الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوات الأفريقية... ونعش السلام في دارفور

القوات الأفريقية... ونعش السلام في دارفور
7 أكتوبر 2007 01:53
كان للهجوم المميت الذي شنه متمردون على قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في ''دارفور'' -نهاية الأسبوع الماضي- وقع سلبي على مصداقية قوات التمرد التي تحارب الحكومة السودانية؛ كما أكد الهجوم أن القوات الأفريقية -التي تسعى إلى حفظ سلام بعيد المنال وتفتقر إلى العتاد اللازم والعدد الكافي من الأفراد- تحولت في نظر بعض فصائل التمرد -غير العربية- إلى قوة غير فعالة، لا قيمة لها في أحسن الأحوال، وفي أسوئها، إلى أداة تستخدمها الحكومة السودانية لتحقيق أغراضها الخاصة وتعزيز مواقفها· لقد أدى مقتل عشرة أفراد من قوات حفظ السلام الأفريقية -ليلة السبت وصبيحة الأحد الماضيين على يد متمردين في ''دارفور'' قدموا على متن ثلاثين شاحنة إلى القاعدة العسكرية الصغيرة ''حسكنيتة''- إلى التهديد بإفشال جهود السلام الهشة أصلا، كما هدد الهجوم أيضا بإجهاض مساعي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للتوصل إلى اتفاق سلام خلال المباحثات التي ستجرى في ليبيا أواخر الشهر الجاري، لإنهاء الصراع في ''دارفور''، حيث لقي أكثر من 200 ألف شخص حتفهم وهجر أكثر من مليوني شخص عن منازلهم· لا شك أيضا، أن الهجوم سيصعب من مهمة إيجاد قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة -البالغ عددها 26 ألف جندي التي من المتوقع البدء في نشرها مع نهاية الشهر الجاري-، غير أن نجاح المسعيين، التوصل إلى اتفاق سلام، ونشر قوات أممية، يعتمد على أمرين اثنين، أولهما: التوصل إلى اتفاق لوقف النار قابل للتطبيق، وثانيهما: توحيد جماعات التمرد المتنازعة الذين لا يقتصرون على محاربة الحكومة السودانية، بل يتقاتلون فيما بينهم على نحو متصاعد· لكن الهجوم الأخير أصاب الهدفين في مقتل على حد ما وضحه ''سليمان جاموس'' -أحد أكثر زعماء المتمردين احتراماً في ''دارفور'' وعضو بارز في ''جيش تحرير السودان''-، بقوله: ''إننا كمتمردين نفقد تعاطف المجتمع الدولي، بسبب عدم سيطرتنا على بعض الفصائل ضمن حركة التمرد''· ويضيف قائلا: ''إنه من غير المعقول أن يهاجم رجل الأشخاص الذين يسهرون على أمن وسلامة شعبه، والذين هم هنا لمساعدتنا''· وبرغم استبعاد تورط كبار قادة حركات تمرد ''دارفور'' في الهجوم الأخير، إلا أن العضو البارز في حركة تحرير السودان ''سليمان جاموس'' يرى أن مجرد الفشل في منع حدوثها، يكشف عن ضعف السيطرة وانعدام القانون الذي قد سيكلف حركة التمرد غالياً في التفاوض حول السلطة· ويعتبر ''جاموس'' أن الهجوم قد يكون شن بناء على تصور لدى المتمردين بأن قوات حفظ السلام الأفريقية البالغ عددها 7 آلاف عنصر هي أضعف من أن تحمي المدنيين، وأنه تم ترويضها من قبل الحكومة السودانية، ومن ثم أصبحت هدفاً عسكرياً مشروعاً لجماعات التمرد؛ وأضاف قائلا ''لقد أصيب الناس بالإحباط بسبب فشل قوات الاتحاد الأفريقي في حمايتهم، كما أن الحكومة السودانية تمكنت من السيطرة على تحركات القوات الأفريقية، وهو ما يجعل الناس يعتقدون أنهما طرف واحد''· لكن ''نور الدين ميزني'' -المتحدث باسم قوات الاتحاد الأفريقي- وصف هذا الاعتقاد بأنه غير منطقي قائلا: ''إننا ننفي كليا هذه المزاعم، لقد مكثنا في ''دارفور'' لثلاث سنوات، حيث جاءت القوات الأفريقية لمساعدة الأهالي''؛ كما أوضح من جانبه، أن الهجوم قد يكون جاء كمحاولة من أحد فصائل التمرد للفت الانتباه قبل محادثات السلام في ليبيا، لا سيما وأن أعمال عنف مشابهة اندلعت قبل مباحثات نيجيريا التي توصلت إلى اتفاق للسلام انهار بعد ذلك· وقد طالب المبعوث الأممي الخاص إلى دارفور ''يان إلياسون'' بعزل الجماعة التي نفذت الهجوم، ومنعها من الجلوس إلى طاولة المفاوضات، داعياً قادة التمرد إلى إدانة ما جرى، وهو ما فعله على الأقل أحد قادة المتمردين· لكن المبعوث الأممي إلى ''دارفور'' قال أيضا: ''آمل ألا يؤدي الحادث المؤسف إلى تحريف مسار المباحثات في ليبيا''· أما بالنسبة للاتحاد الأفريقي الذي من المتوقع أن يشكل جنوده الجزء الأكبر من قوات حفظ السلام المشتركة مع القوات الأممية يمثل الهجوم الأخير ضربة قاضية لجهود إحلال السلام؛ فبعد مقتل جندي سنغالي، وهو السادس الذي يقتل خلال عام في ''دارفور''، صرح الرئيس السنغالي ''عبدالله واد'' يوم الإثنين الماضي أنه سيسحب جنوده البالغ عددهم 538 إذا لم توفر لهم التجهيزات الضرورية للدفاع عن أنفسهم -كانت السنغال قد تعهدت برفع عدد قواتها إلى 1600 جندي تحت لواء الأمم المتحدة، وفي حال سحبها فإن ذلك سيؤثر سلباً على القوات المزمع نشرها في الإقليم-، كما عبر أيضا المسؤولون العسكريون في نيجيريا، التي تتوفر على أكبر عدد من القوات في ''دارفور''، عن قلقلهم إزاء الأخطار المحدقة بجنودهم، وأعلنوا عن إعادة نظرهم في مسألة مشاركة قواتهم ضمن جهود حفظ السلام في أفريقيا· وفي هذا الإطار أوضح ''ألكس دي وال''، باحث سوداني متخصص في شؤون ''دارفور'' بقوله: ''إن الهجوم أمر كارثي لأنه وضع الاتحاد الأفريقي في مأزق، حيث لم يعد أحد يرغب في نشر قواته في الظروف الراهنة''· وبعد الاجتماع الطارئ الذي عقده مجلس الأمن على خلفية الهجوم الذي استهدف القوات الأفريقية صرح ''زلماي خليلزاد''، -السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة- أن المجلس يدرك ''جسامة'' ما حدث ويقر بضرورة الكشف عن المسؤولين، مؤكدا أن المجلس، ما أن يكشف عن الجهات المسؤولة، حتى يفرض عليها عقوبات شديدة· ويعتقد العديد من المسؤولين الدوليين أن الهجوم نفذه قادة صغار في بعض جماعات التمرد، مثل بعض عناصر حركة ''العدل والمساواة'' ذات التوجه الإسلامي؛ وحسب ''دي وال'' وسليمان جاموس'' شعر المتمردون بالاستياء بسبب القصف الذي تعرضت له المنطقة المحيطة بالقاعدة الأفريقية من قبل الطائرات الحكومية وفشل قوات الاتحاد الأفريقية في وقفها· عضو هيئة التحرير في ''نيويورك تايمز'' ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©