السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرس الثوري الإيراني... هل يتأثر بالضغوط؟

الحرس الثوري الإيراني... هل يتأثر بالضغوط؟
8 أكتوبر 2007 00:45
بينما تسعى واشنطن خلال الأسابيع الأخيرة إلى تكثيف الضغوط لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، هب المسؤولون الإيرانيون للدفاع عنه، والرد على خصومه· فجاءت الخطبة الدينية ''لآية الله أحمد جناتي'' في الشهر الماضي نمطية في ذلك، مؤكدة أن ''الحرس الثوري ليس منفصلا عن الشعب، فهل تريدون وصم السبعين مليون شخص الذين يعيشون في هذا البلد بأنهم إرهابيون؟''· فبالرغم من الصعوبات التي تنطوي عليها عملية فرض عقوبات فعالة على الحرس الثوري بالنظر إلى هذا التماهي مع الشعب، يبقى من الضروري على الولايات المتحدة إيجاد طريقة لاحتواء الحرس الثوري الذي يدير البرنامج النووي الإيراني، والمتورط في قتل الجنود الأميركيين في العراق، فضــلا عن دوره المتصاعــد في السياسة الإيرانية· يذكر أن الحرس الثوري قد شُكل بعد الثورة الإسلامية عام 1979 بسبب تشكك قيادة الثورة من ولاء الجيش النظامي، حيث اشتبه في تعاطف الضباط مع النظام الملكي، كما أن الذين تدربوا من الجيش في أوروبا، أو في الولايات المتحدة اعتبروا عملاء محتملين للغرب؛ فكانت النتيجة نشوء مؤسستين عسكريتين موازيتين بمسؤوليات منفصلة، فبينما يضطلع الحرس الثوري بمهمة حماية الثورة وإنجازاتها، حسب الدستور الإيراني، يتولى الجيش التقليدي حماية استقلال البلاد والدفاع عن وحدتها الترابية· وبعد عام تقريباً على إنشاء الحرس الثوري، شن الرئيس العراقي ''صدام حسين'' حرباً طاحنة على إيران امتدت لفترة ثماني سنوات وخلفت مئات الآلاف من القتلى· وقد حظيت الأطر الأولى للحرس الثوري باحترام وتقدير شعبي كبير لما أظهروه من شجاعة ورباطة جأش في ساحة المعركة فصعد نجمه لدى النظام السياسي الذي مجد بطولاته وأعلى من شأنه· لكن الحرس الثوري مايزال يحتفظ بمهام القوات المسلحة التقليدية، حيث يضم بين صفوفه حوالي 120 ألف رجل، فضلا عن عدد أكبر من جنود الاحتياط المعروف باسم ''الباسيج''، ويفتخر قادته بمراقبة التكتيكات الأميركية في أفغانستان والعراق وبقدرتهم على الرد عليها من خلال حرب غير تقليدية· ويمتلك الحرس الثوري أيضا وحدات من البحرية -التي كانت قد اعتقلت البحارة البريطانيين في شهر مارس الماضي- فضلا عن قوات جوية، أما الجزء غير النظامي من مهام الجيش الثوري فيضطلع به ''فيلق القدس'' المتورط في دعم المتمردين في العراق، بالإضافة إلى الاتهامات الأخرى التي وجهتها له الولايات المتحدة في 2002 بالمشاركة في القتال ضد القوات الأميركية في أفغانستان· ليس خافياً أيضا الدور المهم الذي لعبته وحـــدات الحرس الثـــوري في إنشـــاء ''حزب الله'' بلبنان في الثمانينيات، كما وجد أفراد من قواته في البوسنة خلال سنوات الحرب في التسعينيات، لكن يبقى التغير الأهم الذي طرأ على الحرس الثوري هو ذلك المتمثل في دوره السياسي على الساحة الإيرانية· فقد أصبح اليوم، حسب المراقبين السياسيين، يمزج بين الوظيفة العسكرية والأمنية من جهة، وبين المشاركة السياسية من جهة أخرى، حيث ينخرط كبار ضباط الحرس الثوري في الشؤون السياسية، وأحيانــاً يكــون ذلك نيابة عن السلطات المدنية، ويدل هذا التوجه نحو المزيد من الانخراط السياسي من قبل الحرس الثوري عدم ثقة في القادة المدنيين، ولعل تفحص التصريحات التي أدلى بها الجنرال ''محمد علي عزيز جعفري'' الذي اختير لقيادة الحرس الثوري في الأول من سبتمبر الماضي توضح بعض تلك النقاط· في عام 1999 نظم الطلبة الإيرانيون احتجاجات عارمة، كان الجنرال ''الجعفري'' واحدا من قادة الحرس الأربعة والعشرين الذين حذروا القيادة السياسية من أنهم إذا لم يتحركوا فسيأخذون زمام الأمور بأيديهم· وفي العام 2002 أكد ''الجعفري'' هذا التوجه قائلا ''ليس الحرس الثوري مجرد منظمة عسكرية، بل هو منظمة سياسية وعسكرية''، وأضاف موضحاً تدخل الحرس الثوري في العديد من الأمور قائلا ''اليوم تصدر أميركا تهديدات، ومع الأسف هناك بعض الجماعات مستعدة للتضحية بأهداف الثورة ومبادئها لتحقيق طموحاتهم السياسية؛ لهذا السبب عبر الحرس الثوري عن آرائه''، وقد أشار الجنرال ''جعفري'' أيضا إلى أن المرشد الأعلى الحالي، ''آية الله علي خامنئي''، لا يمتلك نفس كاريزما سابقه، وهو ما يحتم نشاطا أكبر للحرس الثوري· توحي التحركات الحالية لوحدات الحرس الثوري بالدور الذي يتهيأ للقيام به في الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في شهر مارس من العام 2008؛ فقد تم في شهر أغسطس الماضي تعيين الضابط في الحرس الثوري ''علي رضى أفشار'' في وزارة الداخلية للإشراف على الانتخابات، حيث عوض ''أفشار'' في منصبه الجديد ضابطاً آخر مقربا من الرئيس أحمدي نجاد، الذي هو نفسه أحد أعضاء الحرس الثوري السابقين· ويعتبر الحرس الثوري أيضاً لاعباً أساسياً في الاقتصاد الإيراني من خلال ارتباطه بأكثر من مائة مؤسسة للأعمال تتراوح نشاطاتها بين الصناعات العسكرية والتهريب· ويوظف القطاع الهندسي التابع للحرس، ''خاتم الأنبياء''، 40 ألف موظف، حيث استطاع في ظرف شهر واحد فقط الفوز بعقود عمل تصل قيمتها إلى سبعة مليارات دولار· ومع أن تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية يتطلب تجميد أصوله في الولايات المتحدة، إلا أن ذلك لن يكون مجدياً بسبب عدم احتفاظ الحرس الثوري بأموال في أميركا؛ كما أن القرارين 1737 و1747 الصادرين عن مجلس الأمن اللذين يفرضان قيوداً على سفر أعضاء الحرس الثوري إلى الخارج ويحجر على أموالهم في البنوك الأجنبية، عديم الفائدة لأنه من غير المرجح أن يسافر أعضاء الحرس الجمهوري إلى الولايات المتحدة، أو أوروبا، ناهيك عن وضع أموالهم في البنوك الأجنبية· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©