الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاكمة عادلة··· للجميع

9 أكتوبر 2007 00:09
يدرك الأميركيون أن الحكومة لا تستطيع حبس أصدقائهم أو جيرانهم من دون تفسير مسبق يوضح سبب الاعتقال، أو من دون عرضهم أمام المحكمة، لكن هل يمكننا الاستمرار في تطبيق ذلك الحق عندما نتحدث عن الأشخاص المتهمين بارتكاب أعمال إرهابية تستهدف أميركيا؟! لقد رفضت السلطة التنفيذية والكونجرس الأميركي، طيلة الخمس سنوات الأخيرة، منح المقاتلين الأجانب حق المثول أمام المحاكم الفيدرالية، وتركوا ليتدبروا أمرهم في معتقل ''جوانتانامو'' بعيداً عن الإشراف القضائي· وفي الشهر الماضي، فشل أعضاء مجلس الشيوخ بهامش ضئيل في التصويت ضد هذه الاستراتيجية التي تمنع المتهمين بالإرهاب التمتع بحقوقهم القانونية· لكن بالإضافة إلى المشرعين الأميركيين المنخرطين في النقاش، هناك أيضا عموم الرأي العام الأميركي الذي يهمه تحديد موقفه والمساهمة في بلورة رؤية حول الموضوع· من أبرز القضايا التي تطالعنا في النقاش القانوني الجاري حالياً، مبدأ المحاكمة العادلة أمام المحاكم وإنصات القضاء مباشرة إلى المتهم؛ فالمحاكمة العادلة حق قانوني راسخ في التقاليد الأميركية، وأحد أهم مبادئ العدالة المميزة للمجتمعات الحرة، والمجتمع الأميركي من ضمنها· بكفالة حق المحاكمة العادلة للمواطنين، تتأكد الحكومة أنها تحتجز الأشخاص المذنبين فعلا، وبأنها لا تعتقل الأشخاص الأبرياء سواء خطأ، أو عن قصد· غير أن أهم ما توفره المحاكمة العادلة هو أن الاستماع إلى المتهم يتسنى من خلاله للقاضي إما الإفراج عن المتهم إذا تبينت براءته، أو إبقاؤه خلف القضبان إذا ثبت العكس· وفي تحسن ملموس أكدت المحاكم الأميركية منذ هجمات 11 سبتمبر أن لهم الحق في مراجعة الادعاءات القانونية للأفراد المعتقلين، لكن قبل أن تقود هذه الممارسة إلى محاكمة عادلة صوت الكونجرس مرتين لتغيير هذه القواعد· فبعد أن قررت المحكمة العليا منح المقاتلين الأجانب حق عرض قضاياهم أمام المحاكم الفيدرالية، مرر الكونجرس الأميركي في السنة الماضية قانون اللجان العسكرية يحظر على المحاكم فيه النظر في قضايا المعتقلين· لكن لماذا يتعين على الأميركيين حماية حقوق أشخاص عقدوا العزم على تدمير أميركا؟ الواقع أن هناك العديد من الأسباب، أهمها أن الدفاع عن سيادة القانون تعد أفضل طريقة لحماية المجتمع الأميركي وقيمه المؤسسة؛ وبالطبع يتعين الاستمرار في مكافحة الإرهاب وضمان أمن واستقرار البلد، لكن في النهاية ستتراجع الشروط التي تشجع على الإرهاب في الوقت الذي تترسخ فيه قيم العدالة واحترام حقوق الإنسان في العالم· كما أن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لتعزيز سيادة القانون ستفقد مصداقيتها عندما سيشاهد الرأي العام الدولي كيف أن أميركا لا تتمسك بالقيم التي تسعى إلى ترويجها في العالم· لقد حذر أربعة ضباط أميركيين متقاعدين من اللجان العسكرية التي استحدثها الكونجرس -للبت في قضايا المعتقلين على خلفية الإرهاب- لأنها ستزيد من خطر اعتقال أشخاص أميركيين في الخارج واعتقالهم من دون إشراف قضائي؛ ويرى بعضهم أن الضرورة العسكرية تجعل من المحاكم المدنية ترفاً لا يمكن توفيره للمتهمين بالإرهاب؛ والحقيقة أنه حتى إسرائيل التي تتعرض لهجمات داخل أراضيها تعرض المعتقلين أمام المحاكم· وإذا كان هناك من أمر إيجابي حصل في الآونة الأخيرة، فهو محاولة الكونجرس الأميركي التصويت لصالح الإشراف القضائي على قضايا الإرهاب بمساندة من المحكمة العليا، التي نصت على ضرورة اضطلاع المحاكم الفيدرالية بدورها· ولضمان حق الأفراد في المثول أمام المحاكم والسماع إلى شهادتهم، استطاع المجتمع الحفاظ على حقوقه لأزيد من ثمانية قرون، منذ أن أُقر حق المحاكمة العادلة كمبدأ قانوني أصيل· لذا ومهما كانت الظروف استثنائية بسبب خطر الإرهاب، يبقى الحصول على محاكمة عادلة حقا يستحق التمسك به سواء للأصدقاء، أو الأعداء· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©