الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية··· ولعبة الكرت الأخير

كوريا الشمالية··· ولعبة الكرت الأخير
9 أكتوبر 2007 00:07
قبل عام مضى، كانت كوريا الشمالية قد أجرت أول اختباراتها النووية بانفجار صغير محدود، سجل اسمها للتو في قائمة الدول المنضوية تحت عضوية النادي النووي الدولي· والغريب في الأمر أن آفاق السلام والاستقرار في منطقة شمال شرقي آسيا تلك، لم تكن أفضل مما هي عليه الآن مطلقاً· ذلك أن موافقة ''بيونج يانج'' الأسبوع الماضي على تعطيل العمل بمنشآتها النووية بحلول نهاية العام الحالي، تشكل الخطوة الأكبر والأكثر أهمية في الطريق الصحيح المفضي إلى سلام المنطقة واستقرارها· وفيما يبدو فقد كان الاختبار النووي الذي أجرته ''بيونج يانج'' بمثابة جرس إنذار استرعى انتباه الرئيس بوش، وقد أمسك هذا الأخير بزمام إدارته ليوجه اهتمامها شمالاً، منهياً بذلك النزاع الدائر في أروقة وأجنحة إدارته لمدة ست سنوات، بين أولئك المتشددين الذين يفضلون انهيار نظام ''كيم جونج إيل''، وأولئك الذين يعطون أفضلية للتفاوض معه· وبدافع حرصه على إنجاح سياساته الخارجية إزاء كوريا الشمالية، فقد منح بوش صلاحيات تفاوضية واسعة لـ''كريستوفر آر· هيل'' -مساعد وزير الخارجية لشؤون كوريا الشمالية-، وأصدر له تعليمات بالتوصل إلى صفقة معها· وفي شهر يناير الماضي، التقى السيد ''هيل'' بنظيره الكوري الشمالي في برلين وتمكنا من وضع الإطار العام لاتفاقية تضع بموجبها ''بيونج'' حداً لبرامجها وأنشطتها النووية، في مقابل حصولها على مساعدات اقتصادية وإنسانية، فضلاً عن حصولها على ما يلزمها من الطاقة وتحسين علاقاتها مع واشنطن· وفي شهر فبراير الماضي، أجريت محادثات شاركت فيها كل من الولايات المتحدة الأميركية والصين وكوريا الشمالية واليابان وروسيا، أضفت على مسودة الاتفاقية تلك طابعاً رسمياً· وعليه فإن، من المتوقع أن تغلق ''بيونج يانج'' منشآتها النووية خلال شهرين، كي تقرر لاحقاً ووفق جدول زمني متفق عليه إبطالها وتفكيكها تماماً· لكن وما أن أبرم ذلك الاتفاق مباشرة، حتى نشأت في أعقابه مشكلة تتعلق بتحويل مبلغ 25 مليون دولار، من أرصدة كوريا الشمالية المجمدة في بنوك ''ماكاو''· ومن جانبها فقد أرادت ''بيونج يانج'' أن يتم تحويل تلك الأرصدة على نحو يعيدها إلى التعامل مجدداً مع النظام المصرفي العالمي، وهذا ما تعترض عليه واشنطن· إلا أنه تم التغلب على هذه العقبة في شهر يونيو الماضي، عبر شبكة من التحويلات العالمية، على أن تغلق ''بيونج يانج'' منشآتها النووية خلال شهر نوفمبر المقبل، تحت رقابة وإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية· هذا وقد أذهلت سرعة الوتيرة التي أحرز بها هذا التقدم في المحادثات مع ''بيونج يانج'' غالبية المراقبين لتطورات الأوضاع فيها؛ وسواء كانت مدفوعة بحاجتها، أم بحكم الضرورة، فقد بدت ''بيونج يانج'' اليوم أكثر استعداداً من أي وقت مضى، منذ نهاية الحرب الكورية في عام ،1953 لتحسين علاقاتها مع بقية أعضاء الأسرة الدولية· فإلى جانب موافقتها على إغلاق منشآتها النووية الأسبوع الماضي، عقد رئيسها ''كيم جونج إيل'' قمة مشتركة مع نظيره الجنوبي ''روه مو-هايون'' تناولا خلالها آفاق التعاون الاقتصادي بينهما، إلى جانب احتمال إبرام اتفاق سلام بين طرفي شبه الجزيرة الكورية· غير أن قضية واحدة لا تزال تهدد نجاح الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وتتلخص في ما تحوز عليه ''بيونج يانج'' حالياً من مخزون مواد انشطارية نووية؛ فالمعروف عن كوريا الشمالية أنها أكملت معالجة حوالي 50 كيلوجراما من مادة البلوتونيوم القابلة لتصنيع السلاح النووي، أي ما يكفي لصنع حوالي 10 قنابل نووية· بقي القول إن هذا المخزون النووي، سرعان ما سيتحول قريباً إلى ''كرت أخير'' بيد الزعيم ''كيم جونج إيل''، وفيما لو تنازل عنه وسلمه لواشنطن، فسرعان ما سيجد نفسه وقد جرد من جميع أسلحته، بل ليس مستبعداً أن يكون تحت رحمة ذات الصقور الذين لا يتشوقون إلى شيء قدر تشوقهم للإطاحة بنظامه الحالي· ومهما يكن، فقد طالب ''سونج مين-سون'' وزير خارجية كوريا الجنوبية بضرورة أن يتضمن الاتفاق المبرم مؤخراً مع ''بيونج يانج''، التزامها بترحيل ما لديها من مخزون مواد انشطارية خطيرة إلى خارج حدودها· وفي مسعى منا لاجتياز هذه العقبة، فنحن نقترح أن تعلن الصين -بصفتها آخر الحلفاء المتبقين لـ''بيونج يانج'' من أعضاء الأسرة الدولية- احتجازها لتلك المواد داخل الأراضي الكورية الشمالية· وفي إعلان كهذا متبوعاً بكل ما يحمله من مسؤولية، سوف تضمن واشنطن وبقية أعضاء المجتمع الدولي، عدم استغلال ''بيونج يانج'' لتلك المواد في تصنيع المزيد من القطع النووية، أو أن ترسلها إلى أي دولة أخرى بهدف تأمين الحفاظ عليها، أو أن تضع منظمة أو جهة إرهابية ما يدها عليها في مقابل توفير المزيد من النقد لـ''بيونج يانج''· وفي حين أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن أن تؤدي دور الرقيب الدولي على تنفيذ الالتزام الصيني المحتمل إزاء هذه المواد، إلا أنه ليس مرجحاً أن تثق ''بيونج يانج'' في منظمة تساورها شكوك عميقة في سيطرة واشنطن عليها؛ ولنذكر هنا أن ''كيم جونج إيل'' كان قد طرد مفتشي الوكالة من أراضيه في عام ،2002 أي قبيل استئناف بلاده لبرامجها النووية مباشرة· تارة أخرى يمكن أن تقدم الصين حلاً أو بديلاً معقولاً لهذا الرقيب الدولي، خاصة وأن لدى بكين من أدوات الضغط الاقتصادي والإنساني على ''بيونج يانج''، فيما لو لم تلتزم هذه الأخيرة بوعودها وتعهداتها· مستشار السياسات سابقاً بمنظمة تطوير الطاقة بشبه الجزيرة الكورية 1995-1999 جيمس لاني السفير الأميركي السابق بكوريا الجنوبية 1993-1997 ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©