان دول مجلس التعاون ظلت تتحدث عن تطوير الطاقة النووية منذ نوفمبر عام 2006 كما ان باريس تمكنت أصلاً من إبرام اتفاقيات بهذا الشأن مع الجزائر وليبيا والمغرب· لذا فإن توسعة النفوذ الفرنسي النووي في منطقة الخليج جاء بمثابة الخطوة المنطقية اللاحقة· وإلى ذلك فقد استمر المدافعون عن الطاقة النووية المدنية يدعون أن هذه المشاريع تتسابق بالكامل مع المنطق الاقتصادي حيث يقول شارلي هوفناجل المتحدث الرسمي لشركة أريفا ''ان السبب في اهتمام المنطقة بالطاقة النووية حالياً يعود الى نفس الأسباب التي جعلت المناطق الأخرى تشهد نهضة في المجال النووي إذ ان تكلفة الإنتاج تتميز بالتنافسية والاستقرار على المدى الطويل'' علماً بأن التكاليف الرأسمالية الأولية لبناء محطة للطاقة النووية تعتبر باهظة حيث تتراوح ما بين 4 مليارات دولار للمفاعل بسعة 1200 ميجاواط و5 مليارات دولار للمحطة بسعة 1600 ميجاواط· ولكن وبمجرد ان تبدأ المحطة في العمل والإنتاج فإن تكلفة التشغيل سوف تصبح منخفضة بالتدريج· سعر اليورانيوم وعلى الرغم من ان سعر اليورانيوم ظل مرتفعاً في الأشهر الأخيرة فان تكلفة المادة النووية المغذية لا تشكل سوى 5 في المئة من التكلفة الاجمالية للإنتاج· ووفقاً لإحصائيات شركة بي بي باور البريطانية فان أسعار اليورانيوم سوف تتمخض عن زيادة بنسبة 0,2 في المئة فقط في تكلفة الكهرباء المتولدة· وبالمقارنة فإن 75 في المئة من تكلفة الكهرباء المنتجة من محطة الطاقة التي تعمل بالغاز تأتي من تكلفة كميات الغاز المستخدمة· وبمجرد استبعاد مختلف الأسعار الخاصة بالوقود على اختلاف أنواعه والتكاليف الرأسمالية الأولية فإن أسعار الكهرباء المنتجة من الطاقة النووية أو الفحم أو المحطات التي تعمل بالغاز تبقى متماثلة· إذ يقول اليستير سميث مدير الخدمات النووية في شركة بي بي باور: ''ان الأسعار متشابهة الى حد كبير ما لم يتم فرض ضريبة على الكربون''· ومضى يشير الى المملكة المتحدة التي لديها الأنواع الثلاثة من المحطات حيث يتفاوت سعر المنتج بمقدار 0,03 و0,35 جنيه استرليني فقط مقابل الكيلوواط/ساعة· تأمين التمويل على ان التكاليف الابتدائية العالية لبناء محطة نووية تجعل تأمين التمويل أكثر صعوبة مما هو عليه في التقنيات الأخرى وهناك تكاليف عالية أخرى سوف يتم تكبدها عند نهاية عمر المحطة النووية تختص بإدارة والتخلص من النفايات وأحد الحلول العملية في هذا الشأن أثناء استمرار المحطة في الإنتاج يكمن في ضرورة ان تعمل العديد من الدول مجتمعة في إدارة النفايات وهو الأمر الذي يمكن ان يحقق الفوائد لدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بمجرد ان تشرع في بناء محطاتها النووية· الوقود الأحفوري وبالاضافة الى عامل التكلفة فهناك عامل آخر مهم يقف خلف تطوير الطاقة النووية في منطقة الشرق الأوسط والذي يتمثل في امكانية ان تصبح هذه الطاقة بديلا طويل الأمد للوقود الأحفوري، فالطاقة النووية بإمكانها أيضاً تقليل اعتمادية دول مثل المغرب وسلطنة عمان وإمارة دبي على الغاز المستورد لتوليد الكهرباء من أجل مقابلة الطلب المحلي المتنامي· وحتى الآن فإن دول الخليج اعتادت على بيع المواد المغذية إلى شركات الخدمة الخاصة بها بأسعار مدعومة بشكل يحافظ على أسعار الكهرباء متدنية نسبياً· الا ان بيع الغاز بأقل من أسعار السوق للزبائن المحليين استمر يعني ان الدول لا تحقق أقصى ما تتمناه من فوائد من مواردها الطبيعية اذ ان تحويل أكبر قدر ممكن من هذه الموارد الى أسواق الصادرات سوف يحقق مكاسب اقتصادية أكبر· موازنة التكاليف ولكن مثل هذه الحجج لا تعتبر منطقية وصالحة عندما تصبح أسعار النفط والغاز مرتفعة حيث ان الأسعار المنخفضة سوف تضعف الاهتمام بالحالة النووية· اذ يقول أولريك سترايدبيك كبير مستشاري السياسات لأسواق الكهرباء في وكالة الطاقة الدولية في باريس: ''ان الأمر يحتاج الى موازنة دقيقة للحسابات بين كل مشروع ومشروع آخر للطاقة النووية''· واذا ما رغبت دولة عربية في إطلاق مشروع للطاقة النووية اليوم فإن الأمر سيستغرق عقدين من الزمان حتى تحصل على الانتاج ووفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية فإن الدول التي لديها مرافق نووية الآن عليها ان تتوقع مضي فترة تتراوح ما بين 7 الى 15 عاماً ما بين اتخاذ القرار بالاستثمار وما بين الشروع في العملية التجارية· أما في الدول التي لا تحظى بخبرات نووية فإن الأمر يستغرق وقتاً أطول من ذلك· وهناك العديد من المشاكل الأخرى حيث ان البرنامج مهما صغر حجمه سوف يعتمد على محطات كبيرة الحجم وبشكل يمكن ان يمثل تهديداً لاستقرار أنظمة الكهرباء في الدولة حيث يقول لويس سكافاري المدير العام لوكالة الطاقة النووية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: ''من أجل تركيب مفاعل في داخل الشبكة يجب ان تكون لديك أولاً شبكة هائلة الحجم بحيث لا يصبح المفاعل أكبر من 10 أو 15 في المئة من اجمالي حجم الشبكة''· وبصرف النظر عن الجدوى الاقتصادية والفنية فإن الطاقة النووية لن تكتمل بدون اجراء تقييم شامل لأثرها على البيئة والمناخ· وعلى خلاف المحطات التي تعمل بالغاز أو الفحم فإن توليد الطاقة النووية لا ينطوي على أي انبعاثات لثاني أكسيد الكربون إذ تقدر وكالة الطاقة النووية ان استبدال 1000 ميجاواط من الطاقة المولدة من الفحم بالطاقة النووية من شأنه ان يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار يتراوح ما بين 5 الى 6 ملايين طن في كل عام· لذا فإن الطاقة النووية أصبحت تمثل الخيار الواقعي لمنطقة الشرق الأوسط على المدى الطويل إلا أنها لن تساعد الدول التي تفاضل حالياً من أجل مواكبة العرض للطلب المتزايد على الطاقة في الوقت الحالي نسبة لأن العملية ما زالت تتسم بالبطء وتحتاج الى المزيد من الوقت· نقلاً عن ميد
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©