الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأب الغافل

22 ابريل 2009 03:44
المشكلة عزيزي د.مصبح: أنا فتاة جامعية ملتزمة والحمد لله، أزعم أنني أحاول أن أسير على الطريق القويم، وأؤدي الفرائض بانتظام، ومشكلتي تكمن في والدي، الذي لا يراعي ولا يلتزم بأخلاقيات المسلم، ويفترض أن أتعلم منه، لكن الواقع مختلف تماماً، فأنا الذي أحاول معه أن أذكره بسلوكيات الإنسان المسلم، لكنه يقابل كلامي بالاستهتار وعدم الاكتراث، أو التهكم أحياناً، فاذا وضعت «كاسيت» لمحاضرة دينية في السيارة، يستبدله بأغان ماجنة، بل وسمعته مرة يهمس في الهاتف إلى إحدى السيدات، وكثيراً ما ألاحظ نظراته الملتهبة إن تصادف وتقابلنا صدفة مع إمرأة أو فتاة في مكان عام. حتى أنني أخجل من نفسي، وكثيراً ما أثيرت المشاكل مع والدتي لنفس السبب. ويبدو عصبياً وغير مهتم بما نقول إن تحدثنا إليه، إنه تجاوز الأربعين، وليس لي من هم سوى خوفي عليه من حساب ربي، ولا أعرف كيف أتصرف إن كانت والدتي قد فشلت معه؟ كريمة ع.ع النصيحة حقيقة أدرك حجم الألم والمعاناة لفتاة مثلك ترى والدها على ماهو عليه . إنما لا يصح – رغم كل شيء – أن يتعامل الأبناء مع الآباء كما يتعاملون مع الأصدقاء أو الأقران، مهما كانت الظروف، فإن سماع النقد المباشر أو التوجيه، ناهيك عن التقريع ، إنما هو جرح لكرامته وكبريائه، ومن ثم تأخذه العزة بالإثم، ويكون رد فعله المتوقع هو الرفض جملة وتفصيلاً. إن الحق واضح وضوح الشمس، وما عليك إلا أن تلتزمي بقول الله تعالى:»ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن». والحكمة في حالتك تقتضي الفطنة والأدب والتدرج. فحين يحترم الإبن أو الإبنة الأب الغافل، فإنه في الحقيقة يقيم الإعتبار لمقام الإبوة ، ومن ثم استحضري ما ينبغي أن يكون في صدرك تجاه الوالد، واخفضي له جناح الذل من الرحمة، ولا تقولي له» أف»، وإياك أن تكرري ما سبق منك. وحين تعلمين شيئًا أسّر به الوالد اكتميه سترًا له، وإن أردت أن تتحدثي إليه عن جرم اقترفه، قصيه إليه كأنه حدث لصديقة لك، وأنها تسألك النصح ، ولا تهم إجابته على هذا السؤال بالطبع، وإن كانت ستفيدك في معرفة شخصية الوالد أكثر. و إياك والنصح المباشر، ولا تستعجلي الأمر، فقد يحتاج إلى وقت وجهد، ولا تنسي الدعاء بإلحاح له بالهداية في سرك لا في وجهه!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©