الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إبراهيم محمد صالح: نبوءة بربارا حول زايد وكرمه تحققت

إبراهيم محمد صالح: نبوءة بربارا حول زايد وكرمه تحققت
8 أكتوبر 2007 21:19
لايزال ناقوس الذكريات يدق كلما اقترب شهر رمضان المبارك وشريط العمر يطوي أطياف الحنين إلى الزمن الغابر إلى الحقبة الزمنية الجميلة المليئة بمتناقضات الحب والحزن والفرح والتعب والخير رغم شظف العيش، إلا أن الحياة في ذلك الوقت كان لها طعم آخر ورونق مختلف، كما يروي ذلك السيد إبراهيم محمد صالح الخبير في مجال التراث والمتاحف والمشرف العام في متحف عجمان·· ومن أهم تلك المحطات كلمات البريطانية ''بربارا'' التي كان يعمل عندها في البحرين مطلع الستينات والتي قالت: ''إن رجل الصحراء القادم إليكم كريم في معاملته ويهدف إلى لم شمل القبائل وتوحيدها وسوف يقيكم من عناء السفر للبحث عن الرزق··''، نعم صدقت توقعاتها بعد أن تولى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مقاليد الحكم ومنح أبناء شعبه الحب والانتماء، وقدم للعالم نموذجا للحاكم العادل الذي استطاع ان ينقل الإمارات خلال 30 عاماً إلى العالمية في فترة لو قيست بنهضة الأمم لاحتاجت إلى مئات السنين· هكذا بدأ إبراهيم محمد صالح أحد أبناء عجمان حكايته عن الذكريات الماضية، وأحذ يحكي والكلمات بالكاد تخرج من فمه، متحسراً على أيام رمضان السالفة، وكيف كانت الحياة في الماضي الجميل الذي يجسد الأسرة الواحدة لسكان المنطقة، ورغم مشاق الحياة وتعبها إلا أن للحياة لوناً آخر، ولكن لا ننكر الخير الكبير الذي نتمتع به في عصر الاتحاد، حيث تعبنا من أجل تأمين لقمة العيش قبل عصر النفط· دق الهريس وأشار إبراهيم: كنا نستقبل شهر رمضان المبارك في مطلع الستينات ونحن نسكن كأهل الساحل قرب البحر في مناطق وفرجان معدودة بعجمان، مقسمة لثلاثة أجزاء وهي الفريج الغربي والفريج الشرقي وكلها قرب خور عجمان والمتحف حالياً أمام دائرة الإعلام حالياً، والمساكن عبارة عن خيم وعرشان وهي جمع للعريش -المنازل المبنية من سعف النخيل، ثم تطورت إلى الجص والطين وبعدها دخل الطابوق·· وكانت مظاهر الاستعداد للشهر الكريم تبدأ عند دخول شهر شعبان، حيث يستعد الشباب للمساعدة في دق حب الهريس لدى الأسر المقتدرة لأن الهريس يعتبر من الوجبة الرئيسية في الشهر الكريم والتي تأتي غالباً من باكستان وإيران والعراق أو الهند ولا يشتري تلك المواد والحب غير الأسر المقتدرة·· وهناك في عجمان أسر متمكنة تقوم بإعداد وجبات الإفطار للضيوف طوال الشهر الكريم من أمثال بيت الحمراني وكاجور وبيت المعي بن لوتاه وبن كلي والشواقيش، ولهذا يقوم الشباب والرجال بالذهاب لتلك المنازل من أجل دق الهريس من دون مقابل، لأن تلك الأسر تقدمه للفقراء والزوار وتستقبل الشباب خلال الإفطار وبعد صلاة المغرب في مجالسهم، هذا أحد الأبواب الدينية التي تجسد التعاون والتعاضد بين أفراد المجتمع· صلة الرحم ونوه إبراهيم الى ان السبب الحقيقي وراء هذا التعاون يرجع للأهل الذين كانوا يعيشون في منطقة واحدة ومساكن متلاصقة ومتجاورة والكل يعرف الآخر، والأعمال والوظائف كانت متشابهة، أما الآن فكل شخص مشغول في حياته اليومية وأوقات العمل تعتبر طويلة ويصعب على الإنسان التواصل مع الآخرين حتى في المساجد بسبب بعد المسافات وكل شخص مشغول في حياته اليومية·· وكل أسرة في جزيرة مستقلة عن الأخرى، وهذه نتيجة طبيعية لضريبة التطور، ولكن يجب ان نتعامل معها ونكيفها بحنكة وخبرة أولياء الأمور الذين يجب عليهم توجيه دفة الأسرة لأهمية التواصل والتراحم وتبادل الزيارات بين الأقارب والأهالي· عرصة عجمان وبحث إبراهيم في شريط الذكريات، فقال: كانت الأسواق قديماً قليلة وبسيطة، وهي في دبي سوق مرشد والسوق القديم وفي الشارقة سوق العرصة وفي عجمان عرصة عجمان، وكانت الوسيلة المتوفرة في تلك الفترة من أجل الوصول للأسواق هي الجمال أو سيارة اللاندروفر أو (العريبي) و(البيدفورد) الشاحنة الكبيرة لأن الطرق في فترة الستينات كانت غير معبدة وهي غالباً ما تكون على ساحل البحر ومحفوفة بالمخاطر بسبب الكثبان الرملية العالية، والذي كان يملك سيارة في تلك الفترة يعتبر من الأغنياء والمشهورين، ونظراً للطلب المتزايد على توصيل الركاب وزحمة الناس على السيارة فالفرد الذي يريد ان يركب قرب السائق وبتجنب زحمة الركاب في الخلف، عليه الذهاب ليلاً لصاحب السيارة ويتفق معه من اجل حجز المقعد الأمامي قرب السائق، وبهذا الحجز يضمن الجلوس في المقدمة ويتجنب الزحمة والضجيج ويقدم له أجرة التوصيلة من اجل شراء احتياجات رمضان من الأسواق المشهورة في دبي كحب الهريس والفرني مثل المهلبية الصفراء والنامليت وأنواع الشراب والعصائر التي كانت تستخدم في الماضي، كما أذكر في الماضي أن المطعم الوحيد الذي كان يقدم وجبات غذائية كان مقهى ومطعم أحمد سرباز في دبي· نكبة اللؤلؤ قال إبراهيم محمد صالح: سكان الخليج كانوا يعتمدون قبل عصر النفط على الغوص للحصول على اللؤلؤ، وعندما خرج اللؤلؤ الصناعي من اليابان تكبد سوق اللؤلؤ خسائر فادحة وتعطل العمل، كما تزامن ذلك مع الحرب العالمية الثانية، حيث أجبرت السفن والمحامل على عدم الإبحار والتوقف حتى انتهت الحرب، وعاش سكان الخليج في فقر كبير حتى أنعم الله عليهم بنعمة البترول على صبرهم وتعبهم، ورغم الاكتشافات البدائية فقد كان معظم السكان في الإمارات يذهبون للعمل في الكويت والسعودية والبحرين· ومن فصول الذكريات أنني كنت أعمل حينها في البحرين لدى شركة خلال فترة الصباح، وفي المساء أعمل لدى أسرة بريطانية وبالأخص مع السيدة بربارا وذلك منتصف الستينات، وقالت بربارا: ''اسمع يا إبراهيم سوف تتغير حياتكم للأحسن وترجع بلدك قريباً، وقلت لها: كيف ذلك؟ قالت: يوجد لديكم رجل من الصحراء كريم في خصاله يسعى لوحدة القبائل، محباً للخير للجميع وسوف يكفيكم مؤنة السفر للعمل بالخارج وهذه المؤشرات والمعطيات تؤكد أن هذا الرجل سوف يمنحكم الخير الوفير، خاصة وان بلدكم تعكف الآن على استكشاف النفط''· ومرت الأيام ودارت عجلة الزمن حتى تقلد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد مقاليد الحكم وأخذ يطوي صفحات التاريخ والزمن في فترة قصيرة، واستطاع ان يوحد الإمارات ويجعلها دولة واحدة تضاهي معظم الدول العالمية· وصدقت توقعات بربارا، حيث منحنا الراحل الخير الكثير، ونحن اليوم نروي لأبنائنا حجم المعاناة التي عاشها آباؤنا وأجدادنا قبل عصر النفط والتطور، فقد كانت الأسر الإماراتية في الماضي سباقة إلى فعل الخير وهي لازالت على هذا العهد، وعلى سبيل المثال رغم الحياة البسيطة فقد كانت السفن القادمة إلى الشواطئ خلال شهر رمضان يتسابق السكان ليفطروا طاقم السفينة، هكذا كانت الحياة مليئة بالخير والعطاء· دور المرأة وقال إبراهيم إن المرأة الإماراتية لعبت دوراً بارزاً في حياة الأسرة، حيث كانت الأم والمعلمة والمرشدة للبنات من أجل إعدادهم وصقلهم بالمهارات المنزلية وخاصة في المطبخ والخياطة والتجارة، ومنذ عشر سنوات كنت البنت تعرف شؤون الإعداد للمطبخ وتقوم بمساعدة الأب والاخوة في المنزل في أعمال الخياطة والحياكة والرعي، فالحياة في رمضان كانت مختلفة، ونظراً لوقف الصيد خلال الشهر يقوم الشباب بممارسة الرياضة، حيث يلعبون قرب الشاطئ لعبة (الحشد) وفي الليل لعبة (عظيم) والالعاب الاخرى للأولاد كانت لعبة القبة أو الكرة ولعبة عظيم السرا او عظيم لواح ولعبة ديك دياية ولعبة حسن ديك ولعبة حبيل الزيبل ولعبة سبيت حي ولا ميت ولعبة الجلة ولعبة الصوير ولعبة الصبة ولعبة شبر عظيم السرا وهي لعبة جماعية يلعبها الأطفال مساء بواسطة عظم حيوان ويقذفونه الى أعلى ثم يندفع اللاعبون نحوه ومن يعثر عليه يهرب به الى منطقة تسمى الهول فإذا وصل اللاعب حامل العظم الى الهول يعتبر فائزا واذا تمكن اللاعبون منه يضربونه بواسطة المكال او بالعصي حتى يرمي العظم· وقال إبراهيم: بعد انتهاء فترة عملي في البحرين عدت إلى الإمارات وعملت في مكتب التطوير التابع لحكومة أبوظبي ثم في وزارة الإعلام، وقد أنشأ سعادة عبيد الفرج فرقة قومية تعرض تراث فلوكلور الإمارات، وقد انطلقت معها في معظم دول العالم، كذلك اسندت لي إدارة نادي الناصر في عجمان، ثم أعمل الآن كمشرف على متحف عجمان، كان العمل في أبوظبي ممتعاً ولكن الذهاب إليه ليس بالأمر السهل والهين ويسمى الطريق من شدة الخطر بين دبي وأبوظبي بالطريق (الصراط) لان المركبة التي تحيد عن الطريق غير المعبد سوف تتكبد تعب ومشاق الرمال التي تدفن العجلات ولا يوجد من يساعدك بسبب قلة عدد المركبات· وفي ختام حديثه أكد إبراهيم محمد صالح أننا نعيش في نعمة في ظل القيادة الحكيمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله'' الذي أكمل مسيرة العطاء التي استطاعت ان تنقل أبناء الإمارات إلى العالمية والتطور والتحضر·
المصدر: عجمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©