الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تايوان والبحث عن المقعد المسلوب

تايوان والبحث عن المقعد المسلوب
8 أكتوبر 2007 00:46
عندما جاهرت الولايات المتحدة في منتصف يونيو الماضي برفضها لاستفتاء مقترح من تايوان بشأن التقدم بطلب للانضمام مجدداً إلى الأمم المتحدة، سارعت ''تايبيه'' إلى الردّ على واشنطن بحجّة أن الأخيرة ليس لها حق التدخل في الشؤون الخاصة بالجزيرة· ولكن بالنسبة للإدارة الأميركية، فإن الموضوع لا يقتصر على مسألة العلاقات الخارجية لتايوان بقدر إثارته المخاوف من إمكانية حصول توترات مع الصين، فضلاً عن التخوّف من حصول اضطرابات في مضيق تايوان، ولاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والنيابية في جزيرة فرموزا (تايوان)· المحللون في العاصمة التايوانية ''تايبيه'' والأميركية ''واشنطن'' يرون أن إصرار الرئيس التايواني ''شين شوي بيان'' على طرح الاستفتاء الذي يسأل الناخبين إذا ما كان ينبغي للحكومة أن تتقدم بطلب لعضوية الأمم المتحدة مجدداً تحت اسم تايوان (وليس جمهورية الصين كما كان يطلق عليها أثناء عضويتها السابقة في المنظمة الدولية) من شأنه أن يدخل تعديلات جذرية في كيفية تعاطي إدارة ''بوش'' مع تايوان· لا يمكن لأحدهم أن يترجم حالة القرب في المسافات الجغرافية بين الصين وتايوان، بأنها دفء في العلاقات أو قرب في التوجهات والسياسات، إذ بين الدولتين الجارتين اللتين انفصلتا، ركام من الخلافات والأحداث التي عايشتاها على مرّ السنين، وتنافستا خلالها في شتى المجالات· فمنذ انتصار الشيوعيين بقيادة ''ماو تسي تونج'' -في الحرب الأهلية الصينية عام 1949- على ''الوطنيين'' الذين يقودهم ''تشيانج كاي تشيك'' في تايوان، وبكين تحاول فرض سيادتها على جزيرة فرموزا (تايوان) التي انفصلت عن البرّ الصيني في العام نفسه؛ وتمكنت في العام 1971 من الحصول على اعتراف الأمم المتحدة كممثل وحيد للشعب الصيني تحت اسم جمهورية الصين الشعبية، وبالتالي طُردت تايوان التي كانت تسمّى ''جمهورية الصين'' من المنظمة الدولية بموجب القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم ،2758 لتصبح تايوان التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية، والتي كانت عضواً مؤسساً في الأمم المتحدة أي سلطة تذكر· وبمقتضى سياسة الصين الواحدة، أصرّت بكين على أنّ الدول لا يمكنها أن تحتفظ بعلاقات رسمية مع الصين وتايوان في آن واحد، مما دفع بالكثير من الدول إلى قطع علاقاتها مع تايوان· يفوق عدد حلفاء الصين في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، حالياً، حلفاء تايوان التي لم يعد يعترف بها سوى 32 دولة في أرجاء العالم، الأمر يثير استياء تايوان التي تعتبر واحدة من نمور آسيا الأساسيين الأربعة (هونج كونج، سنغافورة، كوريا الجنوبية وتايوان)، وهو ما دفع الرئيس التايواني إلى طرح فكرة الاستفتاء حول التقدم بطلب العضوية إلى الأمم المتحدة لإثبات مكانة البلاد وسيادتها وموقعها بين بقية الدول التي لا تقل عنها شأناً· ولكن هذه الخطوة بالطبع، لا تتناسب مع التوجهات الصينية بالسيطرة، وكذلك مع أهداف الإدارة الأميركية التي لا تتمنى أبداً حدوث أي اضطرابات في مضيق تايوان متجنّبة إزعاج المارد الأصفر· وهو ما أعرب عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ''شون ماكورماك'' عندما دعا الرئيس التايواني ''شين'' إلى العدول عن الاستفتاء المقترح والاحتفاظ بوعوده التي قطعها للصين والمجتمع الدولي بعدم إثارة الاضطرابات والتوترات· تعلم تايوان أكثر من غيرها أن الطلب الذي ستتقدم به إلى مجلس الأمن ليس لديه أي بصيص أمل بالاستجابة، ولاسيما مع احتلال الصين مقعداً دائماً في المجلس وحيازتها سطوة قرار النقض ''الفيتو'' ضد أي قرار لا يعجبها· حتى أنّ الأمين العام للأمم المتحدة ''بان كي مون'' أعلن جهاراً ''أن تايوان جزء من الصين، وليس لديها الحق في التقدم بأي طلب إلى المنظمة''· وبالتالي، فإنّ موقفه يتطابق تماماً مع موقف واشنطن وبكين، لاسيّما وأنّ ما لا تريده الولايات المتحدة تمتنع، غالباً، الأمم المتحدة من إثارته تلقائياً· ومع ذلك، فإنّ حزب الـ(DPP) التايواني الحاكم اليوم يصرّ على الاستفتاء، كما أنه يفكر في إمكانية نقل القضية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي - هولندا لأنها تمسّ الوضع القانوني الدولي لتايوان· والجدير ذكره، أن هذا الحزب بدأ ومنذ نشأته في العام 1986 بالسعي لاستعادة تايوان عضويتها في الأمم المتحدة، وهو يشدد على أنه من غير الجائز عزل المواطنين في تايوان عن المنظمة الدولية ''التي تدعي أنها دولية وللجميع''! وفي مطلع التسعينيات، بدأ الحزب سلسلة حملات وتظاهرات في شوارع ''تايبيه''، واستمر ذلك حتى العام 1993 حين وافق حزب الوطنيين الحاكم آنذاك على فكرة التقدم بطلب العضوية إلى الأمم المتحدة· ولكن الفارق بين الحزبين، هو ان حزب ال(DPP) اقتـــــرح التـــقدم بطلـــــب العضوية تحت اسم تايوان وليس جمهورية الصين، كما أراد حزب ''الوطنيين''· وأكد في أكثر من مرة أن تايوان اليوم تختلف عن جمهورية الصين التي كانت قائمة في السابق من حيث السياسات والتوجهات وحتى من حيث المساحة، وبالتالي فإنها اليوم ليست الدولة التي طردت في العام 1971 من المنظمة الدولية· وكذلك الأمر لجهة علاقتها بالصين، فحالياً هناك بعض الروابط التجارية والاقتصادية بين الصين وتايوان؛ فضلاً عن ذلك، فإن طاقم السياسيين والحزب الحاكم قد تغيّر وبات هناك استراتيجيات مختلفة لدى ''تايبيه''، وعلى الرغم من كل هذه التبريرات إلا أن الواقع لا يرجح كفة تايوان، وهناك مَن يقول: ''إذا كانت واشنطن تعارض ذلك، فإلى أين يمكن أن يصل التايوانيون؟''· أورينت برس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©