الواجد

لله -سبحانه وتعالى- صفات جلالية تشير الى معاني القوة والجبروت، وصفات جمالية تشير الى معاني الرحمة والعطف· إلا أن هناك اسماء له -جل شأنه- تجمع بين المعنيين منها اسمه -عز وجل- الواجد· ويقول د· علوي أمين -استاذ الحديث بجامعة الأزهر: الواجد من أسماء الله الحسنى التي تجتمع فيها صفات الجلال والجمال لله تعالى، فكما انه يدل على معاني القوة والجبروت والعظمة والسلطان فهو يدل ايضا على معاني الرحمة والعطف والإحسان والرأفة، فالله تعالى هو الواجد لكل هذا وذاك، وهو المتفرد بهذه الصفات والمعاني جميعاً، وإذا وجد مخلوق فيه بعض هذه الصفات وتلك المعاني فإنها لديه محدودة ومقيدة بالحدود والقيود البشرية والتي يشوبها النقص والعجز· أما فيما يتعلق بالله الواحد الواجد -جل شأنه- فلا حدود لهذه الصفات ولا قيود تعوق تلك المعاني، فهي مطلقة تامة كاملة؛ لأن الله تعالى تنزه عن النقص والعجز، وسبحانه وتعالى لا حدود لقوته وجبروته وعظمته، ولا قيود على رحمته وعطفه ورأفته بمن خلق، فهو لطيف خبير بعباده رحيم بهم، وهو القاهر للطغاة والمدمر لأعدائه والقادر على سلاطين الإنس والجن· ومن هنا جاء اسمه الواجد مشتملاً لصفاته الجمالية والجلالية· ويضيف د· علوي: والواجد هو الذي لا يعوزه شيء، وهو في مقابلة الفاقد، ولعل من فاته ما لا حاجة به الي وجوده لا يسمى فاقداً، والذي يحضره ما لا تعلق له بذاته ولا بكمال ذاته لا يسمى واجداً، بل الواجد ما لا يعوزه شيء مما لابد له منه، وكل ما لابد منه في صفاته الإلهية وكمالها فهو موجود لله تعالى، فهو بهذا الاعتبار واجد وهو الواجد المطلق، والمخلوق ان كان واجداً لشيء من صفات الكمال وأسبابه فهو فاقد الأشياء، فلا يكون واجداً إلا بالاضافة·· وقيل الواجد بمعنى العالم أي الذي يوجد كل شيء ويعلم ما يحتاج اليه كل شيء، وهو يوجد كل شيء ويهيئ له سبل وجوده، كما استعمل اسم الله الواجد في معنى قوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (إني لأجد ريح يوسف)· وقد سئل أبو يعقوب عن صفة واسم الله الواجد وصحة الوجد فقال: معرفة قلوب الاشكال وعلامة فساد قلوب الاشكال· وقيل: إن الوجد عبارة عن صك يجري بين الله وعبيده· ويوضح د· علوي: أن الواجد من العباد هو من يسن سلوكا طيبا وسنة حميدة يسير عليها غيره وذلك من باب تقوى الله ومحاولة التقرب اليه بصفته الواجد المطلق الذي أوجد كل شيء ولم يوجده شيء·