السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين وأولمبياد «سوتشي»

16 فبراير 2014 23:03
لا تتوقع من الحزب الشيوعي الصيني أن يبدي روح الدعابة عندما يتعلق الأمر بالألعاب الأولمبية. فقبل أولمبياد بكين 2008 بوقت طويل اعتُبرت الألعاب أمراً جدياً من أمور الدولة، لأنها وفَّرت لحكومة طموحة الوسائلَ التي يمكنها من خلالها أن تُظهر لنفسها ومواطنيها وربما العالم أن الصين أيضاً قوة عظمى. ولذلك، فإن وسائل الإعلام الصينية التابعة للدولة لم تنظر بعين الرضا إلى الصحافيين الذين استهلوا تغطيتهم لألعاب سوتشي الأسبوع الماضي بإرسال شكاوى بشأن غرفهم الفندقية على وسائل التواصل الاجتماعي. فجاء الدفاع قوياً وسريعاً: حيث عنونت صحيفة «ذا جلوبال تايمز» الصينية الصادرة بالإنجليزية افتتاحية لها بعنوان «استهجان سوتشي يُبرز تعصب الغرب»، انتقدت فيها - من بين أمور أخرى- شكاوى وسائل الإعلام الأجنبية، لافتةً إلى أن الصين تفهم شعور روسيا. ومما جاء في الافتتاحية: «منذ نهاية الحرب الباردة، لم تتعرض أي ألعاب لمثل هذه الانتقادات عدا ألعاب بكين 2008 وألعاب سوتشي الحالية». وإذا استعرضنا تاريخ الألعاب الأولمبية نجد أن هذا الأمر غير دقيق، ذلك أن ألعاب أثينا 2004، على سبيل المثال، تعرضت لانتقادات أشد وأقوى من تلك التي تعرضت لها ألعاب بكين أو سوتشي. ولكن الفروق التاريخية الطفيفة ليست هي ما تقصده افتتاحية «ذا جلوبال تايمز» (التي نُشرت أيضاً في النسخة الإنجليزية من صحيفة «بيبلز دايلي»، التي تعتبر نفسها لسان الحزب الشيوعي)، بل إن السياسة هي الهدف: «إن الغرب مازال يقود تطور الحضارة الإنسانية، ولكن الأصوات المحيطة بألعاب سوتشي أظهرت من جديد ضيق عقلية الغرب. والحال أن أحكام القيمة هذه يمكن أن تشكِّل تهديداً لمستقبل العالم». والواقع أن تسييس الألعاب ليس أمراً جديداً، ذلك أنه منذ عقود -ربما منذ ألعاب 1964 في طوكيو- شكلت الألعاب الأولمبية وسيلة لتُظهر من خلالها دول عدة صعودها إلى نادي البلدان المزدهرة. وقد استعملت بكين أولمبياد 2008 بهذه الطريقة، واليوم، تحاول روسيا القيام بذلك في 2014. غير أن الجمهور الصيني -على الأقل مثلما صوَّره لنا ردُّه على الشبكات الاجتماعية والمدونات الإلكترونية للبلاد- لم يتأثر بتعليقات الصحافيين الأجانب المنتقِدة قدر تأثر الجهات الرسمية. وهذا أيضاً ينبغي ألا يكون مفاجئاً: فعلى رغم أن بوتين يُعتبر شخصية ذات شعبية نسبية في الصين، فإن الألعاب الأولمبية الشتوية ليست كذلك في الواقع، وخاصة إذا قورنت مع الألعاب الصيفية التي تحظى بشعبية واسعة. أما أسباب ذلك فهي عديدة، ولعل أهمها هو أن الصين ليست بارعة في العديد من الرياضات الشتوية، وأن الجمهور الصيني غير متعود بعد على تلك الرياضات. ولكن إذا كان الصينيون لا يستهويهم التزحلق على الجليد، فهم يميزون بين الغث والسمين ويعرفون حفل الافتتاح الجيد (يذكر هنا أن بكين نظمت حفل افتتاح نال إعجاب كثيرين في 2008). فهل كان حفل افتتاح ألعاب سوتشي مقبولاً في نظر الجمهور الصيني؟ الواقع أنه من الصعب الجزم، لأن كل ما يرغب الجميع في الصين في الحديث عنه على ما يبدو هو تعطل ندفة الثلج العملاقة التي كان يفترض أن تتحول إلى واحدة من الحلقات الأولمبية الخمس. وندفة الثلج تلك كانت موضوع حساسية في روسيا التي لديها اهتمام مفرط بصورتها، حيث عرض التلفزيون الروسي صوراً لتدريبات على حفل الافتتاح تُظهر الحلقة مضاءة، بدلاً من أن تُظهر الخطأ الفني. غير أن الصينيين وجدوا في تلك اللحظة فرصة للدعابة والتندر. فبعد وقت قصير على انتهاء الحفل، بدأت محاكاة للحلقات الروسية تظهر في زوايا غريبة من الإنترنت الصيني، حيث استبدل الصينيون حلقة الثلج المعطلة بأشياء قد لا تخطر على البال، منها شعار برنامج مضاد للفيروسات الحاسوبية. ووجد بعض المدونين أن الحلقات الأربع المفتوحة تشبه كثيراً شعار شركة «أودي» للسيارات ذا الدوائر الأربع، هذا في حين أشار آخرون إلى أن الحلقة الأولمبية على أقصى اليمين -التي مثَّلتها ندفة الثلج المعطلة- كانت تمثل القارة الأميركية الشمالية، وهو ما يشير على نحو مازح إلى دوافع سياسية أكثر قتامة. وأياً يكن تفسير العطل، إلا أن الصينيين المؤمنين بالريادة في الأعمال حوَّلوا ذلك الحدث بسرعة إلى فرصة تجارية، حيث أفادت وكالة الأنباء الصينية المملوكة للدولة «شينخوا» بأنه بات باستطاعة المتسوقين الصينيين الآن شراء قمصان حلقات سوتشي -مع ندفة الثلج المعطلة- على الإنترنت. وعلى ما يبدو، فقد باع أحد الباعة «نحو 250» من هذه القمصان في ظرف يومين. وإذا كانت المعطيات حول من هم هؤلاء الزبائن غير متوافرة، فإن معظمهم ربما لا يكترثون لرأي حكومتهم بشأن موقف الغرب المتعصب من ألعاب سوتشي! ‎آدم مينتر كاتب وصحفي مهتم بالشؤون الصينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©