السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجارة الكتب

6 أكتوبر 2007 23:31
تذكرت أمس أنني لم أستعد للعيد الذي سيهل علينا بعد أيام قليلة، وقررت الذهاب الى مركز تجاري بعيد، هرباً من الزحام المسائي اليومي في المدينة، على اعتبار أن الزحام يكون اقل في الشوارع الخارجية· ولكنني وجدت زحاماً أيضا في منطقة أرض المعارض، فهناك آلاف السيارات تقف في صف طويل بانتظار الوصول الى مبنى المعارض الجديد، وأثار الأمر فضولي فربما يفوتني توزيع الزكاة أو الهدايا بمناسبة قرب العيد· ووصلت بعد جهد جهيد، فالناس يتسابقون الى دخول المكان والدنيا زحمة، وتأكدت أن الأمر فيه خير كثير· وبالرغم من انه لابد من دفع خمسة دراهم كرسوم للدخول، غير أنني أكملت طريقي مؤملاً النفس بالخير وبتعويض الخمسة دراهم بأضعافها·· واكتشفت وأنا أقف في منتصف المبنى الضخم أنني وسط معرض تجاري وليس خيرياً، ويبدو أن المعرض مقسم الى قسمين: قسم للأثرياء وآخر للناس الغلابة أمثالي· قلت نتفرج على قسم الأثرياء والفرجة بخمسة دراهم دفعتها على الباب، ووجدت الأسعار مرتفعة جداً بحجة أن البضائع كلها ماركات عالمية·· الذهب والمجوهرات والساعات الفاخرة الثمينة، وانتقلت الى قسم الغلابة فلم أجد الأمر مختلفاً كثيراً من ناحية الأسعار، فالغلاء ظاهرة عامة على الغني والفقير· ووجدت شباناً يرتدون الزي الوطني وهم يبيعون عطورا وبخورا، الأمر الذي أثار إعجابي وأكملت جولتي في المعرض متسائلاً: لماذا لم يخطر على بالي أن أفعل مثلهم، فالتجارة أفضل من الصحافة، ووجدتني أعقد مقارنة في رأسي بين التجارة والصحافة كمهنة، التجارة تورث الذهب، بينما الصحافة تورث المرض، التاجر شاطر لأنه يقنعنك ببضاعته فتشتريها، بينما الصحفي لا يستطيع أن يقنعك ببضاعته وهي الصحف أو الكتب وكل ما هو مكتوب، فمن الواضح انه لا أحد يقرأ وأن الكتب ليست رائجة كرواج بقية البضائع· ولم يخرجني من حلقة المقارنة غير صوت ناعم رخيم -اللهم إني صائم- يعرض علي نوعاً من العطور· ولاحظت أن هذا المعرض عجيب، فهو يعرض كل ما يخطر على بالك حتى العقارات والشقق السكنية النادرة التي تخلق أزمة سكن في البلد ومشاريع التملك الحر· شيء واحد لم أشاهده وهو الكتب· لا أحد يتاجر في الكتب، ربما لو كانت ماركات عالمية لوجدت من يشتريها، والدليل أن الكتاب في الغرب ينجح· وتذكرت الجزء السابع من كتاب هاري بوتر الذي بيع منه في اليوم الأول فقط ثمانية ملايين نسخة· وخرجت من المكان ولدي رغبة عارمة وتصميم على تغيير مهنتي بعد العيد·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©