السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

البحث عن الحضارة!

البحث عن الحضارة!
29 مارس 2008 01:19
في الحياة تكتسب الشعوب سمات تفرزها حالات مجتمعية تتشكل حسب ذائقة ما، أو حسب تدفق رؤية ثقافية مؤثرة أو عوامل آنية تحدث تفاعلا جزئيا أو كليا في خاصية الشعوب بسبب البحث عن الحضارة· وهذه غالبا ما تجعل من مكونات الحياة المجتمعية للأوطان غير مستقرة لا على شكل ولا على لون، وهي سمات تتلاقى في رحاب الحياة الإنسانية والمجتمعية المختلفة، منها فاقدة ومنها جاذبة، وبفعل التجليات العلمية الحديثة أصبحت خاصية الشعوب تتفتت على صخرة النضج العلمي الحديث، مما يظهر للمرء وأن كثيرا من الإفرازات المجتمعية ما بين عشوائية ومنظمة· ومن تلك المؤثرات الهجرة وإشكال الأسفار ما بين الشعوب في اتجاهات متعاكسة وكل حسب تكوينه ومقدرته الحياتية التي أصبحت تتفاوت من مكان إلى آخر، فالهجرة لست وليدة اليوم بل على أمر العصور تتموج في حياة الشعوب وتتمازج سماتهم بسبب التأثيرات البيئية الدالة على الحراك الثقافي والاقتصادي، لكن لم يعد كما كان حراكا محدودا بل أصبح طاغيا إلى درجة التأثير الكبير على الحياة المجتمعية التي تأثرت بشكل واضح وجلي، ولأن هذه السمات الشعوبية المهاجرة أوجدت السلوك الإنساني في غربة حقيقية! وأثارت ما يطفو من سلوك ثقافي عالمي موغل بالثقافة الهجينة نظامها العالم غير المستقر وذو الملامح الدالة على الفوضى الجغرافية، حيث الأوطان لم تعد المأمن المحيط بأصالة التكوين النقي البعيد عن المتغير الخاسر!! هناك سمات شعوبية كالطوفان الجارف وهنا مكمن الخطر، لأنها بلا عنوان جغرافي أو ذات طبيعة محددة! وبلا مرتكز ثقافي، وقد تجاوزت كثيرا من السلوك الإنساني المسؤول وباتت السمات المتراكمة محل عبث، كما المخزون التاريخي والتراثي من لهجات واللغات لها عادات وتقاليد أصبحت محل خوف حقيقي، فالأحداث تسيطر سلبا نتيجة سمات مزدوجة، فلا يمكن قراءة مغزى حضاري قادم يمت إلى الماضي ولا للمكان بقدر ما يمت إلى المستقبل العالمي المتفجر والمتشظي وبطريقة جنونية كأنه وهج في السماء!!· إذن الدلالات المعرفية تقول إن السمات الشعوبية والأممية في مدار الخطر، والبحث عن الحضارة والتطور كمطلب فطري، إلا أن المد الثقافي القادم إلى هذه الشعوب ليس بالأكيد مدا حضاريا أو يعبر عن الرقي؛ فالسمات الحضارية لا تمتد عبر جسور من الزيف بقدر ما لها معطيات وأسس من شأنها أن تخلق انضباطا متزنا ما بين كل الجزئيات فلا تترك منها خاوية أو مظلمة تترسب فيها مكونات الجهل والتخلف، وكثير ما يؤرق الأمم البحث عن الحضارة، مما يفقد الشعوب سمات جمة، وبهذا تفقد الأمم نفسها تدريجيا، وتذوب عنها مكونات سماتها الحقيقية وربما تفقد عمقها التاريخي وأصالتها فعمل ضخم كالرقي بالمجتمع حضاريا يستدعي العمل بمنهجية وبدقة متناهية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©