الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هيلاري كلينتون.. مناصب أميركا ليست للمواهب

هيلاري كلينتون.. مناصب أميركا ليست للمواهب
9 أكتوبر 2007 00:07
من بين الأمور الكثيرة المتعلقة بالسياسة في الولايات المتحدة، والتي يمكنها أن تسر أو تقلق مراقباً صديقاً من الضفة الأخرى للأطلسي، السؤال التالي: لماذا تتقدم السيناتورة ''هيلاري كلينتون'' على منافسيها للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة؟ وما الذي فعلته ''هيلاري'' لتستحق هذه الأهمية والمكانة؟ وكيف يمكن لبلد يفتخر بروح المساواة والفرص التي تسوده أن يقوده شخص يرجع الفضل في صعوده إلى رابطة الزواج أكثر منها إلى المؤهلات والكفاءة؟ إننا جميعاً -أفراداً وأمماً- نجد صعوبة في رؤية أنفسنا بالطريقة التي يرانا بها الآخرون؛ لقد تخلينا في أوروبا -التي يُفترض أنها معقل الامتياز الطبقي والألقاب المتوارثة- عن مبدأ التوارث (باستثناء مؤسسة الملكية الدستورية التي ثبت نفعها في الواقع)؛ وولت أيامه، أما الأميركيون، فلا يجدون غضاضة في أن يعقب ''بوش الأصغر'' أباه ''بوش الأكبر''· وفي وقت يتأمل فيه الأميركيون بهدوء ما قد يصل إلى 28 عاماً من الحكم المتواصل لآل بوش وآل كلينتون، لابد من الانتباه إلى حقيقة أنه لم يعد ثمة أي وجود للعائلات في الحياة السياسية البريطانية، على الأقل في جانب حزب المحافظين، فلا يوجد في بريطانيا اليوم ما يضاهي عائلات كينيدي وجور وبوش النبيلة· في الديمقراطيات المتقدمة الأخرى يصعب، بل يستحيل لشخص له سيرة ذاتية تشبه سيرة ''هيلاري كلينتون'' أن يترشح لقيادة البلاد، صحيح أن الزوجات يرثن زمام السلطة السياسية من أزواجهن أحياناً، إلا أن ذلك غالباً ما يحدث في بلدان مازالت في فترة ''نقاهة'' بعد الحكم الديكتاتوري· لقد حررت النساء عبر ديمقراطيات العالم، ودخلن عالم السياسة ووصلن إلى أعلى المراتب؛ إلا أن الولايات المتحدة مازالت متأخرة عن الركب؛ إذ يضم الكونجرس اليوم عدداً قياسياً من النساء؛ ومع ذلــك، فإن الأرقام -71 من أصل 435 عضواً في مجلس النواب، و16 من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ- تظل ضعيفـــة، لا سيمــا إذا ما قورنت مــع الأرقــام المسجلة في النرويج التي تمثل فيها النساء 37 في المائــة مــن أعضـــاء البرلمـــان، والسويد حيث تمثــل نسبتهن 45 في المائــة· وممــا لا شــك فيــه أن بعض النســاء كن أقـــل توفيقـــاً من غيرهن في السياســـة· فأول رئيســـة للوزراء في فرنســا كانت ''إيديث كريســـون''، ولكنهـــا لم تستمـــر في منصبهـــا لأكثر من عــام واحد؛ وأول رئيسة للوزراء في كندا كانت ''كيم كامبل'' ولكنها شغلت المنصب لأقل من ست سنوات قبل أن تقود حزبها إلى هزيمة انتخابية كارثية· ولكن بالمقابل، خاضت ''هيلين كلارك'' في نيوزيلندا و''أنجيلا ميركل'' في ألمانيا المعارك السياسية على قدم المساواة، ولم تتوقع أي واحدة منهما أو تتلق أي معاملة تفضيلية لأنها امرأة· ويا له من فرق مع ''هيلاري كلينتون''! فالجميع يدرك المحسوبية والمحاباة التي استفادت منها ''هيلاري''؛ وفي هذا السياق، كتبت ''مورين داود'' -كاتبة عمود بصحيفة ''نيويورك تايمز''- تقول: لولا زواجها -من الرئيس بيل كلينتون-، لكانت ''هيلاري'' مرشحة لرئاسة كلية ''فاسار'' للفنون، وليس لرئاسة الولايات المتحدة· قبل سبــع سنـــوات، ظهرت ''هيـــلاري كلينتــون'' في نيويــورك -وهي ولاية لا تجمعها بها علاقة وثيقة- طامحةً في أن تصبح عضواً في مجلس الشيوخ، وتحظى بتأييد جماهيري، ولاسيما بعد أن قرر عمدة مدينة نيويورك السابق ''رودي جولياني'' عدم التنافس معها؛ غير أن اللافت هو أنه حتى تلك اللحظة، لم يكن قد سبق لـ''هيلاري كلينتون'' أن فازت أو سعت وراء منصب انتخابي، لا في مجلس النواب ولا في برلمان إحدى الولايات الأميركية؛ كما لم يسبق لها أن شغلت أي منصب في الجهاز التنفيذي؛ وكانت المهمة السياسية الوحيدة التي أوكلت لها في حياتها هي الإصلاح الصحي حين كان زوجها رئيساً للولايات المتحدة، ولكنها لم تعرف كيف تديره· قد تبدو ''الديمقراطية في أميركا''، ناهيك عن المساواة أو الدفاع عن حقوق المرأة في الولايات المتحدة، غريبة ومختلفة أحياناً من الخارج؛ لقد رأينا كيف عُينت ''جين كينيدي سميث'' سفيرة إلى ''دبلن'' (سفيرة سيئة) لأنها اشتهرت بكونها أختا للرئيس، ثم ''باميلا ديغبي هاريمان'' سفيرة إلى باريس (سفيرة جيدة) لأنها اشتهرت بكونها سيدة مجتمع· واليوم أصبحت ''هيلاري كلينتون'' رئيســة محتملــة'' لأنها اشتهرت بكونها زوجة (زوجة خانها زوجها من قبل)· وإذا كانت أوروبا قد تبنت منذ زمن طويل المبدأ الليبرالي -للقرن التاسع عشر- الذي يقول إن ''المناصب تُفتح أمام المواهب''، ألم يحن الوقت بعد -في القرن الحادي والعشرين- كي تقوم الولايات المتحدة التي أسِّست على أساس أن جميع البشر سواسية، بتدارك ما فات؟ كاتب وصحفي بريطاني ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©