الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سلامة البيئة وأمن الطرق·· كابوس يؤرق شركات صناعة السيارات

سلامة البيئة وأمن الطرق·· كابوس يؤرق شركات صناعة السيارات
8 أكتوبر 2007 21:47
لا شك أن صنّاع القرار في شركات صناعة السيارات في العالم أجمع يعيشون الآن أيامهم العصيبة مع اقتراب التواريخ المحددة لتطبيق القوانين التي تفرض عليهم إخضاع منتوجاتهم الجديدة لشروط جديدة وصارمة ترمي للحفاظ على البيئة من خلال زيادة فعالية حرق الوقود في المحركات وتخفيض معدلات إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون· وبالطبع، لا يمكن التقيد بهذه القوانين إلا بعد إعادة النظر تماماً في كافة الأنظمة والتقنيات المستخدمة في صناعة السيارات، وبما يعني ضرورة العمل على ابتداع محركات جديدة تماماً، وما يرتبط بها من علب السرعة وحتى المواد الداخلة في تركيب الهياكل والقطع والمؤلفات والفرش الداخلي· وحددت مراكز القرار في دول الاتحاد الأوروبي عام 2012 موعداً نهائياً لتطبيق هذه القوانين الجديدة، وهذا يعني أن ما يقارب أربع سنوات فحسب من الزمن هي المدة المتبقية أمام شركات صناعة السيارات للانتهاء من بحوثها واستعداداتها ونقلها إلى حيّز التطبيق العملي حتى تظهر في طرازات السيارات المقبلة· وتقدّر تكاليف الالتزام بهذه القوانين بالنسبة للشركة الواحدة بعشرات مليارات الدولارات· وعمدت الشركات الألمانية لصناعة السيارات للاحتجاج لدى الجهات المسؤولة عن تطبيق هذه القوانين في الاتحاد الأوروبي بسبب ضيق الفترة الزمنية المتبقية على تطبيقها، وهي فترة لا يمكن أن تكون كافية بالنسبة لشركة تمتلك أكثر من 15 منصّة لإنتاج السيارات مثل مرسيدس وفولكس فاجن، للانتهاء من البحوث اللازمة لتطوير هذا العدد الضخم من الطرازات بما يتفق مع تلك القوانين· وبالرغم من أن الأمور تبدو لأول وهلة وكأنها على درجة عالية من البساطة؛ وتتلخص بتصميم محركات يقل معدل إطلاقها من غازات عادم الاحتراق عن 160 جراماً من غاز ثاني أوكسيد الكربون في اللتر، إلا أن تحقيق هذا الشرط يتطلب بحوثاً معقدة وإمكانيات هائلة· ويضاف إلى ذلك أن معظم الشركات العالمية الكبرى لصناعة السيارات، تعيش الآن حالة من الحيرة والارتباك من خلال التردد بين تطوير طرازات سياراتها الراهنة، أوالتركيز على تطوير السيارات الهجين أوالكهربائية، وكل من هذه الخيارات يتطلب رصد تكاليف وإمكانات هائلة· ومما يزيد الطين بلّة بالنسبة لشركات صناعة السيارات أن بعض الدول المتقدمة بدأت تعدّ قوائم بأسماء الأنظمة الإلكترونية التي تعتزم إجبار الشركات على إضافتها إلى سياراتها كشرط مسبق لطرحها في الأسواق· ومن ذلك مثلاً القانون الذي أقرّه الكونجرس الأميركي مؤخراً والذي يقضي بأن تكون كل السيارات التي تصنع بعد عام 2012 مجهزة بتكنولوجيا أنظمة منع الميلان· وأفاد تصريح صدر عن وزارة النقل الأميركيـــة بأن التكنولوجيـــا الجديدة التي تدعى (النظام الإلكتروني لضبط الثبات) electronic stability control يمكنها أن توفر ما بين 5300 و9600 من ضحايا حوادث المرور، بالإضافة لنحو 238000 جريح سنوياً لو تم نشر استخدامها في الأسطول الضخم من السيارات الهائمة في طرق وشوارع الولايات المتحدة· ولا يشك الخبراء أن السلسلة المتكاملة من الأنظمة الذكية التي تهدف إلى زيادة هوامش أمن الطرق سوف يتم إدراجها قريباً ضمن قوائم التجهيزات الإجبارية التي ستضاف إلى السيارات خلال السنوات القليلة المقبلة ومن أهمها نظام الإضاءة الذكية· ويقول الخبراء: إن الرؤية الضعيفة كثيراً ما تكون وراء حوادث السيارات، ولهذا السبب عمد المتخصصون بتصميم المصابيح الأمامية للسيارات إلى تطويرها في اتجاه تجنّب الحالات التي لا تكشف فيها الطريق وخاصة عند الدوران على المنعطفات· وكانــــت (مرســـــيدس بنز إي-كــــلاس) أول ســـــــيارة في العالم تســـتخدم (نظام الإضاءة الذكيـــة) Intelligent Light System الذي ابتدعه خبراء الشركة في مركز البحوث الخاص بها· ويطلق على التقنية الأكثر أهمية في الابتكـــار الجديد اسم (نظام المصابيح الأمامية المتكيفة) Adaptive Headlights System· وتتلخص وظيفة النظام في توفير الإضاءة القوية في اتجاه حركة السيارة حتى وهي تدور في المنعطفات، كما يتميز النظام بقدرته على العمل في كافة ظروف القيادة· والعنصر الأساسي في النظام هو مصابيح الإنارة القوية بغاز الزينون والتي تحقق عدة مستويات مختلفة من شدة الإضاءة الخاصة بالقيادة ضمن المدينة أو في الطرق السريعة أو عند دوران المنعطفات أو في الضباب· ومن جهة أخرى، تعتزم الإدارة الوطنية لأمن الطرق السريعة في الولايات المتحدة إصدار تعميم يقضي بإجبار كل شركات صناعة السيارات على تجهيز طرازاتها بنظام (المسجّل الإلكتروني لبيانات السيارة) المعروف أكثر باسم (الصندوق الأسود)، وذلك اعتباراً من الاول من سبتمبر العام المقبل· ويذكر في هذا الصدد أن بعض طرازات السيارات التي تنتجها جنرال موتورز مجهزة سلفاً بهذا النظام· وأشار مصدر مسؤول في الإدارة إلى أن الهدف من إضافة هذا الجهاز إلى السيارات ليس التحقيق في المتسببين بالحوادث فحسب، بل من أجل استخدامه كقاعدة بيانات عملية لتطوير الدراسات المتعلقة بحوادث الطرق· ويذكر أن الهيئة الوطنية لسلامة النقل في أميركا والتي تعنى بالتحقيقات في حوادث الطائرات والحافلات والقطارات المدنية، كانت قد أوعزت خلال شهر يونيو من عام 2006 بضرورة التفكير في اعتماد الصناديق السُّود في السيارات كوسيلة لتحري أسباب الحوادث وتحديد المسؤوليات فيها أسوة بحوادث الطائرات· ووجهت إيعازها إلى الإدارة الوطنية لأمن الطرق السريعة التي تعنى بالبحوث المتعلقة بأمن قيادة السيارات والتحقيق بمدى تطابق أنظمتها وأجزائها وأدائها مع المعايير والتشريعات المعتمدة للأمن والسلامة· ويأتي هذا التوجّه عقب دراسة ميدانية مدققة أنجزها خبراء الهيئة الوطنية لسلامة النقل في شهر يوليو من عام 2003 حول أسباب حادث سير جماعي مأساوي سجل في مدينة سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا وذهب ضحيته عدد كبير من القتلى· ويرى خبراء الهيئة أن الصندوق الأسود في السيارات المتصادمة كان سيعدّ وسيلة ممتازة لمساعدة المحققين في التوصل إلى الأسباب الدقيقة لهذا الحادث المروّع· وكانت سيارة مسرعة من طراز بويك 1992 اقتحمت سوقاً مكتظاً بالمشترين ينظم في الهواء الطلق فقتلت عشرة أشخاص وجرحت 63 آخرين· وساد الاعتقاد لدى المحققين أن سائق السيارة العجوز قد يكون أخطأ اختيار الدوّاسة التي ينبغي الضغط عليها بالقدم اليمنى عندما وجد نفسه مندفعاً نحو حشود روّاد السوق فقام بالضغط على دوّاسة البنزين بدلاً من دوّاسة الكبح· وتتفق آراء المحللين لهذا الحادث الذي ذهب ضحيته سائق السيارة أيضاً على أن وجود الصندوق الأسود كان الوسيلة الوحيدة لمعرفة ما حدث بالضبط·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©