الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما...ثلاثة أشهر في البيت الأبيض

أوباما...ثلاثة أشهر في البيت الأبيض
22 ابريل 2009 05:08
في الجمعة الأخيرة من شهر مارس، دعا أوباما قادة الصناعة المصرفية إلى البيت الأبيض على مأدبة غداء متواضعة بكافة المقاييس. وكان الرئيس يقصد من وراء ذلك أن يوصل رسالة معينة مباشرة وقوية في آن معاً. وقد تبدى قصده بوضوح عندما طالب هؤلاء المصرفيين بالنظر إلى الأزمة المالية بعيون الأميركيين العاديين الذين يشقون طريقهم بصعوبة بالغة عبر الركود المستحكم، وليس بعيون رؤساء المصارف التي تهاوت. وعندما أبدى بعض هؤلاء القادة المصرفيين نوعاً من الاحتجاج حول النظرة السائدة بشأنهم، وادعوا أن صناعتهم المصرفية ذات طبيعة متخصصة للغاية، وأن الأمر كان يستدعي دفع تلك الرواتب الكبيرة للمديرين والقادة، للاستفادة من خبرتهم، وتجنب حدوث نزيف العقول من الصناعة، قاطعهم أوباما قائلاً لهم إن إدارته هي التي تحول دون المحاولات الرامية إلى كنسهم من الساحة بكاملها.ومن خلال أسلوبه المباشر، وجرأته، وثقته التامة بنفسه، استخدم أوباما شعبيته العريضة وأجندته الطموحة لتوجيه أميركا في اتجاه جديد. فخلال أقل من 100 يوم قضاها في سدة الحكم، تمكن أوباما من فرض أسلوبه، فأمر بإغلاق معتقل جوانتانامو، وتعهد بسحب القوات الأميركية من العراق، وأدخل تعديلات قانونية تيسر على النساء رفع قضايا للمطالبة بمساواتهن بالرجال، وخفف الحظر المفروض على اختبارات الخلايا الجذعية، ووسع من نطاق التغطية الصحية، وأقال رئيس شركة جنرال موتورز، ومد يده إلى العالم الإسلامي، وسعى إلى تخفيف التوتر مع كوبا، وسافر إلى كندا، وأوروبا، وتركيا، وأميركا اللاتينية، ووضع مساحة شاسعة من الأراضي الخلاء في أميركا تحت الحماية الفيدرالية.لقد قبض أوباما على زمام أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها بلاده منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وسخرها لمصلحته، وانطلق من أجل إعادة تشكيل الجوانب الرئيسية لحياة الأميركيين اليومية.وعن ذلك يقول ''آلان ليشتمان'' المؤرخ وأستاذ مادة التاريخ بالجامعة الأميركية في واشنطن إنه: ''يمكن لأي شخص أن يحاول تصيد الأخطاء للرئيس الجديد، ولكنه سيضطر إلى العودة في الماضي حتى عهد الرئيس فرانكلين روزفلت، حتى يمكن أن يجد نظيراً لما يقوم به أوباما''.وليس معنى ذلك أن أداء أوباما كان سلساً على طول الخط، ذلك لأن الحقيقة هي أنه واجه الكثير من العثرات. فقد واجه عثرات مثلاً فيما يتعلق باختيار الوزراء الذين سيعملون معه، بل وحاول مرات عديدة إقناع بعضهم مثل وزير التجارة على سبيل المثال بالانضمام إلى إدارته. وعلاوة على ذلك اضطر وزير الخزانة ''تيموثي إف. جيثنر'' الذي يعد الرجل المحــوري في الاقتصــاد الأميركي، إلى الاعتماد على بعض الخبراء الذين كانــوا يعملــون ضمـــن إدارة بوش. وفي بعض الأحيان بدا أوباما، الذي كان يعتبر نفسه مستمعاً جيداً، وكأنه قد فقد القدرة على التمييز بين النبرات المختلفة، إلى درجة أنه لم ينتبه مثلاً إلى اشمئزاز الأميركيين من سلوكيات الرجل الذي كان مرشحاً لشغل منصب وزير الصحة السيناتور السابق ''توم داشل''، الذي كان يطوف شوارع واشنطن بسيارة فاخرة من نوع كاديلاك يقودها سائق ويرفض دفع الضرائب المستحقة على العلاوات والحوافز الإضافية التي يتقاضاها بالإضافة إلى راتبه. كما كان الرئيس بطيئاً أيضاً في اكتشاف نبرة ردة الفعل الشعبي الغاضب عندمـــا اتخـــذ قراراً ذهبــت بموجبــه ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب إلى مديري البنوك الذين ساهموا في تخريب الاقتصاد. وفي أحيان أخرى أخفق خطيبنا المفوه، في العثور على النبرة المناسبة لخطابه، فكان هذا الخطاب يبــدو متشائماً تارة ومتفائلاً تارة أخرى.ومن الصعوبات التي واجههـــا أوباما تلك المتعلقة بالتعامل مع ''الجمهوريين'' خاصة. فقد كان حريصاً على دعوة أعضـــاء من الحزبين لحضور الحفـــلات التي كــــان يقيمهـــا في البيت الأبيض كان يحرص خلالها على مجاملة ''الجمهوريين''، وإبداء الود تجاههم، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لجعلهم يبتلعون حقيقة انتهاء الحقبة ''الجمهورية''، أو لإقناع قادتهم بتأييد حزمته التحفيزية. ومع ذلك، لم يوقف أوباما محاولاته للتقرب من ''الجمهوريين''، حيث واصل دعوتهم الى حفلات الكوكتيل والعشاء التي يقيمها في البيت الأبيض. وكان هدفه من تلك المحاولات هو أن يظهر للأميركيين أنه على رغم كل الخلافات التي احتدمت بين الحزبين في سنوات حكم بوش، إلا أن ذلك لم يحل بينه وبين التقرب من ''الجمهوريين'' مع أنهم لم يمنحوه أصواتهم في الكونجرس. وعلى رغم المآزق التي واجهت إدارة أوباما إلا أن الحقيقة هي أن طريقة تعاملها مع تلك المآزق ساعدتها على إرساء تقليد جديد يعتمد على مواجهة المشكلات وعدم الهروب منها والنزول إلى الشارع ومخاطبته مباشرة إذا أمكن. وفي الحقيقة أن الرئيس الذي كان يشعر في قرارة نفسه بأنه محاصر بالفعل في البيت الأبيض كان يسعى إلى الهروب من ذلك الحصار، والتعامل وجهاً لوجه مع الشعب الأميركي.وهكذا حطت طائرته في مدينة ''إيلكهارت'' بولاية إنديانا، التي كانت معدلات البطالة قد تضاعفت فيها ثلاث مرات خلال العام الماضي. كما خاطب أوباما الجماهير التي لم تتوقف عن التغني باسمه في ''فورت مايرز'' بفلوريدا التي ارتفع فيها معدل البطالة هي الأخرى بنسبة تكاد تقترب من الضعف. وعلى متن طائرة الرئاسة ''إير فورس ون'' شرح ''روبرت جيبس'' المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض للصحفيين المرافقين للرئيس تلك المقاربة بقولـــه: ''إن الرئيس لا يحاول أن يشرح لإنديانا ما يحدث في واشنطن، ولكنـــه يأخـــذ معــــه واشنطن بأكملهــــا كي يريهـــا ما يحدث في إنديانا''. وقبل أن تصل فترة المئة يوم الأولى من ولاية أوباما إلى منتصفها، كان الرئيس قد وقع بالفعل مرسوماً يقضي بتحويل سبعة بنود تشريعية تضم بينها أكبر مشروع قانون للإنفاق في التاريخ الأميركي بأسره إلى قانون نافذ.وعلى رغم هذا الأداء فإن أوباما لم ينجُ، مع ذلك، من الانتقاد. فالكثيرون من المنتقدين -بما في ذلك بعض ''الديمقراطيين'' من أعضاء الكونجرس- رأوا أن أوباما كان طموحاً أكثر من اللازم، وأن إدارته التي تعاني من نقص الموظفين كانت تتقدم بخطى أسرع مما ينبغي. ومن هؤلاء ''كنت كونراد'' رئيس لجنة الميزانية بمجلس الشيوخ الأميركي الذي قال إنه: ''من الصعب أن يتمكن رئيس من إنجاز كل ما يتعين إنجازه خلال وقت قصير.فهناك دائماً حاجة لترتيب الأولويات''. ومع ذلك كله يرى الكثيرون أن المئة يوم الأولى في رئاسة أوباما تشكل علامة فارقة، وتذكر بالأيام الملحمية لروزفلت وسياستة المسماة ''الصفقة الجديدة'' New Deal.إن المئة يوم الأولى من ولاية أوباما أجابت في الحقيقة على سؤال واحد ظل معلقاً إبان محاولته التي بدت للبعض -حينها- شبه مستحيلة للوصول إلى البيت الأبيض وهو: هل يتمكن سيناتور مستجد لم يبلغ بعد الخمسين من عمره، وكان حتى سنوات قليلة مضت مجرد عضو في مجلس نواب ولاية إيلينوي، من مواجهة مسؤوليات منصبه كرئيس، والإمساك بزمام السلطات الهائلة التي يمنحها له هذا المنصب؟ لا شك أننا سنحتاج إلى وقت أطول بكثير من مئة يوم كي نحدد ما إذا كانت أفعال أوباما صائبة أو ناجحة.. ولكن ذلك لا يحول بيننا وبين القول إن الرجل قد استطاع منذ البداية أن يقبض على الزمام، وأن يشد عليه بقوة. فاي فيوري ومارك باراباك واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©