الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بارقة أمل لزيارة كوبا

9 فبراير 2013 23:31
في الشهر الماضي، فتحت كوبا أبوابها بشكل ملفت بعض الشيء؛ حيث أعلن الرئيس راوول كاسترو أن المواطنين الكوبيين لم يعودوا في حاجة للحصول على رخص الخروج الصعبة من أجل مغادرة البلاد؛ وأن جواز السفر يفي بالغرض. غير أن الكوبيين الذين أعرفهم متشككون في كلام كاسترو على نحو يمكن تفهمه. فمما لاشك فيه أن بعض الكوبيين لن يمنَحوا جوازات سفر مع ذلك، كما أنه ما زال هناك الكثير من القيود المفروضة على السفر. ذلك أنه يتعين على الرياضيين والموسيقيين والمنتسبين للجيش، مثلًا، الحصول على إذن خاص من «الأخ الأكبر» حتى يستطيعوا السفر إلى الخارج. ومع ذلك، فإن تخفيف القيود أمر حقيقي، وهو ما دفعني إلى التساؤل حول ما إن كان سيؤدي إلى تخفيف مماثل لقيود السفر على الأميركيين الكوبيين مثلي، الذين يرغبون في زيارة كوبا. أجل، أعلم أن أوباما سهل أكثر على الكوبيين الذين لديهم أقارب على الجزيرة الذهاب إلى هناك، علماً بأن الحواجز على سفر الكوبيين لم تكن فعالة دائماً حيث كان من الممكن السفر إلى مكسيكو سيتي، مثلًا، ومنها إلى كوبا حتى خلال ذروة الحظر على السفر. غير أن العائق الأكبر للسفر، بالنسبة للعديد من الأميركيين الكوبيين، ازداد تعقيداً في الحقيقة. إنني كوبية مولودة في أميركا. ولدي جواز سفر أميركي، ولكن لدي أيضاً والدين كوبيين وأجداداً ربوني وعلموني تحدث الإسبانية في البيت. وقد تعرفت على السياسة الكوبية المعاصرة واطلعت عليها على مائدة الطعام ومن نشرات الأخبار من المذياع المحمول الذي قلما كان يفارق أذن جدي. ولكن لماذا لم أزر كوبا أبداً. ولماذا لم تتح لي الفرصة؟ الواقع أنني كنت أرغب في الذهاب إلى هناك منذ أن كبرت بما يكفي لأدرك أن ميامي ليست هافانا، وأن ثمة نسخة أصلية للنسخة المقلدة. ولكن المثير للسخرية هو أن الأشخاص الذين كانوا يؤججون رغبتي في السفر وزيارة كوبا هم أنفسهم الذين كانوا يمنعونني من ذلك، إذ أنه بقدر ما كان والدي وأجدادي يرغبون في أن أزور كوبا، وفي أن يعودوا إليها هم أنفسهم، فإنهم لم يكونوا يستطيعون تخيل ذهاب أي واحد منا قبل رحيل الشيوعيين عن السلطة. والواقع أن رؤساء أميركيين عديدين فرضوا أيضاً حظر السفر أو أبقوا عليه. ولكن الحظر الذي حال دون زيارتي لكوبا كان عائلياً، حظراً لم يتضمن السياسة فحسب وإنما الحب والتخوفات والشفقة الأبوية أيضاً. ذلك أنه في كل مرة كنت أخططُ فيها للزيارة، كانت عائلتي تنصب لي جداراً وترفض منحي «رخصة الخروج». وفي إحدى هذه المرات، كنت قد أمضيتُ أياماً في الإجراءات الإدارية البيروقراطية الطويلة، وأمَّنت حجزاً في الفندق، وكانت بين يدي في الواقع تذكرة طائرة إلى كوبا بقيمة 500 دولار. وكنت في طريقي إلى الجزيرة إلى أن منعتني والدتي من ذلك في آخر لحظة وأكدت لي أنها ستصاب بسكتة قلبية إذا ما ذهبت إلى كوبا، وأنني إذا لم أكن أرغب في موتها على يدي، فعلي أن أبقى في البيت، أو أن أذهب إلى مكان آخر. وذكَّرتني بالكيفية التي تعرض بها أحد أجدادي للسجن في كوبا لـ15 عاماً لعلاقته بنشاط معارض لكاسترو، وكيف تمكن جدي الآخر بالكاد من النجاة بحياته. كما أخبرتي من جديد بعمي، الذي تعرض للتعذيب بالصدمات الكهربائية عندما كان مسجوناً من قبل نظام كاسترو. وظل مصدوماً جداً ومتأثراً بعد الإفراج عنه إلى درجة انتهى به المطاف معها في مصحة للأمراض العقلية في إسبانيا، حيث بقي لمدة عام كامل لم ينطق خلالها بكلمة واحدة. وإذا كنتُ أعتقد أني سأكون بأمان لأنني أميركية، قالت لي أمي محذرة، فيجدر بي أن أعيد التفكير في الأمر، وأن أنظر إلى آلان جروس: وهو أميركي يعمل في «التنمية الدولية» ويقبع حالياً في سجن كوبي بسبب ارتكابه لـ«جرائم ضد الدولة» على ما يفترض، على رغم أنه يقول إنه لم يقم سوى بجلب هواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر للجالية اليهودية في الجزيرة. وهكذا، خسرتُ المال الذي أنفقته على الإعداد للزيارة ومكثت في البيت. واللافت أن هناك شيئاً بصدد التغير في أوساط الأميركيين الكوبيين على ما يبدو. إنها فكرة «العام القادم في كوبا». ففي شبابي، كان ثمة توقع بين العديد من الكوبيين، وخاصة أولئك الذين أُرغموا على الفرار من الجزيرة، بأنهم يوماً ما سيعودون إلى كوبا إلى الأبد. وفي هذا السياق، وجد مركز «بيو» لاستطلاعات الرأي في عام 2000 أن 41 في المئة من الكوبيين الذين يعيشون خارج الجزيرة يقولون إنهم سيعودون إلى كوبا ديمقراطية. ولكن بعد أربع سنوات على ذلك، انخفض هذا العدد إلى 32 في المئة، والأرجح أنه ما زال في انخفاض. إن العديد من الكوبيين الذين ولدوا في كوبا ويعيشون في الولايات المتحدة باتوا مرتاحين مع كونهم أميركيين ليس على الورق فقط ، وإنما في قلوبهم وعاداتهم أيضاً. كما أن البعض من أكثر الراغبين في العودة أصبحوا متقدمين في السن. فجدي اليوم يبلغ 90 عاماً ولم يعد بإمكانه العودة أبداً. ووالدي، الذي كان يعتقد أنه سيعود يوماً ما، وعاش نصف حياته في كوبا ونصفها الآخر في الولايات المتحدة، توفي قبل أن يتسنى له ذلك. ولكنني يوماً ما سأزور كوبا قطعاً. وعندما أفعل بذلك، سأقوم به من أجل والدي، ومن أجل أجدادي، ومن أجلي! فانيسا جارسيا كاتبة وفنانة أميركية من أصل كوبي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©