السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمان

أمان
8 أكتوبر 2007 01:24
حكى أبوبكر الطرطوشي في كتابه ''سراج الملوك'' قال: أخبرني أبوالوليد الباجي عن أبي ذر قال: كنت أقرأ على الشيخ أبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين في بغداد جزءاً من الحديث في حانوت رجل عطار، فبينما أنا جالس معه في الحانوت إذ جاء رجل من الطوافين ممن يبيع العطر في طبق يحمله على يده، فدفع إليه عشرة دراهم وقال له: أعطني بها أشياء سماها له من العطر، فأعطاه إياها، فأخذها في طبقه وأراد أن يمضي فسقط الطبق من يده فانكب جميع ما فيه فبكى الطواف وجزع حتى رحمناه، فقال أبوحفص لصاحب الحانوت: لعلك تعينه على بعض هذه الأشياء، فقال: سمعاً وطاعة، فنزل وجمع له ما قدر على جمعه منها ودفع له ما عدم منها، وأقبل الشيخ على الطواف يصبره ويقول له: لا تجزع فأمر الدنيا أيسر من ذلك· فقال الطواف: أيها الشيخ ليس جزعي لضياع ما ضاع لقد علم الله تعالى أني كنت في القافلة الفلانية فضاع لي هميان فيه أربعة آلاف دينار ومعها فصوص قيمتها كذلك فما جزعت لضياعها حيث كان لي غيرها من المال، ولكن ولد لي ولد في هذه الليلة فاحتجنا لأمه ما تحتاج النفساء ولم يكن عندي غير هذه العشرة دراهم فخشيت أن أشتري بها حاجة النفساء فأبقى بلا رأس مال، وأنا قد صرت شيخاً كبيراً لا أقدر على التكسب، فقلت في نفسي أشتري بها شيئاً من العطر فأطوف به صدر النهار فعسى أستفضل شيئاً أسد به رمق أهلي ويبقى رأس المال أتكسب به، واشتريت هذا العطر، فحين انكب الطبق علمت أنه لم يبق لي الا الفرار منهم، فهذا الذي أوجب جزعي· قال أبوحفص: وكان رجل الجند جالساً إلى جانبي يستوعب الحديث فقال للشيخ أبي حفص: يا سيدي أريد أن تأتي بهذا الرجل إلى منزلي، فظننا أن يعطيه شيئاً، قال: دخلنا إلى منزله فأقبل على الطواف وقال له: عجبت من جزعك، فأعاد عليه القصة فقال له الجندي: وكنت في تلك القافلة؟ قال: نعم، وكان فيها فلان وفلان، فعلم الجندي صحة قوله فقال: وما علامة الهميان وفي أي موضع سقط منك؟ فوصف له المكان والعلامة، قال الجندي إذا رأيته تعرفه؟ قال: نعم، فأخرج الجندي له همياناً ووضعه بين يديه فحين رآه صاح وقال: هذا همياني والله وعلامة صحة قولي أن فيه من الفصوص ما هو كيت وكيت، ففتح الهميان فوجده كما ذكر، فقال الجندي: خذ مالك بارك الله لك فيه، فقال الطواف: إن هذه الفصوص قيمتها مثل الدنانير وأكثر فخذها وأنت في حل منها ونفسي طيبة بذلك، فقال الجندي: ما كنت لآخذ على أمانتي مالاً، وأبى أن يأخذ شيئاً، ثم دفعها للطواف جميعها، فأخذها ومضى ودخل الطواف وهو من الفقراء وخرج وهو من الأغنياء·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©