الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما ينتظره بعد بوتين ميدفيديف وسياسات الكريملن

ما ينتظره بعد بوتين ميدفيديف وسياسات الكريملن
29 مارس 2008 00:49
ربما تسفر الإدارة الروسية الجديدة، برئاسة ''ديمتري ميدفيديف'' وتولي ''فلاديمير بوتين'' لمنصب رئيس الوزراء، عن تجربة حكومية مختلفة عما هو عليه حال الإدارة الروسية اليوم، لكن ومع ذلك تظل وعود التحول الليبرالي التي طغت على خطاب ''ميدفيديف'' الانتخابي، وما صحبها من حديث عن خلفياته السابقة التي لا علاقة لها بجهاز المخابرات السوفييتي السابق ''كي جي بي'' مجرد أضغاث أحلام· ذلك أن وعود حملة ''ميدفيديف'' الانتخابية هذه، يصعب جداً الأخذ بها على أنها التزام بالمبادئ الديمقراطية، وبينما بدا خطابه مختلفاً وأقل تشدداً من خطاب ''بوتين''، إلا أنه لا يمكن اعتباره مؤشراً على حدوث تغيير جدي مرتقب؛ ولنذكر هنا أن ''بوتين'' ما فتئ يردد طوال مدة رئاسته الحديث عن حاجة البلاد إلى تطبيق سيادة القانون وحرية الصحافة وغيرهما من المبادئ الديمقراطية، لكن ومع ذلك استمر التناقض الصارخ بين أقواله وسياساته العملية، ومع دنو انتهاء ولايته الرئاسية، بلغ هذا التناقض حداً يقرب ''بوتين'' كثيراً من نمط الحكم السوفييتي السابق· من جانبه صدرت تعليقات تبدو إيجابية ومغايرة لهذا النهج من قبل ''ميدفيديف''، منها على سبيل المثال حديثه عن تفضيل الحرية على غيرها، إلا أن تلك التعليقات ظلت عمومية وبعيدة كل البعد عن التحديد، كما أنه لم يمس أياً من الأمثلة الكثيرة التي حدثت مؤخراً، ذات الصلة بقضايا الحرية والديمقراطية، بما فيها المضايقة والاعتقال المتكرر للناشطين السياسيين ذوي الميول الليبرالية، ولم يتحدث ''ميدفيديف'' مطلقاً عن علاقة السياسات التي ينتهجها ''بوتين'' والوضع المؤسف لسيادة القانون وحرية الصحافة الروسية، بل ليس مستبعداً أن تكون لـ''ميدفيديف'' نفسه يد في هذه السياسات، طالما أنه يعد من كبار مسؤولي إدارة ''بوتين''· الأهم من هذا، أن النظام الذي أنشأته إدارة ''بوتين'' يقوم في الأساس على السيادة الرئاسية المطلقة وغير المتنازع عليها، وعلى التحكم السياسي وعدم التسامح إزاء الخلاف والانشقاق، ناهيك عن المطالبة بالاستقلال السياسي، وفي ظل نظام كهذا، يتمتع القضاء بالاستقلال والصحافة بالحرية متى ما ابتعدتا عن التدخل في ما يعتبره المسؤولون الرسميون مصالح حكومية تخصهم، وفي الحقيقة فإن أي استقلال حقيقي للقضاء، وأي سيادة فعلية للقانون، وكذلك أي حرية حقيقية للصحافة، من شأنها نسف مجمل الأساس الذي قام عليه هذا النظام الشمولي، وليس في مقدور ''ميدفيديف'' الوقوف في وجه ''بوتين'' أو النظام الذي شيده، طالما أن ''بوتين'' هو من سانده وضمن انتخابه للمنصب الرئاسي في الثاني من شهر مارس الجاري، وعليه فقد تحدث ''ميدفيديف'' قبل أسبوع واحد فحسب، واصفاً علاقته بـ''بوتين'' بأنها علاقة ''فريق ثنائي''، وعلى رغم عدم توفر أي ضمانات لاستمرار هذا النهج الذي رسمه ''بوتين'' في أعقاب تولي ''ميدفيديف'' لمنصبه الرئاسي، إلا أنه من الخطأ والطيش الاعتقاد بأن هذا الأخير سوف يدفع بروسيا نحو الانفتاح والتغيير السياسي الليبرالي· وفيما لو تراجعت الفرص الاقتصادية الكبيرة التي صحبت عهد ''بوتين'' فإن من شأن المشكلات الداخلية المتعددة التي تمكن النظام من صرف أنظار المواطنين عنها بسخاء الإغداق المالي عليهم من عائدات النفط والغاز الكبيرة خلال السنوات الماضية، أن تعود لتطفو على السطح مجدداً، وقد حذر مراقبون ومحللون للاقتصاد الروسي، من احتمال عدم استدامة النجاح الاقتصادي الذي حققته روسيا خلال سنوات العقد الماضي، إلى ذلك أشار منتقدو الإدارة إلى عيوب ديناميات إنتاج وتوزيع النفط والغاز الروسيين، مع العلم أن هذين الموردين يشكلان نحو ثلث عائدات الخزانة الروسية، إضافة لإشارتهم إلى احتمال حدوث نقص قريب في الأيدي الروسية العاملة، بسبب التغيرات الديموغرافية السلبية التي تمر بها روسيا منذ عدة سنوات· وفوق ذلك، فربما لن يكون في وسع روسيا التي لم تستعد بعد بما يكفي، الصمود في وجه التداعيات المحتملة لموجة ركود اقتصادي عالمي جديدة، بات حدوثها أكثر ترجيحاً· وربما بدا ''بوتين'' أشد اهتماماً بالإنجازات الاقتصادية التي حققها خلال فترة رئاسته، فعلى رغم دنو مغادرته لمنصبه، كشف مؤخراً عن خطة اقتصادية تستمر حتى عام ،2020 وهي الخطة التي تؤمّن وفاءه بعهد مواصلة المسيرة التي أطلقتها ولايته· ومهما يكن، فإن كان قصد ''الفريق الثنائي'' هذا، تحديث الاقتصاد ونمط الحياة الروسية حقاً، فإنهما سوف يواجهان حتماً جملة من التحديات الكبيرة الصعبة، في مقدمتها ما إذا كان التحديث ممكناً أصلاً في ظل نظام يفتقر إلى المؤسسات ويتم فيه إقصاء المشاركة العامة في صنع السياسات وتنفيذها، إضافة لإحكام قبضته المركزية الخانقة على أي تنافس سياسي، ومن التحديات أيضاً أن أي خطوة نحو التحديث الفعلي، ستؤدي إلى بروز الخلافات الدائرة سراً في الوقت الحالي، بين أفراد النخبة الحاكمة الممسكة بزمام السلطة، مع العلم أنها حققت مكاسب سياسية كبيرة لها في ظل النظام الحالي· وفيما لو نشبت النزاعات العلنية بين أفراد هذه الشريحة العليا من النخبة السياسية الروسية، فإنها ستطال حتماً النخب الأقل مستوى، بما فيها الطبقات الوسطى المقصاة حالياً من دائرة النفوذ السياسي، وفي هذه الحالة، فعلى الأرجح أن يرغم أفراد هاتين الفئتين الأخيرتين على الاصطفاف لصالح هذا الطرف أو ذاك من أطراف الصراع· ماشا ليبمان محررة بصحيفة Pro et Contra'''' التابعة لمركز مؤسسة كارينجي بموسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©