الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

سلطان بن زايد: المشروع الثقافي العربي يحتاج إلى خطاب عقلاني

سلطان بن زايد: المشروع الثقافي العربي يحتاج إلى خطاب عقلاني
6 أكتوبر 2007 02:34
أكد سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس نادي تراث الإمارات: ''إن المشروع الثقافي العربي الجديد يحتاج منا إلى خطاب ثقافي إنساني عقلاني يستمد جذوره من ثوابت الحضارة العربية والإسلامية ومنهج الاعتدال والوسطية في الطرح وقراءة التطور الثقافي في العالم''· وشدد سموه معقباً على مضمون المحاضرة التي ألقاها معالي الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة السوري الليلة قبل الماضية بعنوان ''رؤية لخطاب ثقافي عربي جديد''، على أننا الآن أحوج من أي وقت مضى لعمل جاد وتضامن مسؤول من قبل المفكرين والمثقفين ورجال الإبداع والأدب في العالم العربي من أجل تحقيق رؤية متبصرة لتطوير قراءة الواقع الثقافي العربي في إطار يستلهم كل ما هو أصيل ونابع من الشخصية الثقافية العربية والتراث الإسلامي العريق· وثمن سمو الشيخ سلطان بن زايد أهمية المحاضرة قائلاً: ''إن المضمون الجاد للمحاضرة والطرح العقلاني الذي قدمه المحاضر هو ما نحتاجه في مثل هذا الوقت، وموضوعها يهم بالضرورة المثقفين العرب، كما يندرج تحت مظلة العمل على إحياء المشروع الثقافي العربي المسؤول والفاعل على ساحة الإبداع العالمي''، معرباً عن أمله أن تكون الاستجابة لهذا الطرح العقلاني سريعة، ومتواصلة في ظل رؤية شاملة وقراءة حقيقية للواقع الثقافي العربي لمواجهة أسئلة العصر الراهن· وأكد سموه أن الشعب الإماراتي والشعب السوري هما جزء مهم من الأمة العربية، وتفاعلهما الدائم سيؤتي ثماره في تحقيق نقله نوعية في إحياء المشروع الثقافي العربي بكامل هيبته ومكتسباته، وأن الإمارات كانت وستبقى البوابة الحقيقية لاحتضان كل ما هو مؤثر ومبدع لخدمة هذا المشروع لتحقيق الأهداف المنشودة في حماية الهوية الثقافية العربية، معتبراً سموه أن دولة الإمارات ستبقى دائماً شعلة الثقافة والنافذة التي تستقطب كل المبدعين والمفكرين العرب لتطوير مفهوم الخطاب الثقافي ضمن منظومة موضوعية من الأفكار الريادية· واستعرض آغا في محاضرته التي قدم لها وأدارها محمد حسن المرزوقي رئيس قسم العلاقات العامة في نادي تراث الإمارات جملة من التحديات التي يواجهها المشروع الثقافي العربي مما يتطلب إعادة النظر في مضمون الخطاب الثقافي السائد بعد أن بدأت المتغيرات العالمية تؤثر على صياغة هذا الخطاب وغيره من مناحي الحياة العربية والتأثير الخطير الذي وقع على حياة الأمم والشعوب· وأشار آغا إلى أن المشروع الثقافي العربي دخلت عليه العديد من المؤثرات السلبية مثل التأثر بالفكر الماركسي، والشيوعي، وفي ذات الوقت دخل المشروع الإسلامي نوع من الفكر الجديد على الإسلام، وكان يحتوي في جوهره على فكرة ''الحاكمية'' بمعنى فصل السياسة عن الدولة وتم استلهام ذلك من تجربة الكنيسة الأوروبية، واسقط البعض هذه التجربة على الإسلام، ولكنه كان إسقاطاً خاطئاً بسبب التفاوت والفوارق بين التجربة العربية والتجربة الغربية الأوروبية· وقال وزير الثقافة السوري: ''لقد غفل كثيرون معنى اصطلاح فصل الدين عن الدولة في ظل الدولة الإسلامية، ولدينا نماذج كثيرة تخالف فكرة الحاكمية، فأبو بكر الصديق لم يسم نفسه خليفة الله، بل أطلق على نفسه خليفة رسول الله، وكذلك عمر بن الخطاب سمى نفسه أمير المؤمنين، وبهذه المقدمات البسيطة أدركت الحضارة الإسلامية أن الإسلام دين مقاصد وتلبية الاحتياجات الإنسانية، لذلك لم تكن الشريعة الإسلامية عبئاً على الناس، بقدر ما كانت رحمة وإلهاماً لنشر ثقافة التعددية والإبداع الإنساني· وتطرق المحاضر إلى واحد من الأخطار التي تهدد المشروع الثقافي العربي وتتمثل في اصطلاح ''العلمانية''، رافضاً مفهومها إذا كانت نسبتها خارجة عن مسمى العلم، كما تطرق إلى تحديات جديدة تواجه هذا المشروع وأطلق عليها ما بعد الحداثة، مشيراً الى التأثيرات السلبية التي لحقت بنا جراء أحداث الحادي عشر من سبتمبر ثم عرض لأخطار الاستشراق· ويرى أن جزءاً من الاستشراق كان منصفاً برغم ما فيه من خلل، لكنني أنبه إلى خطر مهم قادم من جانب الاستشراق الجوهراني، الذي يقوم على ادعاء أنه لا أمل أن تتغير الأمة العربية المسلمة ما دام فيها ذلك العنصر الجوهراني أو ما يسمى بالقيم الثابتة مثل القرآن الكريم، مدعين بأنه مجرد كتاب تاريخي لأنه جاء في زمن معين ولأناس معينين· وأكد آغا أن الزمن ما زال مناسباً لإعادة المراجعة، بعد أن استجدت جملة من الأفكار العربية الجادة والطموحة لاستعادة المشروع الثقافي العربي بعيداً عن إغفال سمة التنوع والتعددية وحسبنا أن نعلم أن جل من أسسوا النحو العربي لم يكونوا عرباً وهذا دليل واضح على سعة الثقافة العربية، مستعرضاً إنجازات البيروني والخوارزمي والكندي والفارابي في إثراء الثقافة العربية حيث كانت المرجعية الأساسية في الإسلام تنبع من الانتماء إلى العربية وهي اللسان والنطق، بينما كانت المعيارية الأساسية التي وضعها الإسلام كل ما جاء في القرآن الكريم ممثلاً في التقوى والإخلاص في العمل وليست الأعراق والأنساب، من منطلق التمسك بثوابت القيم النبيلة قبل أي شيء· ولفت إلى أن الحملات التشكيكية في ثوابت جوهر الثقافة والهوية العربية ما زالت مستمرة ومعاولها ما زالت تعمل لهدم ثقافة وفكر حضارتنا وقيمها الأساسية النابعة من ثقافة وفكر الإسلام الإنساني، داعياً الى ضرورة تحقيق خطاب ثقافي عربي جديد مع قراءة واعية ومسؤولة دون خجل بأن المشروع القومي العربي قدم في العشرين سنة الأخيرة نماذج سيئة لمفهوم الحكم والديمقراطية المفتعلة، مؤكداً أن هذا المشروع قد اختطف عبر التطرف وبروز ظاهرة ''التكفير'' مستعرضاً في ذات الوقت تجارب عديدة ناجحة للدولة الإسلامية في تحقيق التنوع الثقافي والتعددية في تجربة الأندلس· وطالب بأن يقوم خطابنا الثقافي الجديد على فهم موضوعي علمي للتراث، وإيجاد البحث المنهجي في هذا التراث لمواجهة الحملات الخارجية والغزو الفكري المترصد بثقافتنا وهويتنا من مثل محاولة البعض اعتبار القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تراثاً، وهما في الحقيقة ليسا كذلك، فالقرآن نص الهي مقدس ترتبط السنة النبوية به وغير ذلك يقع في باب الاجتهاد الخاطئ· وتساءل الوزير السوري: لماذا تقدم الغرب ولماذا تأخرنا ؟ مجيباً بأن هناك خطأ ما وفراغاً ما، وهناك ضرورة لإعادة المراجعات في التاريخ الثقافي العربي والسياسات الثقافية المنتهجة على المستوى المعاصر ومواجهة ثقافة وإبداع الغرب، وعلينا أيضاً أن نرمم الفجوة الرقمية التي تفصل بيننا وبين العالم المتقدم وقال: ''نحن نستورد الثورة المعلوماتية ولم ننجح في توطين الثقافة في بلادنا، ونحن ما زلنا نقف بحذر أمام المحاولات بتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، نحن مطالبون باسترداد كافة مراحل الحضارة الإسلامية والعربية، فقوة الأمم ليس بالتحدي فقط، بل في الاستجابة الحقيقية لثوابت وقـــــيم التراث الحضاري الأصيل ومخــــزونيه الفـــكري والإنســـاني اللـــذين لا ينضبان''· كما استقبل سمو الشــيخ سلطان بن زايد آل نهيان نـــــائب رئيس مجلس الوزراء مـــــساء اليوم بقصر سموه بناهل في سويحان مــــعالي الدكتور رياض نعسان آغا وزيــــر الثــــقافة السوري الذي يـــــزور البلاد حاليا بدعـــــوة من نادي تــــراث الإمــــارات للمشـــاركة في المهرجـــــان الثاني للنادي· جرى خلال اللقاء بحث أوجه التـــــعاون المشترك بين دولة الإمارات والجمهورية العربية الســـــورية وسبل تطويرها في كافة المجــــالات لاسيـــــما في المجــــالات الثقافية· ورحب سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان بمعالي الوزير السوري الذي وجه لسموه التهاني بمناسبة الشهر الفضيل· وقد تناول الجميع الإفطار على المأدبــــة التي أقــــامها سمــــو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان على شرف معالي الوزير السوري حضرها سعادة الدكتور رســـتم الزعـــــبي السفير الـــسوري لدى الدولة· وام الإمارات دولة التعددية والعدالة أشاد وزير الثقافة السوري بدور صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله في دعم أواصر التعاون العربي ومد جسور الإخاء والمحبة بين الأشقاء للمحافظة على الهوية العربية وتعزيز ثقافة الإسلام مستمداً ذلك من نهج المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وهو الذي خط بيديه خطوط دولة التعددية والعدالة القائمة على حرية الفكر والإبداع وإحياء التراث والمحافظة على الهوية الوطنية وموروث الشعب وصيانته من كل ما هو دخيل· مضمون ثقافي عال رحب سعادة محمد سيف النيادي رئيس مجلس الإدارة مدير عام نادي تراث الإمارات بحضور ودعم سمو رئيس النادي لفعاليات المهرجان ومشاركة وزير الثقافة السوري في برنامج محاضرات المهرجان بتقديم مضمون عالي المستوى، معرباً عن سعادته بنجاح هذا الحدث الثقافي الكبير والإقبال الجماهيري المنقطع النظير على فعالياته التي ستتواصل ضمن مهرجان عيد الفطر السعيد الذي تستعد القرية التراثية لاحتضانه خلال أيام العيد ببرامج وفعاليات تراثية وبصرية ممتعة، مقدماً الشكر للرعاة الرسميين للمهرجان وهي مصرف أبوظبي الإسلامي وهايدرا العقارية ومجموعة داماس، مؤكداً مواصلة النادي مشروعه لإحياء وتعزيز ثقافة التراث في نفوس الأجيال الجديدة· الحضور حضر المحاضرة التي أقيمت في مسرح أبوظبي بجانب القرية التراثية بكاسر الأمواج ضمن فعاليات المهرجان الثاني لنادي تراث الإمارات، الشيخ هزاع بن سلطان آل نهيان والشيخ خالد بن سلطان آل نهيان وسعادة علي الهاشمي مستشار رئيس الدولة للشؤون القضائية والدينية، وسعادة رستم الزعبي سفير سوريا لدى الدولة، وسعادة محمد سيف النيادي رئيس مجلس الإدارة مدير عام نادي تراث الإمارات، وعدد كبير من رجال السلك الدبلوماسي والمهتمين بشؤون الثقافة والإبداع العربي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©